اليوم التالي
حين طفح الكيل من إيجاد حلول، لمعالجة أزمة طفح مواسير الصرف الصحي المنفجرة دوماً على شوارع ولاية الخرطوم، قرر نفر من خريجي وطلاب كلية الهندسة بجامعة أمدرمان الإسلامية في ملتقى الهندسة المدنية، تلافي الأزمة، بعد أن رأوا صمت الجهات المعنية وصم آذانها عن الكارثة. هؤلاء الشباب تنادوا مستصحبين خبراتهم العملية، بجانب الخبراء والمهندسين للاستفادة من آرائهم ومقترحاتهم.. للحظات قد ترى الأمر عادياً تمكن معالجته بالتدخل الحكومي أو غيره، ولكن الكارثة كبيرة، بحسب إجماع الخبراء والأساتذة العاملين في مجال الهندسة المدنية. الخرطوم تهددها مياه الصرف الصحي المنقولة بكميات كبيرة جداً، وبصورة يومية؛ من وسط الخرطوم إلى أطرافها لتستقر في محطات، لم تقطع أي جهة فنية حتى الآن بأنها تتم معالجتها بالصورة الآمنة مائة بالمائة. ليس هذا فحسب فالمياه الآسنة التي يشاهدها الناس من شارع لآخر بالخرطوم يومياً، مردها للاتساع في الاستخدام في المياه دون أن تقابل هذا الضغط المتزايد توسعة في الشبكات التي تستوعب الزيادة. وحال أردت أن تعرف أكثر عن مكامن الكارثة، فبحسبك تأكيدات شرف الدين بانقا، وزير الإسكان والتخطيط الأسبق لولاية الخرطوم، التي يقول فيها إن نظام الصرف الصحي القائم الآن بالولاية كله “ضد أصول الممارسة الهندسية” و”غير هندسي إطلاقاً”، و”ضد الانحدار الطبيعي لمجرى المياه”، بل إن السودان كله ليس به نظام صرف صحي، فكل مياه الصرف الصحي بدلا من أن تذهب في الاتجاه الصحيح نحو النيل بعد أن تتم معالجتها، يتم نقلها إلى مسافات بعيدة عكس الاتجاه الطبيعي لمجرى المياه، وكل ذلك بتكلفة تشغيل مالية عالية جداً في الكهرباء التي تعمل بها المحطات وغيرها من المطلوبات، ما يؤدي إلى انفجارات دائمة في خطوط نقل مياه الصرف الصحي.
ويمضي بانقا في كشف مواطن الخلل في محاضرة نظمها ملتقى الهندسة المدنية بجامعة أمدرمان الإسلامية في سبيل تطوير مهنة الهندسة في السودان، ببث مخاوف من أن النظام المتبع في النقل يعمل في شكل سلسلة، وتوقف أي جزء منها يؤدي إلى الطفح، وأرجع السبب الرئيسي في تخلف نظام الصرف الصحي إلى عدم قناعة المسؤولين عن إدارة الصرف الصحي بتغيير النظام المتبع في نقل المياه. وقال: “لا يمكن أن يتم نقل المياه من وسط الخرطوم إلى حلة كوكو، ثم إلى حطاب، ثم إلى أبودليق أو غيرها من الطرق المتبعة في نظام عمل المحطات”.
ولئن تساءل أحدكم؛ لماذا يستمر الخلل؟ وأين الجهات القائمة على معالجة الصرف الصحي؟ أين الميزاينات المرصودة لهذا المرفق؟ فيلزمنا التأكيد بأن كل هذه التساؤلات كانت حاضرة على طاولة الخبراء والأساتذة المشاركين في الملتقى الهندسي. ويكشف شرف الدين عن تنفيذ الصرف الصحي بالولاية بنسبة 4.3% بينما يواجه 96% من سكان الولاية نقصاً في خدمات الصرف الصحي، وهذه النسبة بحسبه “كبيرة وتوضح أن الجزء الأكبر من سكان الخرطوم ليس لديهم شبكات صرف صحي آمن”، وأنهم في “العراء”، مشيراً في السياق إلى استخدام 56% من سكان الخرطوم للمراحيض الجافة، بينما 31% يستخدمون نظام “سابتك تانك”، وحتى هذا النظام في الصرف أكد بأنه لا يعمل حسب الأصول الهندسية، وحذر من أن هذه المياه المخلفة منها يمكن أن تدخل إلى التربة وتحدث بها خللاً.
