مهندس مستشار / مالك علي محمد دنقلا
من واقع المقالات السابقة شخصنا أهم المشاكل التى تواجه القطاع بهدف صياغة حلول للمعالجات اللازمة وقد تم تحديد مستويات مشاكل القطاع بالسودان مقارنة مع الدول الاخري حيث تبين أن بعض مشاكل السودان تعتبر عادية يعانيها القطاع فى معظم دول العالم ولكن بنسب أقل مما هى علية فى السودان كما تبين ضرورة إعتماد خطوط مرجعية ، فقطاع البناء فى السودان قطاع واعد ويتوقع أن يشهد نمواً قد يستمر لبضع سنوات قادمة بسبب قوته ومساندتة لتنمية القطاعات الإقتصادية وتلبية متطلبات النمو السكانى والعمرانى الذى تشهده الدولة , ونتيجة لتمتع القطاع بنقاط قوه وفرص واعدة ومميزات جيدة يجب الإستفاده منها ل تعزيز نمو القطاع قبل فقدان تلك الفرصة ، كما اتضح وتبين ان القطاع ما زال يعانى مشاكل متعدده ومعظمها مشاكل معروفة تتعرض لها المنشأت فى معظم دول العالم وتمثل عاملاً سلبياً كبيراً يؤثرفى تطور إقتصاديات الدولة , ويؤثر فى مستوى تلبية الإحتياجات الإجتماعية ، وقد تلاحظ أن الانفاق على القطاع يؤدى إلى مردود مضاعف كما أن تأخر مشاريع القطاع تؤخر معظم مشاريع التنمية , فتأخر بناء المدارس يؤخر التعليم وتأخر المستشفيات يؤخر الحصول على العناية الطبية , وهو ما يؤدي إلى تأخر المجتمع وتدهور أوضاعة الصحية , و أن هناك إنفاقاً كبيراً على القطاع ومشاريعة ولكن الانفاق لم ينعكس مردوده ولم يتضح تأثيره الفعلى والإيجابى وذلك بسبب ما يواجهة من مشاكل وعقبات ، وقد اتضح أن هناك أنظمة تكاد تكون موحده وموثقة فى معظم دول العالم ويفتقرالسودان إليها وقد أشارت التجارب الدولية إلى أن هناك عقوداً نموذجية تقوم على إعدادها المنظمات العالمية المهنية وأنها إحدى وسائل التقنين أو التعاقد فى المعاملات التجارية الدولية وبالتالى فاننا في حاجة إلى وجود تنظيم قانونى يكفل لجميع أطراف هذه العقود حقوقها وأفضلها العقود النموذجية التى يصدرها الاتحاد الدولى للمهندسين الإستشاريين "الفيديك" (FIDIC).
لذا فاننا نري أهمية وضرورة الإلتزام بالتوجيهات العالمية الحديثة للمبانى الخضراء والأمن والسلامة وصحة العاملين فى القطاع , كما أن هنالك مشاكل أخرى مهمة كقلة التقنيات ونموذج معلومات البناء (BIM ) للتنسيق بين أنشطة القطاع كما انه لابد من وجود مؤشر للأسعار ومن دراسة علميه شاملة ومثبتة لتوثيق كل تلك المشاكل , وان يتم ربط تلك الدراسات بالهيكل الأساسى ومكونات القطاع الاخرى مثل قطاع الهندسة وصناعة مواد بناء والاليات والمقاولين والقوى العاملة ،كما انه لابد من الاستفادة من تجارب الدول الاخري المتقدمة والنامية والاقل نموا وذلك بالاستفادة بما ورد في المحتوى النظرى من أهمية القطاع في الاقتصاد الوطني وهو القطاع الذي تعطيه معظم دول العالم حقة من التنظيم كقطاع مستقل بذاته وله هيئة عليا سواء أكانت وزارة أم مجلس أعلى وله هيكله تنظيمية علي أعلى مستويات الدولة وأن تكون هناك يكون بالضرورة هناك استراتيجية ورؤية وطنية ومستقبلية وأضحة للقطاع وفق خطة تنفيذية ميسره تأتى تحت مظلة الهيكل التنظيمى والاستفادة من النظريات التى تحكم القطاع وتنظمه وتقوم بربط تلك الجهات مؤسسياً ليقوم بدوره فيما يضيفه للاقتصاد الوطنى ويتم ربط النظام بالاحصاءات المتعلقة بالناتج القومي الاجمالي والاقتصاد الكلي حيث أن القطاع لا يستطيع العمل والتنسيق بين انشطتة المختلفة للخروج بمنتجات ومبانى متكاملة المواصفات بدون تنظيم هيكلى يقوم بتطبيق التقنيات الحديثة والنماذج الحاسوبية وربطها بصناعة مواد البناء ، كما نشير الى انه لابد من النظر الي معاناة القطاع فيما يتعلق بالمشاكل المالية وقضايا التمويل وما ظل يواجه المقاولون والأفراد من صعوبات فى الحصول على التمويل المناسب والتأمين والضمانات وهو ما يسبب تأخر و تعثر المشاريع الحكومية .
لقد ابان تشخيص الوضع الراهن للقطاع أن هناك الكثير من السلبيات والقصور التى يعانيها القطاع حالياً فى السودان وأن هناك العديد من المشاكل فى القطاع مثل قضايا إدارة المشاريع بنهج متقدم وعدم وجود كود البناء السوداني والمواصفات والعقود الموحدة ونظام المنافسات والمشتريات ونظام تصنيف المقاولين، كما انه لابد من النظر الي ضعف التأهيل فى مجال إدارة المشاريع الذي تسبب فى تعثر كثير من المشاريع , وكذلك ضعف تأهيل العمالة الماهرة والعمل علي رفع قدراتها, وأن هناك حاجة وضرورة إلى وجود هيئة تشرف على المشاريع وتكون المسؤولة عن تنظيم ومراقبة قطاع المشاريع والعاملين فيه وانه لابد من النظر إلى موضوع الشفافية في القطاع باعتباره يعيق ويؤخر إستفادة المجتمع والدولة المرجوه من المشاريع العامة ويقلل من جودتها ، ولقد أتضح من التجارب الدولية أن قطاع البناء فى معظم الدول يتمتع بوجود هيكل تنظيمى عام للقطاع وهياكل لكل سلسلة ودائرة مكونه له ، وتقوم على رأس القطاع وزارات وهيئات عليا ومجالس متعدده تضع الرؤية والسياسات والاستراتيجيات والتنظيم والإشراف والمراقبة ,و لتحقيق ذلك قامت تلك الدول بتأسيس مجالس حكومية لإدارة القطاع وتنظيم سوق المهن التى تعمل فى قطاع البناء ، وعلي سبيل المثال فان الحكومة البريطانية قامت بفرض برنامج إدارة معلومات البناء ((3D-BIM ثلاثى الأبعاد فى جميع مشاريع الدولة ووضعت استراتيجيات للأستدامة فى قطاع البناء للحد من الانبعاث الحرارى وأعدت مؤشر لأسعار مواد البناء وأثبتت التجربة أن إنفاق جنية واحد يؤدى إلى زيادة قدرها 2,84 جنية فى إجمالى الناتج المحلى , ومن تجربة فرنسا أتضح أن الدولة قامت بالتخطيط المركزى من خلال خطط الهيئة العامة للتخطيط وأن الدولة تنفق أكثر من 53% من إجمالى الناتج المحلى وتمتلك اسهماً فى معظم البنوك والشركات .
وتجدر الاشارة هنا الى ان أهم الأليات التى تقوم بها الدول خاصة الولايات المتحدة الأمريكية لضمان التقيد بالمواصفات الموحدة وأنظمة السلامة وتطبيق كود البناء هو توظيف مراقبى المبانى وهى من المهن المهمة والتى تساعد على الحد من الغش التجارى للبناء كما تساعد على تسهيل مهمة المثمنين العقاريين لمعرفة قيمة المبنى وأن البلديات هى المسؤولة عن سلامة المبانى ومطابقتها لكود البناء والمواصفات من خلال زيارات متعدده للمبانى ومصانع مواد البناء للتحقق من مطابقتها لكود البناء قبل منح رخصة السماح بالاستعمال ، ومن التجربة ايضا أتضح اهتمام ماليزيا بقطاع البناء والتشييد من خلال تخصيص وزارة خاصة به هى وزارة الأشغال , ووجود مجلس تطوير صناعة البناء والتشييد (CIDB) , الذي تنبع رؤيته من أنه مجلس مهم استراتيجياً كجهاز تنظيمي وخادم لصناعة البناء والتشييد فى ماليزيا , إضافة إلى وجود مجموعة من الاتحادات للبناء , ومن التجربة التركية والكورية أتضح النجاح فى حل مشاكل القطاع حيث أن كل منهما فكرت فى التخطيط المسبق لتوطين صناعة القطاع والمنافسة بها دوليا , وما يلفت الأنتباه هو ما قامت به الدولة بمشاركة القطاع الخاص فى شراكات استراتيجية , من أهمها قيام الدولة بتأسيس شركة يرأسها نائب وزير الأشغال والإسكان لبناء 500 ألف وحدة سكنية لتلبية الطلب على الإسكان ، كما تقوم الإمارات وتبعتها تركيا مؤخراً بانتهاج السياسات الحكومية الداعمة مثل السماح بالتملك الحر لغير مواطنى الإمارات ودول مجلس التعاون فى مناطق معينة من الدولة بهدف جذب الاستثمار الأجنبى المباشر فى قطاع البناء والتشييد ، وفى قطاع البناء للأفراد , اتضح أن معظم دول العالم تعتبره قطاعاً تنبثق انظمتة وقوانينه من الدولة فهى التى تنظم القطاع العام والخاص , فإذا كان القطاع العام فيها منظماً فإن القطاع الخاص يتبعه, ومن أكثر التجارب التى اهتمت بقطاع الأفراد هى تجربة الولايات المتحدة التى أوجدت هيئة للإسكان (HUD) وأنشأت جهات توفر التمويل وضمان التمويل مثل برنامج (فريدي ماك وفانى مى) , وقامت بعض الدول بالتوعية بطرق البناء الحديثة والنمذجة و فكرة "اعملها بنفسك" وأن البناء يتم عن طريق مقاولين وشركات للإنتاج مسبق الصنع ولا يقوم الفرد ببناء المبانى بنفسة بل يتفرغ لخدمة الوطن ولا ينشغل عن عملة مما يوفر علية المال والوقت وتتميز المبانى عالمياً بصغر المساحات والأقتصاد فى البناء واتباع مواصفات العزل والتوفير فى الطاقة ويوجد فى معظم الدول تصنيف للعمالة فى قطاع البناء بحيث إن لكل منها مؤهلاته وتخضع جميعهاً إلى اختبارات وتدريب للحصول على رخصة للعمل والتى لا يمكن مزاولة العمل بدونها وقد انتهجت معظم تلك الدول سياسات خاصة لتنظيم سوق العمالة حيث قامت تركيا وبمساعدة البنك الدولى بوضع سياسات توازن بين توفير فرص العمل وحماية العاملين فى القطاع وربطت الأنشطة الاقتصادية وسوق العمل مع المناهج التعلمية والتدريبية وهو أحد الحلول التى يجب الاستفاده منها لحل مشاكل العمالة كما فى المملكة العربية السعودية كمثال, كما أهتمت فرنسا بالتدريب والتعليم عن طريق جامعات متخصصة لتتواءم القدرات التقنية والإدارية مع متطلبات سوق العمل وطبقت بعض الدول ولمقابلة الركود فى القطاع مجموعة من السياسات لإصلاح الأوضاع فى قطاع البناء مثل الاستثمار فى المبانى ومشاركة القطاع الخاص ومحاربة العمالة غير النظامية والحد من البيروقراطية وتطوير أنظمة العمل والتأمين الإجتماعى وزيادة التدريب فى مجال البناء وهو ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية بالإنفاق على التدريب و تأسيس مؤسسات الاعمال الصغيرة .
ولعل اهم ما يميز التجربة الأوروبية هو التنظيم الجديد لعام 2011م للاشتراطات المتجانسة المواصفات الموحده لتسويق مواد البناء وتزعمت كوريا مع مجموعة من الدول حملة قوية لبرامج المبانى الخضراء كما قامت العديد من الدول بتطوير تقنية المعلومات فى إدارة المشاريع واستعمال تطبيقات لبرامج التحكم فى تكلفة المشاريع وأستخدام برامج كمية لجدولة المشاريع و القيمة المكتسبة ، وتمحورت معظم حلول تلك الدول لمشاكل القطاع حول دعم القطاع مالياً عن طريق تعدد الأليات التمويلية مثل تعدد البنوك الممولة للقطاع فى كوريا مما كان له دوره فى تنمية وتسهيل أعمال قطاع البناء والتشييد خاصة شركات المقاولات واسست هذه الدولة كذلك بنوكاً وصناديق للتنمية العمرانية والإسكان مثل بنك كوريا للأسكان ، بنك كوريا للتطوير , بنك الاستيراد والتصدير وبنك كوريا للإقراض طويل الأجل ، وتعد تجربة الأردن من انجح التجارب العربية فى مجال التمويل حيث أسست صندوق تنمية المحافظات, وهو أهم موارد الدعم و التمويل للقطاع , وكذلك أسست الدولة الشركة الأردنية لإعادة تمويل الرهن العقارى والتأجير التمويلي وصندوق التنمية والتشغيل الأردنى والشركة الأردنية لضمان القروض والمخاطرة ، ومن تجربة فرنسا تلاحظ أن بعض السياسات غير المدروسة تؤثر فى العاملين وشركات القطاع حيث أن القرارات والسياسات التى اتخذتها الدولة لرفع ((هل مقصود بها زيادة الضرائب؟؟؟))) الضرائب على الأغنياء والشركات الكبرى أدت إلى هروب الكثير من الاستثمارات لخارج فرنسا وهو ما يجب أن تتوقعه المملكة الأردنية من تأثير الرسوم التى فرضتها الدولة على المقاولين وأحتمالات تأثيرها سلبياً علي القطاع , وبعد استعراض التجارب الدولية لمشاكل البناء و التشييد تبين أنه بالإمكان الاستفاده من تلك التجارب المتعددة والمختلفة مع مراعاة الأختلاف فى الظروف التنظيمية والقانونية والاجتماعية ، وفي المقال القادم نستعرض بعض التوصيات التي قد تساعد علي نهضة القطاع وتطوره.
والله الموفق ،،،،،
نوااصل ،،،،،،،،،،،
من واقع المقالات السابقة شخصنا أهم المشاكل التى تواجه القطاع بهدف صياغة حلول للمعالجات اللازمة وقد تم تحديد مستويات مشاكل القطاع بالسودان مقارنة مع الدول الاخري حيث تبين أن بعض مشاكل السودان تعتبر عادية يعانيها القطاع فى معظم دول العالم ولكن بنسب أقل مما هى علية فى السودان كما تبين ضرورة إعتماد خطوط مرجعية ، فقطاع البناء فى السودان قطاع واعد ويتوقع أن يشهد نمواً قد يستمر لبضع سنوات قادمة بسبب قوته ومساندتة لتنمية القطاعات الإقتصادية وتلبية متطلبات النمو السكانى والعمرانى الذى تشهده الدولة , ونتيجة لتمتع القطاع بنقاط قوه وفرص واعدة ومميزات جيدة يجب الإستفاده منها ل تعزيز نمو القطاع قبل فقدان تلك الفرصة ، كما اتضح وتبين ان القطاع ما زال يعانى مشاكل متعدده ومعظمها مشاكل معروفة تتعرض لها المنشأت فى معظم دول العالم وتمثل عاملاً سلبياً كبيراً يؤثرفى تطور إقتصاديات الدولة , ويؤثر فى مستوى تلبية الإحتياجات الإجتماعية ، وقد تلاحظ أن الانفاق على القطاع يؤدى إلى مردود مضاعف كما أن تأخر مشاريع القطاع تؤخر معظم مشاريع التنمية , فتأخر بناء المدارس يؤخر التعليم وتأخر المستشفيات يؤخر الحصول على العناية الطبية , وهو ما يؤدي إلى تأخر المجتمع وتدهور أوضاعة الصحية , و أن هناك إنفاقاً كبيراً على القطاع ومشاريعة ولكن الانفاق لم ينعكس مردوده ولم يتضح تأثيره الفعلى والإيجابى وذلك بسبب ما يواجهة من مشاكل وعقبات ، وقد اتضح أن هناك أنظمة تكاد تكون موحده وموثقة فى معظم دول العالم ويفتقرالسودان إليها وقد أشارت التجارب الدولية إلى أن هناك عقوداً نموذجية تقوم على إعدادها المنظمات العالمية المهنية وأنها إحدى وسائل التقنين أو التعاقد فى المعاملات التجارية الدولية وبالتالى فاننا في حاجة إلى وجود تنظيم قانونى يكفل لجميع أطراف هذه العقود حقوقها وأفضلها العقود النموذجية التى يصدرها الاتحاد الدولى للمهندسين الإستشاريين "الفيديك" (FIDIC).
لذا فاننا نري أهمية وضرورة الإلتزام بالتوجيهات العالمية الحديثة للمبانى الخضراء والأمن والسلامة وصحة العاملين فى القطاع , كما أن هنالك مشاكل أخرى مهمة كقلة التقنيات ونموذج معلومات البناء (BIM ) للتنسيق بين أنشطة القطاع كما انه لابد من وجود مؤشر للأسعار ومن دراسة علميه شاملة ومثبتة لتوثيق كل تلك المشاكل , وان يتم ربط تلك الدراسات بالهيكل الأساسى ومكونات القطاع الاخرى مثل قطاع الهندسة وصناعة مواد بناء والاليات والمقاولين والقوى العاملة ،كما انه لابد من الاستفادة من تجارب الدول الاخري المتقدمة والنامية والاقل نموا وذلك بالاستفادة بما ورد في المحتوى النظرى من أهمية القطاع في الاقتصاد الوطني وهو القطاع الذي تعطيه معظم دول العالم حقة من التنظيم كقطاع مستقل بذاته وله هيئة عليا سواء أكانت وزارة أم مجلس أعلى وله هيكله تنظيمية علي أعلى مستويات الدولة وأن تكون هناك يكون بالضرورة هناك استراتيجية ورؤية وطنية ومستقبلية وأضحة للقطاع وفق خطة تنفيذية ميسره تأتى تحت مظلة الهيكل التنظيمى والاستفادة من النظريات التى تحكم القطاع وتنظمه وتقوم بربط تلك الجهات مؤسسياً ليقوم بدوره فيما يضيفه للاقتصاد الوطنى ويتم ربط النظام بالاحصاءات المتعلقة بالناتج القومي الاجمالي والاقتصاد الكلي حيث أن القطاع لا يستطيع العمل والتنسيق بين انشطتة المختلفة للخروج بمنتجات ومبانى متكاملة المواصفات بدون تنظيم هيكلى يقوم بتطبيق التقنيات الحديثة والنماذج الحاسوبية وربطها بصناعة مواد البناء ، كما نشير الى انه لابد من النظر الي معاناة القطاع فيما يتعلق بالمشاكل المالية وقضايا التمويل وما ظل يواجه المقاولون والأفراد من صعوبات فى الحصول على التمويل المناسب والتأمين والضمانات وهو ما يسبب تأخر و تعثر المشاريع الحكومية .
لقد ابان تشخيص الوضع الراهن للقطاع أن هناك الكثير من السلبيات والقصور التى يعانيها القطاع حالياً فى السودان وأن هناك العديد من المشاكل فى القطاع مثل قضايا إدارة المشاريع بنهج متقدم وعدم وجود كود البناء السوداني والمواصفات والعقود الموحدة ونظام المنافسات والمشتريات ونظام تصنيف المقاولين، كما انه لابد من النظر الي ضعف التأهيل فى مجال إدارة المشاريع الذي تسبب فى تعثر كثير من المشاريع , وكذلك ضعف تأهيل العمالة الماهرة والعمل علي رفع قدراتها, وأن هناك حاجة وضرورة إلى وجود هيئة تشرف على المشاريع وتكون المسؤولة عن تنظيم ومراقبة قطاع المشاريع والعاملين فيه وانه لابد من النظر إلى موضوع الشفافية في القطاع باعتباره يعيق ويؤخر إستفادة المجتمع والدولة المرجوه من المشاريع العامة ويقلل من جودتها ، ولقد أتضح من التجارب الدولية أن قطاع البناء فى معظم الدول يتمتع بوجود هيكل تنظيمى عام للقطاع وهياكل لكل سلسلة ودائرة مكونه له ، وتقوم على رأس القطاع وزارات وهيئات عليا ومجالس متعدده تضع الرؤية والسياسات والاستراتيجيات والتنظيم والإشراف والمراقبة ,و لتحقيق ذلك قامت تلك الدول بتأسيس مجالس حكومية لإدارة القطاع وتنظيم سوق المهن التى تعمل فى قطاع البناء ، وعلي سبيل المثال فان الحكومة البريطانية قامت بفرض برنامج إدارة معلومات البناء ((3D-BIM ثلاثى الأبعاد فى جميع مشاريع الدولة ووضعت استراتيجيات للأستدامة فى قطاع البناء للحد من الانبعاث الحرارى وأعدت مؤشر لأسعار مواد البناء وأثبتت التجربة أن إنفاق جنية واحد يؤدى إلى زيادة قدرها 2,84 جنية فى إجمالى الناتج المحلى , ومن تجربة فرنسا أتضح أن الدولة قامت بالتخطيط المركزى من خلال خطط الهيئة العامة للتخطيط وأن الدولة تنفق أكثر من 53% من إجمالى الناتج المحلى وتمتلك اسهماً فى معظم البنوك والشركات .
وتجدر الاشارة هنا الى ان أهم الأليات التى تقوم بها الدول خاصة الولايات المتحدة الأمريكية لضمان التقيد بالمواصفات الموحدة وأنظمة السلامة وتطبيق كود البناء هو توظيف مراقبى المبانى وهى من المهن المهمة والتى تساعد على الحد من الغش التجارى للبناء كما تساعد على تسهيل مهمة المثمنين العقاريين لمعرفة قيمة المبنى وأن البلديات هى المسؤولة عن سلامة المبانى ومطابقتها لكود البناء والمواصفات من خلال زيارات متعدده للمبانى ومصانع مواد البناء للتحقق من مطابقتها لكود البناء قبل منح رخصة السماح بالاستعمال ، ومن التجربة ايضا أتضح اهتمام ماليزيا بقطاع البناء والتشييد من خلال تخصيص وزارة خاصة به هى وزارة الأشغال , ووجود مجلس تطوير صناعة البناء والتشييد (CIDB) , الذي تنبع رؤيته من أنه مجلس مهم استراتيجياً كجهاز تنظيمي وخادم لصناعة البناء والتشييد فى ماليزيا , إضافة إلى وجود مجموعة من الاتحادات للبناء , ومن التجربة التركية والكورية أتضح النجاح فى حل مشاكل القطاع حيث أن كل منهما فكرت فى التخطيط المسبق لتوطين صناعة القطاع والمنافسة بها دوليا , وما يلفت الأنتباه هو ما قامت به الدولة بمشاركة القطاع الخاص فى شراكات استراتيجية , من أهمها قيام الدولة بتأسيس شركة يرأسها نائب وزير الأشغال والإسكان لبناء 500 ألف وحدة سكنية لتلبية الطلب على الإسكان ، كما تقوم الإمارات وتبعتها تركيا مؤخراً بانتهاج السياسات الحكومية الداعمة مثل السماح بالتملك الحر لغير مواطنى الإمارات ودول مجلس التعاون فى مناطق معينة من الدولة بهدف جذب الاستثمار الأجنبى المباشر فى قطاع البناء والتشييد ، وفى قطاع البناء للأفراد , اتضح أن معظم دول العالم تعتبره قطاعاً تنبثق انظمتة وقوانينه من الدولة فهى التى تنظم القطاع العام والخاص , فإذا كان القطاع العام فيها منظماً فإن القطاع الخاص يتبعه, ومن أكثر التجارب التى اهتمت بقطاع الأفراد هى تجربة الولايات المتحدة التى أوجدت هيئة للإسكان (HUD) وأنشأت جهات توفر التمويل وضمان التمويل مثل برنامج (فريدي ماك وفانى مى) , وقامت بعض الدول بالتوعية بطرق البناء الحديثة والنمذجة و فكرة "اعملها بنفسك" وأن البناء يتم عن طريق مقاولين وشركات للإنتاج مسبق الصنع ولا يقوم الفرد ببناء المبانى بنفسة بل يتفرغ لخدمة الوطن ولا ينشغل عن عملة مما يوفر علية المال والوقت وتتميز المبانى عالمياً بصغر المساحات والأقتصاد فى البناء واتباع مواصفات العزل والتوفير فى الطاقة ويوجد فى معظم الدول تصنيف للعمالة فى قطاع البناء بحيث إن لكل منها مؤهلاته وتخضع جميعهاً إلى اختبارات وتدريب للحصول على رخصة للعمل والتى لا يمكن مزاولة العمل بدونها وقد انتهجت معظم تلك الدول سياسات خاصة لتنظيم سوق العمالة حيث قامت تركيا وبمساعدة البنك الدولى بوضع سياسات توازن بين توفير فرص العمل وحماية العاملين فى القطاع وربطت الأنشطة الاقتصادية وسوق العمل مع المناهج التعلمية والتدريبية وهو أحد الحلول التى يجب الاستفاده منها لحل مشاكل العمالة كما فى المملكة العربية السعودية كمثال, كما أهتمت فرنسا بالتدريب والتعليم عن طريق جامعات متخصصة لتتواءم القدرات التقنية والإدارية مع متطلبات سوق العمل وطبقت بعض الدول ولمقابلة الركود فى القطاع مجموعة من السياسات لإصلاح الأوضاع فى قطاع البناء مثل الاستثمار فى المبانى ومشاركة القطاع الخاص ومحاربة العمالة غير النظامية والحد من البيروقراطية وتطوير أنظمة العمل والتأمين الإجتماعى وزيادة التدريب فى مجال البناء وهو ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية بالإنفاق على التدريب و تأسيس مؤسسات الاعمال الصغيرة .
ولعل اهم ما يميز التجربة الأوروبية هو التنظيم الجديد لعام 2011م للاشتراطات المتجانسة المواصفات الموحده لتسويق مواد البناء وتزعمت كوريا مع مجموعة من الدول حملة قوية لبرامج المبانى الخضراء كما قامت العديد من الدول بتطوير تقنية المعلومات فى إدارة المشاريع واستعمال تطبيقات لبرامج التحكم فى تكلفة المشاريع وأستخدام برامج كمية لجدولة المشاريع و القيمة المكتسبة ، وتمحورت معظم حلول تلك الدول لمشاكل القطاع حول دعم القطاع مالياً عن طريق تعدد الأليات التمويلية مثل تعدد البنوك الممولة للقطاع فى كوريا مما كان له دوره فى تنمية وتسهيل أعمال قطاع البناء والتشييد خاصة شركات المقاولات واسست هذه الدولة كذلك بنوكاً وصناديق للتنمية العمرانية والإسكان مثل بنك كوريا للأسكان ، بنك كوريا للتطوير , بنك الاستيراد والتصدير وبنك كوريا للإقراض طويل الأجل ، وتعد تجربة الأردن من انجح التجارب العربية فى مجال التمويل حيث أسست صندوق تنمية المحافظات, وهو أهم موارد الدعم و التمويل للقطاع , وكذلك أسست الدولة الشركة الأردنية لإعادة تمويل الرهن العقارى والتأجير التمويلي وصندوق التنمية والتشغيل الأردنى والشركة الأردنية لضمان القروض والمخاطرة ، ومن تجربة فرنسا تلاحظ أن بعض السياسات غير المدروسة تؤثر فى العاملين وشركات القطاع حيث أن القرارات والسياسات التى اتخذتها الدولة لرفع ((هل مقصود بها زيادة الضرائب؟؟؟))) الضرائب على الأغنياء والشركات الكبرى أدت إلى هروب الكثير من الاستثمارات لخارج فرنسا وهو ما يجب أن تتوقعه المملكة الأردنية من تأثير الرسوم التى فرضتها الدولة على المقاولين وأحتمالات تأثيرها سلبياً علي القطاع , وبعد استعراض التجارب الدولية لمشاكل البناء و التشييد تبين أنه بالإمكان الاستفاده من تلك التجارب المتعددة والمختلفة مع مراعاة الأختلاف فى الظروف التنظيمية والقانونية والاجتماعية ، وفي المقال القادم نستعرض بعض التوصيات التي قد تساعد علي نهضة القطاع وتطوره.
والله الموفق ،،،،،
نوااصل ،،،،،،،،،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق