بسم الله الرحمن الرحيم
قطاع الانشاءات و جائحة فيروس كرونا حقائق و ارقام (3-6)
دكتور مهندس مستشار مالك علي محمد دنقلا
في المقالين السابقين اوضحنا الىثار المدمرة لفايروس كرونا علي صناعة التشييد و بالأخص فيما يتعلق بنقص مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي المحلي و فقدان العمالة لوظائفهم و ارتفاع معدل البطالة بالارقام.
و نتناول في هذا المقال التوجيهات التي صدرت لأعمال التشييد في المستقبل القريب ، بما في ذلك بروتوكولات السلامة الجديدة والمسافة الاجتماعية لطواقم موقع العمل.
تم تطوير التوجيه بمساعدة الجمعية العامة للمقاولين في كندا، حيث يجب أن تحافظ جميع المشاريع الإنشائية على تواجد محطات لغسل الأيدي وتعقيمها للعاملين، ويجب أن تحدد كل شركة "مسؤول سلامة جائحة" لكل مشروع أو موقع عمل في المشاريع الكبيرة ، وأن يكون لكل مقاول ضابط سلامة في الموقع و ان تقتصر مشاريع البناء السكنية على أربعة أفراد كحد أقصى في موقع العمل في أي وقت في المشاريع التجارية ، ويعتمد عدد الأشخاص المسموح بهم على حجم الموقع المرفق و تحث الشركات بشدة على وضع خطة سلامة مكتوبة لكل موقع عمل ، و يُطلب من أصحاب العمل الحفاظ على مسافة لا تقل عن 6 أقدام بين جميع العمال "ما لم تتطلب سلامة الجمهور أو العمال زيادة المسافة" وكذلك يجب على أصحاب العمل قصر جميع التجمعات على ما لا يزيد عن 10 أشخاص مطلوبة في مناوبات متقطعة ، ووضع فواصل في مناطق العمل حيثما أمكن ذلك.
ووسط العديد من عمليات الإغلاق ، ينسحب العديد من مقاولي الباطن من الوظائف حيث لا يمكنهم تلبية المعايير الصحية - وهذا يخلق نقصًا ملحوظا ، كما ان العديد من الشركات تواجه مستقبلا مجهولا مع إغلاق المشروعات، فما الذي يجب أن يفعله المقاولون وما الذي ينبغي عليهم مواجهته والتغلب عليه؟
اعتاد المقاولون بالطبع على المخاطرة، ومواجهة العديد من المشاكل والمعوقات سواء نقص السيولة او العمالة او ارتفاع اسعار الخامات اوتصاعد الرسوم الجمركية ، وغيرها ولكن هذا العام 2020 واجهت الصناعة تحدي جديد بل اخطر التحديات في تاريخها حيث يري الخبراء إن تداعيات فيروس كورونا هي تحدي آخر شديد التاثير على شركات التشييد ، وستكون له نتائج سلبية بالغة الخطورة.
فالتحديات الجديدة بالنسبة لشركات البناء اصبحت بالغة التعقيد حيث انها لم تقتصر علي كونها تحديات اقتصادية فقط تتعلق بنقص السيولة او ارتفاع الاسعار وخلافه، ولكن اضيف تحديا جديدا وهو التحدي الصحي اي كل ما يتعلق بصحة وسلامة العاملين في هذه الشركات ، وتحدي نفسي نشأ من جراء القلق والخوف والصدمات والازمات النفسية التي سببتها تفشي الوباء حيث ابلغ اصحاب الاعمال عن انتشار المشاكل النفسية والاضطرابات الذهنية بين الموظفين كاثر من آثار ذلك الفيروس، وبالتالي علي الشركات توفير عوامل الصحة العقلية لموظفيهم أيضًا لمنع المزيد من الانهيار.
كما أن نقص المقاولين المتخصصين مثل عمال الميكانيكا والكهرباء يمكن أن يسبب اضطرابًا إضافيًا لأن هذا النوع من العمالة ليس من السهل توفيرهم او استبدالهم خاصة في الدول التي تضع قوانين صارمة لنوعيات ومستويات العمالة المتخصصة كما تسببت جهود الاحتواء والحجر الصحي في الحكومة الصينية في إبطاء أو إغلاق المصانع في عشرات المدن والمقاطعات في البلاد ، مما أدى إلى توقعات بانخفاض حاد في إنتاج كل شيء من السيارات إلى الهواتف الذكية و عليه بالنسبة إلى شركات التشييد التجارية التي تعتمد على سلع أو مواد صينية الصنع ، سوف يعني هذا ارتفاع كبير في تكاليف المواد اللازمة وبالتالي التعثر في استكمال المشروعات او تنفيذها بشكل أبطأ.
ومثال علي هذا لو نظرنا الي شركات التشييد الأمريكية والتي تعتمد علي الكثير من مدخلات الصناعة من الصين لانخفاض اسعارها بدءا من الحديد و الفولاذ والحجر إلى المطاحن وتركيبات السباكة الخ، وبحسب التقديرات المتحفظة ، فإن ما يقرب من 30 ٪ من جميع واردات منتجات البناء الأمريكية تأتي من الصين ، بل ان بعض شركات البناء الأمريكية تعتمد على الصين فيما يصل إلى 80 ٪ من مدخلات البناء والتشييد، وهو ما ادي باتحاد المقاولين الأمريكي ان يطلب من اعضاءه البحث بقوة عن موردين بديلين في الولايات المتحدة أو في البلدان التي لم تتأثر سلبًا بانقطاعات سلسلة التوريد الرئيسية.
عامة ليس هناك ادني شك في أن عصر ما بعد الفيروس التاجي مختلف عما قبله تماما حيث سيترك تأثيرًا دائمًا واوضاعا جديدة على مختلف الصناعات ومن بينها بالطبع صناعة التشييد ، كما ان هناك إجراءات يمكن لشركات البناء اتخاذها لمساعدتها بمجرد انتهاء الوباء.
في المقال القادم نتناول العوامل الأخرى التي يجب ان تتداركها شركات المقاولات و التشييد في ظل جائحة فيروس كرونا، للحيلولة دون وقوع انهيار قد يُحدث أضراراً أكبر من تلك المتوقعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق