الاستراتيجية العمرانية الشاملة (3)
مقترحات وتوصيات حول مفهوم النظام التخطيطي الشامل
مهندس مستشار / مالك علي دنقلا
مقترحات وتوصيات حول مفهوم النظام التخطيطي الشامل
مهندس مستشار / مالك علي دنقلا
كما أشرنا فى المقالات السابقة من أهمية قيام المجلس القومي للتنمية العمرانية ، بالبدء في إعداد واستكمال قواعد للبيانات والمعلومات التخطيطية والعمرانية فاننا في هذا المقام يمكن ان نقترح البدء في عدد من المشروعات والبرامج التي تمثل احتياجا حقيقيا للتخطيط العمراني الوطني المعاصر، و من هذه المشروعات مشروع المسح العمراني والبصري للمدن والقرى ومشروع حصر وتصنيف استعمالات الأراضي على المستوى الوطني ومشروع حصر وتحديث وتطوير المخططات العامة والتفصيلية ومشروع توثيق البيانات الأساسية للتنمية العمرانية الشاملة ؛ ويمكن لهذه المشروعات أو ما يتم ترشيحه كأولوية ملحة أن تتم على شكل تعاون مشترك مع أحد الجهات المعنية، أو بالتعاون مع أكثر من جهة واحدة مع أهمية مشاركة جهات أخرى مثل، المحليات ، والولايات ، مجالس حماية البيئة الولائية ، والمكاتب الاستشارية الوطنية، وقطاع الأعمال والمقاولات، والجمعيات المهنية، ومراكز البحوث والهيئات الأكاديمية، ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها من الجهات ،وعلى ضوء هذا التصور المرحلي، لعملية بناء وتطوير الجهاز التخطيطي، يمكن بلورة هذا النظام التخطيطي العصري، ويمكن معه استكشاف واستشراف آفاق مستقبل العمران الشامل على المستوى الوطني، وتحديد الكثير من أشكال التعاون والتنسيق مع كافة الجهات المعنية داخل هذا النظام.
ومن أكثر هذه الأمور إلحاحا في المستقبل القريب هو طبيعة وملامح العلاقة بين المجلس القومي للتنمية العمرانية والجهات المختصة الاخري حيث أن معظم تطبيقات وممارسات التخطيط العمراني المعاصر في هذا المقام على المستوى العالمي تقوم بإعطاء مسؤولية إعداد وتنفيذ المخططات العامة والتفصيلية للمدن والقرى، للبلديات والمجالس المحلية في حين تحتفظ الأجهزة التخطيطية الرسمية، بمسؤولية، مراجعة واعتماد هذه المخططات، ومسؤولية وضع المخططات الإقليمية الإرشادية، والسياسات العامة العمرانية، والسياسات العمرانية القطاعية، وبالطبع تمارس هذه الأجهزة الرسمية مسؤولية وضع الرؤى والمخططات الإستراتيجية على المستوى الوطني، ومسؤولية إعداد واقتراح القوانين والتشريعات ضمن منظومة متكاملة وهذا الأمر يتطلب بالطبع القيام بدراسة أكثر تعمقا وتحليلا، يتم بها دراسة جدوى هذا الفصل في المهام والمسؤوليات، وتحديد الموارد والإمكانات المطلوبة، وخاصة في مجال بناء القدرات والمهارات الأساسية لكوادر الأجهزة التخطيطية على مستوى المحليات، وتحديد الإطار التشريعي والقانوني الذي يحكم هذه العلاقة ، ومن ناحية أخرى، وفي إطار مفهوم النظام التخطيطي الشامل، سوف يصبح المجلس القومي للتنمية العمرانية في وضعية تحتم عليه التعامل مع مفاهيم ومضامين جديدة وحديثة ومعاصرة، لم يتم تناولها قط من قبل، أو على الأقل لم يتم تناولها أو إدراكها بالصورة المطلوبة منها على سبيل المثال مفهوم التنمية المستدامة ومفهوم التقويم البيئي، ومفهوم التخطيط المجتمعي والمشاركة الشعبية، ومفهوم نظام الإدارة المحلية ، ومفهوم منظومة القوانين والتشريعات المتكاملة، ومفهوم التفكير الإبداعي ومجتمع المعلومات والمعرفة ومفهوم التخطيط للتنمية، ومفهوم البحث والتطوير، ومفهوم بناء القدرات والمهارات الأساسية والمتطورة وغيرها من المفاهيم وهذا التعامل يعني، ليس فقط الفهم الواعي والإدراك العميق لأهمية هذه المفاهيم، ولكن يعني في الأساس القدرة على ترجمة هذه المفاهيم إلى مضمون حقيقي داخل العملية التخطيطية ككل، وفي كافة مراحلها بحيث يتم تضمين هذه المفاهيم في كافة الاستراتيجيات والسياسات العامة الإرشادية والسياسات القطاعية وفي كافة مستويات وأنواع المخططات العمرانية ومنظومة القوانين والتشريعات التخطيطية والعمرانية المتكاملة.
ونود هنا التأكيد على حقيقة علمية ومنطقية متعارف عليها وهي أنه لا توجد حلولا سحرية أو وصفات جاهزة لمشاكل وموضوعات ذات خصوصية محلية وإنما ما يمكن السعي إليه هو المزيد من البحث والدراسة المتعمقة والمتأنية لهذه الأوضاع والاستفادة قدر الإمكان من أفضل التجارب والممارسات من ناحية التعرف على كيفية التعامل مع الخبرة المستفادة وذلك حتى يمكن أن نصل إلى الوضعية المطلوبة والكفيلة بضمان تواجد بحوث ودراسات عمرانية محلية وإقليمية، تضع الحلول المطلوبة للأسئلة والمشاكل الحالية، وتضع التصورات والرؤى المتوقعة لعمران المنطقة العربية في المستقبل.
مقترحات وتوصيات
من المقترحات والتوصيات يمكن ان نوجزها فى أهمية الأخذ بمفهوم النظام التخطيطي الشامل بمفاهيمه الفرعية وتطبيقاته العملية، كوسيلة معاصرة وضرورية لتطوير التخطيط العمراني على مستوى الدولة والعمل على دمج مفهوم التنمية المستدامة والمجتمعات المستدامة في صلب العملية التخطيطية العمرانية الشاملة وأهمية إنشاء مراكز رصد حضري ولائية على مستوى كل ولايات السودان وضرورة دمج تشريعات وقوانين البناء والتخطيط العمراني بمفاهيم الاستدامة وأهمية إعداد دلائل إرشادية على مستوى التصميم العمراني .
ان التحدي في وضع استراتيجية قومية شاملة يتمثل في ما ورد من دراسات البنك الدولي والتي تتوقع أن يتضاعف تعداد سكان المناطق الحضرية في 30 عاما (2000-2030)، ليزدادوا ملياري شخص آخرين وستزيد مساحة البناء الحضري 1.2 مليون كيلومتر مربع أي إلى حوالي ثلاثة أمثال مساحة الحضر في العالم عام 2000 ويحدث معظم هذا النمو في مدن البلدان النامية التي تواجه تحديات لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات الأساسية والبنية التحتية وفرص العمل والمساكن الميسورة التكلفة ولاسيما لنحو مليار شخص من فقراء الحضر الذين يعيشون غالبا في مستوطنات عشوائية، وذلك لتحقيق تنمية أكثر احتواءً، وفي الوقت نفسه تفادي بعض الآثار السلبية للتوسع السريع وينشأ أكثر من 80 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي في المدن فإذا أُحسنت إدارة التوسع العمراني يمكن تحقيق النمو المستدام بزيادة الإنتاجية والسماح بظهور ابتكارات وأفكار جديدة وتوفير الطاقة وموارد المياه والأراضي ، وتستهلك المدن أيضا ما يقرب من ثلثي طاقة العالم، ويتطلب بناء مدن "ناجحة" - أي تراعي البيئة، وتتسم بالاحتواء، والمرونة، والقدرة على المنافسة، وتعتمد على قوة الأنظمة والإدارة العامة الحضرية- تنسيقا مكثفا للسياسات وخيارات الاستثمارات وهذا هو جوهر عمل البنك الدولي ، ولتحسين الفهم للتحديات والفرص التي ينطوي عليها الزحف العمراني السريع في البلدان النامية، فلابد من جهود لتعزيز النهج البرامجي ومن شأن القرارات الخاصة بالبنية التحتية والسياسات التي تتخذ اليوم أن تُحدِّد أنماط التنمية الحضرية لعقود قادمة ولابد من استغلال هذه "الفرصة السانحة" لجعل التنمية الحضرية حافزا لنمو مستدام، ومساعدا على تقديم خدمات أساسية ومساكن ووسائل انتقال وفرص عمل ميسورة التكلفة ويُعوَّل عليها، وتحسين نوعية المعيشة للجميع ولاسيما الفقراء والمحرومين.
في الحلقة القادمة نواصل
ومن أكثر هذه الأمور إلحاحا في المستقبل القريب هو طبيعة وملامح العلاقة بين المجلس القومي للتنمية العمرانية والجهات المختصة الاخري حيث أن معظم تطبيقات وممارسات التخطيط العمراني المعاصر في هذا المقام على المستوى العالمي تقوم بإعطاء مسؤولية إعداد وتنفيذ المخططات العامة والتفصيلية للمدن والقرى، للبلديات والمجالس المحلية في حين تحتفظ الأجهزة التخطيطية الرسمية، بمسؤولية، مراجعة واعتماد هذه المخططات، ومسؤولية وضع المخططات الإقليمية الإرشادية، والسياسات العامة العمرانية، والسياسات العمرانية القطاعية، وبالطبع تمارس هذه الأجهزة الرسمية مسؤولية وضع الرؤى والمخططات الإستراتيجية على المستوى الوطني، ومسؤولية إعداد واقتراح القوانين والتشريعات ضمن منظومة متكاملة وهذا الأمر يتطلب بالطبع القيام بدراسة أكثر تعمقا وتحليلا، يتم بها دراسة جدوى هذا الفصل في المهام والمسؤوليات، وتحديد الموارد والإمكانات المطلوبة، وخاصة في مجال بناء القدرات والمهارات الأساسية لكوادر الأجهزة التخطيطية على مستوى المحليات، وتحديد الإطار التشريعي والقانوني الذي يحكم هذه العلاقة ، ومن ناحية أخرى، وفي إطار مفهوم النظام التخطيطي الشامل، سوف يصبح المجلس القومي للتنمية العمرانية في وضعية تحتم عليه التعامل مع مفاهيم ومضامين جديدة وحديثة ومعاصرة، لم يتم تناولها قط من قبل، أو على الأقل لم يتم تناولها أو إدراكها بالصورة المطلوبة منها على سبيل المثال مفهوم التنمية المستدامة ومفهوم التقويم البيئي، ومفهوم التخطيط المجتمعي والمشاركة الشعبية، ومفهوم نظام الإدارة المحلية ، ومفهوم منظومة القوانين والتشريعات المتكاملة، ومفهوم التفكير الإبداعي ومجتمع المعلومات والمعرفة ومفهوم التخطيط للتنمية، ومفهوم البحث والتطوير، ومفهوم بناء القدرات والمهارات الأساسية والمتطورة وغيرها من المفاهيم وهذا التعامل يعني، ليس فقط الفهم الواعي والإدراك العميق لأهمية هذه المفاهيم، ولكن يعني في الأساس القدرة على ترجمة هذه المفاهيم إلى مضمون حقيقي داخل العملية التخطيطية ككل، وفي كافة مراحلها بحيث يتم تضمين هذه المفاهيم في كافة الاستراتيجيات والسياسات العامة الإرشادية والسياسات القطاعية وفي كافة مستويات وأنواع المخططات العمرانية ومنظومة القوانين والتشريعات التخطيطية والعمرانية المتكاملة.
ونود هنا التأكيد على حقيقة علمية ومنطقية متعارف عليها وهي أنه لا توجد حلولا سحرية أو وصفات جاهزة لمشاكل وموضوعات ذات خصوصية محلية وإنما ما يمكن السعي إليه هو المزيد من البحث والدراسة المتعمقة والمتأنية لهذه الأوضاع والاستفادة قدر الإمكان من أفضل التجارب والممارسات من ناحية التعرف على كيفية التعامل مع الخبرة المستفادة وذلك حتى يمكن أن نصل إلى الوضعية المطلوبة والكفيلة بضمان تواجد بحوث ودراسات عمرانية محلية وإقليمية، تضع الحلول المطلوبة للأسئلة والمشاكل الحالية، وتضع التصورات والرؤى المتوقعة لعمران المنطقة العربية في المستقبل.
مقترحات وتوصيات
من المقترحات والتوصيات يمكن ان نوجزها فى أهمية الأخذ بمفهوم النظام التخطيطي الشامل بمفاهيمه الفرعية وتطبيقاته العملية، كوسيلة معاصرة وضرورية لتطوير التخطيط العمراني على مستوى الدولة والعمل على دمج مفهوم التنمية المستدامة والمجتمعات المستدامة في صلب العملية التخطيطية العمرانية الشاملة وأهمية إنشاء مراكز رصد حضري ولائية على مستوى كل ولايات السودان وضرورة دمج تشريعات وقوانين البناء والتخطيط العمراني بمفاهيم الاستدامة وأهمية إعداد دلائل إرشادية على مستوى التصميم العمراني .
ان التحدي في وضع استراتيجية قومية شاملة يتمثل في ما ورد من دراسات البنك الدولي والتي تتوقع أن يتضاعف تعداد سكان المناطق الحضرية في 30 عاما (2000-2030)، ليزدادوا ملياري شخص آخرين وستزيد مساحة البناء الحضري 1.2 مليون كيلومتر مربع أي إلى حوالي ثلاثة أمثال مساحة الحضر في العالم عام 2000 ويحدث معظم هذا النمو في مدن البلدان النامية التي تواجه تحديات لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات الأساسية والبنية التحتية وفرص العمل والمساكن الميسورة التكلفة ولاسيما لنحو مليار شخص من فقراء الحضر الذين يعيشون غالبا في مستوطنات عشوائية، وذلك لتحقيق تنمية أكثر احتواءً، وفي الوقت نفسه تفادي بعض الآثار السلبية للتوسع السريع وينشأ أكثر من 80 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي في المدن فإذا أُحسنت إدارة التوسع العمراني يمكن تحقيق النمو المستدام بزيادة الإنتاجية والسماح بظهور ابتكارات وأفكار جديدة وتوفير الطاقة وموارد المياه والأراضي ، وتستهلك المدن أيضا ما يقرب من ثلثي طاقة العالم، ويتطلب بناء مدن "ناجحة" - أي تراعي البيئة، وتتسم بالاحتواء، والمرونة، والقدرة على المنافسة، وتعتمد على قوة الأنظمة والإدارة العامة الحضرية- تنسيقا مكثفا للسياسات وخيارات الاستثمارات وهذا هو جوهر عمل البنك الدولي ، ولتحسين الفهم للتحديات والفرص التي ينطوي عليها الزحف العمراني السريع في البلدان النامية، فلابد من جهود لتعزيز النهج البرامجي ومن شأن القرارات الخاصة بالبنية التحتية والسياسات التي تتخذ اليوم أن تُحدِّد أنماط التنمية الحضرية لعقود قادمة ولابد من استغلال هذه "الفرصة السانحة" لجعل التنمية الحضرية حافزا لنمو مستدام، ومساعدا على تقديم خدمات أساسية ومساكن ووسائل انتقال وفرص عمل ميسورة التكلفة ويُعوَّل عليها، وتحسين نوعية المعيشة للجميع ولاسيما الفقراء والمحرومين.
في الحلقة القادمة نواصل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق