مهندس مستشار مالك علي دنقلا
تعتبر صناعة التشييد من الصناعات المهمة في اقتصاديات أي دولة إذ يعرَّف قطاع البناء والتشييد بأنه مجموع الأنشطة المتعلقة بالتخطيط والتصميم والتنفيذ للمشروعات الإنشائية لمختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية في الدولة بكافة أنواعها كالمدارس والجامعات وملحقاتها والمصانع والمؤسسات الصناعية والمباني الإدارية والمستشفيات والمنشآت الصحية والتجارية العامة والخاصة والرياضية والسياحية ومافي حكمها ، وكذلك مباني القطاع الخاص والبنى التحتية كالطرق والجسور والأنفاق والعبارات وشبكات الصرف الصحي والمياه والخزانات ومحطات التنقية ومحطات المعالجة ومحطات الضخ وما شابهها ، وكذلك السدود والمنشآت المائية ومنشآت توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية والسكك الحديدية والمطارات وكل المنشآت المشابهة .
لقد أثبتت الدراسات الخاصة بصناعة التشييد في السودان وجود ستة عشر عاملاً مؤثراً على صناعة التشييد تتمثل في تنظيم القطاع ونقل التكنولوجيا والعولمة والمؤشرات الاقتصادية والشراكة بين القطاعين العام والخاص والكوادر المهنية والتدريب والتاهيل وتناظم القوانين والشفافية والتوزيع العادل للمشاريع والاستثمار الأجنبي المباشر وتوفر مواد البناء المحلية وانتاجها وهجرة الكوادر المدربة والتعليم الهندسي والبيئة التنافسية والبحث والتطوير وتوفر البني التحتية للقطاع ، حيث أن ثلاثة من هذه العوامل ترتبط بعوامل خارجية كالعولمة والاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التكنولوجيا .
ودرجت وزارة الخارجيّة من خلال كوادرها المميزة والممتازة وعبر مبادراتها المتعددة على إقامة المنتديات الاقتصادية بمختلف دول العالم للتبشير بالبيئة الاستثمارية الواعدة والبكر بالسودان في مجالات التنمية العمرانية ومشاريع البنى التحتية وكل ذلك فى تناسق تام مع القطاع الخاص مبشرة بالتجارب الناجحة للمستثمرين الأجانب بالسودان.
وظلت السفارات بالخارج تمثل حلقة وصل مهمة ما بين الداخل والخارج ومن خلال تفعيل دور الدبلوماسية الاقتصادية الذي يتم من خلال محورين ، أولهما إعادة دوران عجلة الإنتاج والثاني جذب الاستثمارات الأجنبية عن طريق اللقاءات التي يجريها القائمون على الملحقيات الاقتصادية في الخارج مع الشركات والمؤسسات الاقتصادية في البلدان المكلفين بالعمل فيها والتنسيق مع وزارة الخارجية والفعاليات الاقتصادية في الداخل . ورغم أن الدبلوماسية الاقتصادية ساهمت وبشكلٍ كبير في التنمية واكتشاف أسواق ومشاركة بلادنا في تظاهرات اقتصادية وتجارية واستقطاب رؤوس الأموال والمستثمرين وكذلك عمل سلطة الإشراف كخلية نحل من خلال توفير هبات وقروض ميسرة لفائدة بلادنا ، إلا أنه يمكننا القول أن ما تفتقده الدبلوماسية الاقتصادية في هذا الوقت هو نقص التنسيق السريع بين الدبلوماسيين والهياكل الممثلة للقطاع الخاص والوزارات المعنية وبالتالي فإن الاستفادة منها تتطلب أولاً ، خلق ديناميكية على مستوى البعثات الدبلوماسية وتنشيط دورها وتحديد أهدافها في كل القطاعات المعنية ، وكما هو معروف فان التصدير والتجارة الخارجية تتطلب استراتيجية واضحة وأهدافاً قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى ورسم خطة تحدد عمل المتداخلين كافةً . وحري بنا القول كذلك أن الدبلوماسية الاقتصادية خُلقت من أجل التنمية لذا يجب تفعيلها ودعمها بالامكانيات اللوجستية لتمكينها من استقطاب الاستثمارات وتسويق المنتوج السوداني بالأسواق الخارجية ، كما أنه لا بد من العمل على تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية وتذليل الصعوبات الموجودة بين الطرفين في المجالات المختلفة.
وقد أتاحت لنا وزارة الخارجية فى وقتٍ سابق فرصة لزيارة ناجحة قمنا بها إلى سنغافورة للاطلاع على تجربتها في مجال صناعة التشييد وتعرفنا من خلالها بأن مجلس تطوير صناعة التشييد بسنغافورة الذي أنشئ فى العام 1999م ويضطلع بمسؤلية تنظيم وتطوير المقاولين وبيوت الخبرة و تصدير المقاولات يؤمن على أن المباني في سنغافورة يتم تصميمها وصيانتها وفقاً لمعايير السلامة العالية من خلال نظامها التنظيمي للبناء ، ويشرف المجلس على الموافقة على خطط البناء والخطط الهيكلية، والتفتيش الهيكلي الدوري للمباني القائمة، وتنظيم أعمال الحفر، وملاجئ الدفاع المدني، والسمات الخارجية للمباني، وعلامات الإعلان في الهواء الطلق ، وعلاوة على ذلك، تفرض إدارة البناء والتشييد اللوائح المتعلقة بالمباني الخطرة وأعمال البناء غير المصرح بها كما أنها مسؤولة عن ترخيص البنائين المتخصصين، لضمان المعايير المهنية لأعمال البناء . كما تشارك إدارة البناء والتشييد بالمجلس في رفع جودة البيئة المبنية في سنغافورة من خلال مبادرات مختلفة، مثل نظام تقييم جودة البناء (كونكواس) وعلامة الجودة . كما يقوم المجلس بالإشراف على المعيار الواقعي لقياس نوعية صنعة البناء وفي ذات الوقت تقييم الجودة وتقييم صنعة الوحدات السكنية الفردية ، كما تعمل إدارة البناء والتشييد على تشجيع استخدام تكنولوجيات المباني الخضراء وتصاميمها من خلال المخطط الرئيسي للمباني الخضراء والمبادرات المختلفة . وفي إطار المخطط الرئيسي الثاني للمبنى الأخضر الذي تم إطلاقه في عام 2009م يسعى المجلس إلى تحقيق الهدف الوطني المتمثل في تخضير 80٪ على الأقل من المباني في سنغافورة بحلول عام 2030م . كما تم إطلاق مخطط بي سي سي جرين مارك في عام 2005م لتعزيز الاستدامة في البيئة المبنية ورفع الوعي البيئي بين المطورين والمصممين والبنائين وتقييم مدى ملاءمة البيئة وكفاءة الطاقة في المباني .
كما أوضحت لنا الزيارة أن إدارة البناء والتشييد بسنغافورة وضعت العديد من المخططات للمساعدة في رفع مستوى المهارات في صناعة البناء والتشييد والمهنية، وتصميم وبناء القدرات والخبرات المتخصصة، وتصدير الخدمات المتعلقة بالبناء ومن الأمثلة على ذلك نظام تسجيل تجارة الحرفيين (كوريتريد) لإنشاء قاعدة أساسية من رجال التجارة والحرفيين وأكاديمية البيئة البحرية (بكا) لتطوير قوة عاملة محترفة وتشجيع اعتماد تكنولوجيات مبتكرة . وتتيح شركة بكا إنترناشونال، وهي شركة تابعة مملوكة بالكامل من قبل بنك البحرين والكويت، الطريق لشركات البناء المحلية لتقديم نطاق كامل من الخبرة والخدمات ذات القيمة المضافة لمساعدة الحكومات والعملاء في الخارج لتطوير بيئات ممتازة . كما أنشأت إدارة التشييد معارض إنتاجية للبناء ومركزاً للإنشاءات لتقديم المشورة لشركات البناء حول أحدث تقنيات البناء وعمليات إعادة الهندسة لتحقيق الوقت وتوفير العمالة ، ويتماشى ذلك مع محرك الإنتاجية الوطنية في سنغافورة .
اما التجربة الثانية التي اتاحت لنا وزارة الخارجية الاطلاع عليها فهي التجربة الهندية ، حيث وجدنا أن قطاع الإنشاءات بالهند يعتبر من القطاعات الواعدة وأحد المؤشرات الهامة للتنمية نسبة لما يوفره من فرص استثمارية للدول المختلفة ، حيث أن حجم السوق في هذا القطاع بالهند يتجاوز الـ 37 مليار دولار ويستوعب حوالي 32 مليون عامل ويعتبر ثاني أكبر قطاع بعد الزراعة ، بجانب أن قطاع التشييد بالهند يعتبر أحد خمس وعشرين قطاعاً اعتمدتها الهند في استراتيجيتها ومبادرتها لتعظيم الصادرات الهندية .
اما التجربة الثالثة التي اطلعنا عليها هي التجربة الكورية حيث يقاس نجاح كوريا الجنوبية في قطاع البناء في كونها فكرت ومنذ عام 1960م بتأسيس قطاع البناء كتخصص اقتصادي، ووضع اللبنات الأولى له، وأهمها توطين الأيدي العاملة الوطنية وتدريبها وتأهيلها . ويقوم على تنظيم القطاع وزارة الأرض والبنية التحتية ( نفس التنظيم في اليابان) وهو المؤسسة شبه الحكومية الوحيدة التي تمثل رغبات الشركات الكورية بأية أمور تتعلق بقطاع البناء دولياً .ومن أهم ما تقوم به المؤسسة، هو إنشاء قاعدة المعلومات والبحث العلمي الكثيف لأسواق البناء والتشييد الدولية ونشرها للشركات الأعضاء . وكانت رؤية الوزارة هي بناء الثقة بين المواطنين عن طريق عمل مجهودات مخلصة لتكون هيئة قيادية لخدمة المواطنين لحياة سعيدة ، وتحصل على ثقة عالية من الناس عن طريق توفير بيئة لحياة راقية، ومواصلات مناسبة وخدمات مساندة . وقد نجحت كوريا أيما نجاح في التخطيط المسبق للتحول من مجتمع زراعي إلى دولة صناعية كبرى تستطيع توفير الرفاهية للمجتمع الكوري، وهذا التخطيط هو حجر الأساس لنجاح جمهورية كوريا في قطاع البناء والتشييد فقد كان اعتمادها على بناء البنية التحتية للدولة والتوجه للتعليم ببناء المدارس والطرق وتوفير الاتصالات لخلق مجتمع صناعي يستطيع المنافسة عالمياً وقد تحقق لها ذلك، وكانت القوى العاملة والاستثمار فيها هي الأولويات لصناعة البناء والتشييد إضافة إلى صناعة مواد البناء وخاصة الحديد. وكانت المحصلة هي خلق قوة عاملة كبيرة من الشباب المتعلم، والذي كان نواة لتنفيذ برامج طموحة لتطوير الدولة وتحويلها إلى مجتمع صناعي حديث.
كما اهتمت الحكومة الكورية بتقنيات البناء، وأسست الاتحاد الكوري لآليات البناء لذلك ، فقد قامت الدولة بدورها في التنمية وتدخلت في تطوير قطاع البناء والتشييد حيث أن المؤسسات الخاصة في الدولة لم يكن لديها القدرات أوالموارد لتحقيق ذلك، ونتج عن ذلك تكتل من الدولة والمؤسسات الخاصة وصناعة الحديد والأسمدة والكيميائيات . وسهلت الدولة تمويل استيراد موادالبناء والخامات الأولية والتمويل وتوقعت أن وجود القوى العاملة لديها، يمكنها من الحصول على صناعات أقل تكلفة وبجودة عالية، وتسويقها ومنافسة غيرها بسهولة، وتدوير العائدات في الدولة لسداد الديون وتوفير المعيشة للمواطنين . ويلعب القطاع البنكي دوراً مهماً في التنمية والاقتصاد في كوريا، ولكن دوره الأكبر كان في تنمية وتسهيل أعمال قطاع البناء والتشييد وخاصة شركات المقاولات ، كما أنه قطاع متعدد المؤسسات، فيوجد في كوريا أكثرمن (24) بنكاً محليا للقطاع و ( 72 ) فرعاً لبنوك أجنبية. وارتبطت كوريا الجنوبية مع الكثير من الدول باتفاقيات منظمة التعاون التجاري. فقد وقعت في عام 2009م اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهي اتفاقيات تعمل بها وتفعلها الحكومة الكورية بجدية ونشاط(ITA, 2011) . ومنذ عام 1999م تزعمت كوريا مع مجموعة من الدول، حملة قوية لبرامج المباني الخضراء تسميها “النمو الأخضر” حيث وضعت ومنذ ذاك الحين الكثير من السياسات والاستراتيجيات لكل الصناعات ومنها قطاع البناء والتشييد. كما قامت الدولة بتطوير تقنية المعلومات في إدارة المشاريع، واستعمال تطبيقات لبرامج التحكم في تكلفة المشاريع، وبرامج كمية لجدولة المشاريع والقيمة المكتسبة ، ولعلي أذكر هنا أنه يمكن الاستفادة من التجربة الكورية بضرورة وجود العمالة الوافدة المدربة والمؤهلة وأهمية وجود وزارة متخصصة، كجهة مرجعية أساسية، تنظم وتعنى وتشرف على أنشطة القطاع والاهتمام بتطوير تقنيات وصناعة مواد البناء والتشييد وضرورة دعم الدولة للقطاع من خلال تكامل أنشطة مؤسسات وشركات القطاعين العام والخاص العاملة في القطاع وتنشيط دور فاعل ومتنوع للقطاع المصرفي في تمويل أعمال البناء والمقاولات.
ان قطاع الانشاءات من القطاعات التي يمكن أن تعود علي الدولة بعملات صعبةاُستخدمت كل الإمكانيات وتم تسخيرها بشكل صحيح ، بالاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال المشابهة منها والقريبة إلينا ، فيمكن النظر الى تجربة الشقيقة مصر في إنشاء شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح وأداءها في أفريقيا .
وبالرجوع الي موقع (ENR) الموقع المتخصص والمختص بالإحصاءات في مجال الإنشاءات ، نجد أن دوله مثل تركيا تنال المرتبة الثانية عالمياً في عدد شركات المقاولات التي تصدر خدماتها عالمياً كما مبين في الجدول التالي :
تعتبر صناعة التشييد من الصناعات المهمة في اقتصاديات أي دولة إذ يعرَّف قطاع البناء والتشييد بأنه مجموع الأنشطة المتعلقة بالتخطيط والتصميم والتنفيذ للمشروعات الإنشائية لمختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية في الدولة بكافة أنواعها كالمدارس والجامعات وملحقاتها والمصانع والمؤسسات الصناعية والمباني الإدارية والمستشفيات والمنشآت الصحية والتجارية العامة والخاصة والرياضية والسياحية ومافي حكمها ، وكذلك مباني القطاع الخاص والبنى التحتية كالطرق والجسور والأنفاق والعبارات وشبكات الصرف الصحي والمياه والخزانات ومحطات التنقية ومحطات المعالجة ومحطات الضخ وما شابهها ، وكذلك السدود والمنشآت المائية ومنشآت توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية والسكك الحديدية والمطارات وكل المنشآت المشابهة .
لقد أثبتت الدراسات الخاصة بصناعة التشييد في السودان وجود ستة عشر عاملاً مؤثراً على صناعة التشييد تتمثل في تنظيم القطاع ونقل التكنولوجيا والعولمة والمؤشرات الاقتصادية والشراكة بين القطاعين العام والخاص والكوادر المهنية والتدريب والتاهيل وتناظم القوانين والشفافية والتوزيع العادل للمشاريع والاستثمار الأجنبي المباشر وتوفر مواد البناء المحلية وانتاجها وهجرة الكوادر المدربة والتعليم الهندسي والبيئة التنافسية والبحث والتطوير وتوفر البني التحتية للقطاع ، حيث أن ثلاثة من هذه العوامل ترتبط بعوامل خارجية كالعولمة والاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التكنولوجيا .
ودرجت وزارة الخارجيّة من خلال كوادرها المميزة والممتازة وعبر مبادراتها المتعددة على إقامة المنتديات الاقتصادية بمختلف دول العالم للتبشير بالبيئة الاستثمارية الواعدة والبكر بالسودان في مجالات التنمية العمرانية ومشاريع البنى التحتية وكل ذلك فى تناسق تام مع القطاع الخاص مبشرة بالتجارب الناجحة للمستثمرين الأجانب بالسودان.
وظلت السفارات بالخارج تمثل حلقة وصل مهمة ما بين الداخل والخارج ومن خلال تفعيل دور الدبلوماسية الاقتصادية الذي يتم من خلال محورين ، أولهما إعادة دوران عجلة الإنتاج والثاني جذب الاستثمارات الأجنبية عن طريق اللقاءات التي يجريها القائمون على الملحقيات الاقتصادية في الخارج مع الشركات والمؤسسات الاقتصادية في البلدان المكلفين بالعمل فيها والتنسيق مع وزارة الخارجية والفعاليات الاقتصادية في الداخل . ورغم أن الدبلوماسية الاقتصادية ساهمت وبشكلٍ كبير في التنمية واكتشاف أسواق ومشاركة بلادنا في تظاهرات اقتصادية وتجارية واستقطاب رؤوس الأموال والمستثمرين وكذلك عمل سلطة الإشراف كخلية نحل من خلال توفير هبات وقروض ميسرة لفائدة بلادنا ، إلا أنه يمكننا القول أن ما تفتقده الدبلوماسية الاقتصادية في هذا الوقت هو نقص التنسيق السريع بين الدبلوماسيين والهياكل الممثلة للقطاع الخاص والوزارات المعنية وبالتالي فإن الاستفادة منها تتطلب أولاً ، خلق ديناميكية على مستوى البعثات الدبلوماسية وتنشيط دورها وتحديد أهدافها في كل القطاعات المعنية ، وكما هو معروف فان التصدير والتجارة الخارجية تتطلب استراتيجية واضحة وأهدافاً قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى ورسم خطة تحدد عمل المتداخلين كافةً . وحري بنا القول كذلك أن الدبلوماسية الاقتصادية خُلقت من أجل التنمية لذا يجب تفعيلها ودعمها بالامكانيات اللوجستية لتمكينها من استقطاب الاستثمارات وتسويق المنتوج السوداني بالأسواق الخارجية ، كما أنه لا بد من العمل على تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية وتذليل الصعوبات الموجودة بين الطرفين في المجالات المختلفة.
وقد أتاحت لنا وزارة الخارجية فى وقتٍ سابق فرصة لزيارة ناجحة قمنا بها إلى سنغافورة للاطلاع على تجربتها في مجال صناعة التشييد وتعرفنا من خلالها بأن مجلس تطوير صناعة التشييد بسنغافورة الذي أنشئ فى العام 1999م ويضطلع بمسؤلية تنظيم وتطوير المقاولين وبيوت الخبرة و تصدير المقاولات يؤمن على أن المباني في سنغافورة يتم تصميمها وصيانتها وفقاً لمعايير السلامة العالية من خلال نظامها التنظيمي للبناء ، ويشرف المجلس على الموافقة على خطط البناء والخطط الهيكلية، والتفتيش الهيكلي الدوري للمباني القائمة، وتنظيم أعمال الحفر، وملاجئ الدفاع المدني، والسمات الخارجية للمباني، وعلامات الإعلان في الهواء الطلق ، وعلاوة على ذلك، تفرض إدارة البناء والتشييد اللوائح المتعلقة بالمباني الخطرة وأعمال البناء غير المصرح بها كما أنها مسؤولة عن ترخيص البنائين المتخصصين، لضمان المعايير المهنية لأعمال البناء . كما تشارك إدارة البناء والتشييد بالمجلس في رفع جودة البيئة المبنية في سنغافورة من خلال مبادرات مختلفة، مثل نظام تقييم جودة البناء (كونكواس) وعلامة الجودة . كما يقوم المجلس بالإشراف على المعيار الواقعي لقياس نوعية صنعة البناء وفي ذات الوقت تقييم الجودة وتقييم صنعة الوحدات السكنية الفردية ، كما تعمل إدارة البناء والتشييد على تشجيع استخدام تكنولوجيات المباني الخضراء وتصاميمها من خلال المخطط الرئيسي للمباني الخضراء والمبادرات المختلفة . وفي إطار المخطط الرئيسي الثاني للمبنى الأخضر الذي تم إطلاقه في عام 2009م يسعى المجلس إلى تحقيق الهدف الوطني المتمثل في تخضير 80٪ على الأقل من المباني في سنغافورة بحلول عام 2030م . كما تم إطلاق مخطط بي سي سي جرين مارك في عام 2005م لتعزيز الاستدامة في البيئة المبنية ورفع الوعي البيئي بين المطورين والمصممين والبنائين وتقييم مدى ملاءمة البيئة وكفاءة الطاقة في المباني .
كما أوضحت لنا الزيارة أن إدارة البناء والتشييد بسنغافورة وضعت العديد من المخططات للمساعدة في رفع مستوى المهارات في صناعة البناء والتشييد والمهنية، وتصميم وبناء القدرات والخبرات المتخصصة، وتصدير الخدمات المتعلقة بالبناء ومن الأمثلة على ذلك نظام تسجيل تجارة الحرفيين (كوريتريد) لإنشاء قاعدة أساسية من رجال التجارة والحرفيين وأكاديمية البيئة البحرية (بكا) لتطوير قوة عاملة محترفة وتشجيع اعتماد تكنولوجيات مبتكرة . وتتيح شركة بكا إنترناشونال، وهي شركة تابعة مملوكة بالكامل من قبل بنك البحرين والكويت، الطريق لشركات البناء المحلية لتقديم نطاق كامل من الخبرة والخدمات ذات القيمة المضافة لمساعدة الحكومات والعملاء في الخارج لتطوير بيئات ممتازة . كما أنشأت إدارة التشييد معارض إنتاجية للبناء ومركزاً للإنشاءات لتقديم المشورة لشركات البناء حول أحدث تقنيات البناء وعمليات إعادة الهندسة لتحقيق الوقت وتوفير العمالة ، ويتماشى ذلك مع محرك الإنتاجية الوطنية في سنغافورة .
اما التجربة الثانية التي اتاحت لنا وزارة الخارجية الاطلاع عليها فهي التجربة الهندية ، حيث وجدنا أن قطاع الإنشاءات بالهند يعتبر من القطاعات الواعدة وأحد المؤشرات الهامة للتنمية نسبة لما يوفره من فرص استثمارية للدول المختلفة ، حيث أن حجم السوق في هذا القطاع بالهند يتجاوز الـ 37 مليار دولار ويستوعب حوالي 32 مليون عامل ويعتبر ثاني أكبر قطاع بعد الزراعة ، بجانب أن قطاع التشييد بالهند يعتبر أحد خمس وعشرين قطاعاً اعتمدتها الهند في استراتيجيتها ومبادرتها لتعظيم الصادرات الهندية .
اما التجربة الثالثة التي اطلعنا عليها هي التجربة الكورية حيث يقاس نجاح كوريا الجنوبية في قطاع البناء في كونها فكرت ومنذ عام 1960م بتأسيس قطاع البناء كتخصص اقتصادي، ووضع اللبنات الأولى له، وأهمها توطين الأيدي العاملة الوطنية وتدريبها وتأهيلها . ويقوم على تنظيم القطاع وزارة الأرض والبنية التحتية ( نفس التنظيم في اليابان) وهو المؤسسة شبه الحكومية الوحيدة التي تمثل رغبات الشركات الكورية بأية أمور تتعلق بقطاع البناء دولياً .ومن أهم ما تقوم به المؤسسة، هو إنشاء قاعدة المعلومات والبحث العلمي الكثيف لأسواق البناء والتشييد الدولية ونشرها للشركات الأعضاء . وكانت رؤية الوزارة هي بناء الثقة بين المواطنين عن طريق عمل مجهودات مخلصة لتكون هيئة قيادية لخدمة المواطنين لحياة سعيدة ، وتحصل على ثقة عالية من الناس عن طريق توفير بيئة لحياة راقية، ومواصلات مناسبة وخدمات مساندة . وقد نجحت كوريا أيما نجاح في التخطيط المسبق للتحول من مجتمع زراعي إلى دولة صناعية كبرى تستطيع توفير الرفاهية للمجتمع الكوري، وهذا التخطيط هو حجر الأساس لنجاح جمهورية كوريا في قطاع البناء والتشييد فقد كان اعتمادها على بناء البنية التحتية للدولة والتوجه للتعليم ببناء المدارس والطرق وتوفير الاتصالات لخلق مجتمع صناعي يستطيع المنافسة عالمياً وقد تحقق لها ذلك، وكانت القوى العاملة والاستثمار فيها هي الأولويات لصناعة البناء والتشييد إضافة إلى صناعة مواد البناء وخاصة الحديد. وكانت المحصلة هي خلق قوة عاملة كبيرة من الشباب المتعلم، والذي كان نواة لتنفيذ برامج طموحة لتطوير الدولة وتحويلها إلى مجتمع صناعي حديث.
كما اهتمت الحكومة الكورية بتقنيات البناء، وأسست الاتحاد الكوري لآليات البناء لذلك ، فقد قامت الدولة بدورها في التنمية وتدخلت في تطوير قطاع البناء والتشييد حيث أن المؤسسات الخاصة في الدولة لم يكن لديها القدرات أوالموارد لتحقيق ذلك، ونتج عن ذلك تكتل من الدولة والمؤسسات الخاصة وصناعة الحديد والأسمدة والكيميائيات . وسهلت الدولة تمويل استيراد موادالبناء والخامات الأولية والتمويل وتوقعت أن وجود القوى العاملة لديها، يمكنها من الحصول على صناعات أقل تكلفة وبجودة عالية، وتسويقها ومنافسة غيرها بسهولة، وتدوير العائدات في الدولة لسداد الديون وتوفير المعيشة للمواطنين . ويلعب القطاع البنكي دوراً مهماً في التنمية والاقتصاد في كوريا، ولكن دوره الأكبر كان في تنمية وتسهيل أعمال قطاع البناء والتشييد وخاصة شركات المقاولات ، كما أنه قطاع متعدد المؤسسات، فيوجد في كوريا أكثرمن (24) بنكاً محليا للقطاع و ( 72 ) فرعاً لبنوك أجنبية. وارتبطت كوريا الجنوبية مع الكثير من الدول باتفاقيات منظمة التعاون التجاري. فقد وقعت في عام 2009م اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهي اتفاقيات تعمل بها وتفعلها الحكومة الكورية بجدية ونشاط(ITA, 2011) . ومنذ عام 1999م تزعمت كوريا مع مجموعة من الدول، حملة قوية لبرامج المباني الخضراء تسميها “النمو الأخضر” حيث وضعت ومنذ ذاك الحين الكثير من السياسات والاستراتيجيات لكل الصناعات ومنها قطاع البناء والتشييد. كما قامت الدولة بتطوير تقنية المعلومات في إدارة المشاريع، واستعمال تطبيقات لبرامج التحكم في تكلفة المشاريع، وبرامج كمية لجدولة المشاريع والقيمة المكتسبة ، ولعلي أذكر هنا أنه يمكن الاستفادة من التجربة الكورية بضرورة وجود العمالة الوافدة المدربة والمؤهلة وأهمية وجود وزارة متخصصة، كجهة مرجعية أساسية، تنظم وتعنى وتشرف على أنشطة القطاع والاهتمام بتطوير تقنيات وصناعة مواد البناء والتشييد وضرورة دعم الدولة للقطاع من خلال تكامل أنشطة مؤسسات وشركات القطاعين العام والخاص العاملة في القطاع وتنشيط دور فاعل ومتنوع للقطاع المصرفي في تمويل أعمال البناء والمقاولات.
ان قطاع الانشاءات من القطاعات التي يمكن أن تعود علي الدولة بعملات صعبةاُستخدمت كل الإمكانيات وتم تسخيرها بشكل صحيح ، بالاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال المشابهة منها والقريبة إلينا ، فيمكن النظر الى تجربة الشقيقة مصر في إنشاء شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح وأداءها في أفريقيا .
وبالرجوع الي موقع (ENR) الموقع المتخصص والمختص بالإحصاءات في مجال الإنشاءات ، نجد أن دوله مثل تركيا تنال المرتبة الثانية عالمياً في عدد شركات المقاولات التي تصدر خدماتها عالمياً كما مبين في الجدول التالي :
ففي تركيا على سبيل المثال نجد أن هناك إدارة متخصصة لتأهيل شركات المقاولات لتصدير خدماتها للعالم الخارجي ، وأن حجم العائد منها وما يعود على خزينة الدولة ، كما تم إفادتنا خلال إحدى زياراتنا لتركيا ، يفوق الاثني عشر مليار دولار سنوياً .
نرجو أن يتعافى اقتصادنا قريباً على يد الدبلوماسية الاقتصادية السودانية المحترفة بالتركيز على العوامل التي ذكرناها في صدر المقال ، متمنين التوفيق والسداد لسفرائنا ودبلوماسيينا المنتشرين في أرجاء المعمورة والذين يعملون بلا كلل ولا ملل آناء الليل وأطراف النهار .
***************
مقالة جميلة
ردحذفنحن شركة بيازلي التركية لصناعة ماكينات البلوك والأنترلوك ومصانع الخرسانة
من خلال الرابط التالي يمكنكم الاطلاع على منتجاتنا: http://bit.ly/2NHI6QB
للتواصل والاستفسار: 00905493256669