بانقا كشف أيضاً عن أن غياب نظام صرف صحي في السودان يؤدي إلى ضياع نحو 3% من مياه الشرب، بحسب تقرير صادر من البنك الدولي .
الأزمة تبدو مركبة بحسب الخبراء والمعنيين، شرف الدين بانقا بوصفه عراب “التخطيط بولاية الخرطوم”، إن جاز أن يطلق عليه التوصيف، والممسك بتفاصيل خارطتها الديموغرافية والجغرافية، يرجع الأزمة الرئيسية فيها إلى ما أسماه “أزمة التخطيط”، وقال إن واحدة من المشاكل “أن المواطن هو الذي يخطط”.. “بجي بي (بُقجتو)، والحكومة تجي وراهو تخطط ليهو عشان يسكن”. وضرب أمثلة بأحياء عديدة، عازياً الأمر للمشاكل السياسية وغيرها التي تقع في الولايات والأطراف، ولا يتم حلها؛ فينزح الناس إلى الخرطوم.
وتشكو الجهات المعنية بأمر الصرف الصحي من حين لآخر من أن الأزمة أرقتها، ولا تعرف لها حلاً، وأنها تحتاج لصيانة وإنشاء بنيات تحتية جديدة، حتى إن وزير البنى التحتية والمواصلات بالولاية المهندس حبيب الله بابكر كشف عن اتجاه لتضمين فاتورة الصرف الصحي ضمن فاتورتي الكهرباء والمياه، ورغم أنه كشف عن تكلفة تصل إلى 60 مليون جنيه لتنقية مياه الولاية من التلوث، إلا أن الوزير الأسبق –بانقا- رمى الكرة في ملعب المهندسين والقائمين على أمر الصرف الصحي، وأرجع الأمر إلى وجود إخفاقات فنية كبيرة تحتاج لمعالجة، ولفت إلى وجود ميزانية تقدر بمئات المليارات مرصودة للصرف الصحي، كاشفاً عن مشاريع بنحو أكثر من 200 مليار جنيه، بالقديم، لم تنفذ بالصورة المطلوبة، لأن الجهات المعنية تقوم بنقل مياه الصرف بتكلفة عالية في المضخات وغيرها. واعتبر التكلفة في نقل المياه أعلى من أن تتم معالجة المياه، ثم تذهب إلى النيل. وأضاف أن القائمين على الصرف الصحي انشغلوا بالصيانة واستجلاب طلمبات ومضخات وأنابيب، ولأن النظام المتبع خطأ جعل التكلفة عالية، في وقت كان يمكن أن يعملوا وفق الانحدار الطبيعي وليس نقل المياه من أماكن بعيدة لمعالجتها ثم تذهب مرة أخرى عكس الانحدار الطبيعي للأرض وهذا ما يرفع فاتورة التكلفة، وقال إن الوضع الطبيعي أن تتم المعالجة وتأتي المياه للنيل أو تتم إعادتها إلى جهة أخرى.
الأزمة التي جأرت مختلف الجهات المعنية بالشكوى منها، رأى شرف الدين بانقا، والمهندس أحمد موسى صيام الأستاذ المشارك بجامعة أمدرمان الإسلامية الهندسة المدنية والمعني بشأن المياه والصرف، وغيرهم من المشاركين في الملتقى رأوا أن المخرج منها يكمن في (تغيير النظام المتبع في الصرف الصحي)، وإقامة وحدات معالجة لكل منطقة أو منطقتين على حدة، وتجزئة محطات المعالجة؛ وليس نقل المياه لمسافات طويلة لتصب في محطات بعيدة، والتحول إلى تخطيط وانحدار طبيعي للأرض لتفادي التكلفة العالية، وأن تذهب المياه إلى النيل بعد المعالجة، وليس نقلها بصورة عكسية إلى أماكن بعيدة لتقليل التكلفة.
ومن بين المقترحات برزت فكرة اللجوء إلى استخدام نظام موبايل للصرف الصحي. الرجل شبه نظام الصرف الصحي القائم الآن بالخرطوم بأنه “رزق اليوم باليوم”، ولا يمكن أن يستمر، وسوف تستمر الحكومة في دفع أموال للمعالجة دون تمكنها من تقديم خدمة للمواطن
حين طفح الكيل من إيجاد حلول، لمعالجة أزمة طفح مواسير الصرف الصحي المنفجرة دوماً على شوارع ولاية الخرطوم، قرر نفر من خريجي وطلاب كلية الهندسة بجامعة أمدرمان الإسلامية في ملتقى الهندسة المدنية، تلافي الأزمة، بعد أن رأوا صمت الجهات المعنية وصم آذانها عن الكارثة. هؤلاء الشباب تنادوا مستصحبين خبراتهم العملية، بجانب الخبراء والمهندسين للاستفادة من آرائهم ومقترحاتهم.. للحظات قد ترى الأمر عادياً تمكن معالجته بالتدخل الحكومي أو غيره، ولكن الكارثة كبيرة، بحسب إجماع الخبراء والأساتذة العاملين في مجال الهندسة المدنية. الخرطوم تهددها مياه الصرف الصحي المنقولة بكميات كبيرة جداً، وبصورة يومية؛ من وسط الخرطوم إلى أطرافها لتستقر في محطات، لم تقطع أي جهة فنية حتى الآن بأنها تتم معالجتها بالصورة الآمنة مائة بالمائة. ليس هذا فحسب فالمياه الآسنة التي يشاهدها الناس من شارع لآخر بالخرطوم يومياً، مردها للاتساع في الاستخدام في المياه دون أن تقابل هذا الضغط المتزايد توسعة في الشبكات التي تستوعب الزيادة. وحال أردت أن تعرف أكثر عن مكامن الكارثة، فبحسبك تأكيدات شرف الدين بانقا، وزير الإسكان والتخطيط الأسبق لولاية الخرطوم، التي يقول فيها إن نظام الصرف الصحي القائم الآن بالولاية كله “ضد أصول الممارسة الهندسية” و”غير هندسي إطلاقاً”، و”ضد الانحدار الطبيعي لمجرى المياه”، بل إن السودان كله ليس به نظام صرف صحي، فكل مياه الصرف الصحي بدلا من أن تذهب في الاتجاه الصحيح نحو النيل بعد أن تتم معالجتها، يتم نقلها إلى مسافات بعيدة عكس الاتجاه الطبيعي لمجرى المياه، وكل ذلك بتكلفة تشغيل مالية عالية جداً في الكهرباء التي تعمل بها المحطات وغيرها من المطلوبات، ما يؤدي إلى انفجارات دائمة في خطوط نقل مياه الصرف الصحي.
ويمضي بانقا في كشف مواطن الخلل في محاضرة نظمها ملتقى الهندسة المدنية بجامعة أمدرمان الإسلامية في سبيل تطوير مهنة الهندسة في السودان، ببث مخاوف من أن النظام المتبع في النقل يعمل في شكل سلسلة، وتوقف أي جزء منها يؤدي إلى الطفح، وأرجع السبب الرئيسي في تخلف نظام الصرف الصحي إلى عدم قناعة المسؤولين عن إدارة الصرف الصحي بتغيير النظام المتبع في نقل المياه. وقال: “لا يمكن أن يتم نقل المياه من وسط الخرطوم إلى حلة كوكو، ثم إلى حطاب، ثم إلى أبودليق أو غيرها من الطرق المتبعة في نظام عمل المحطات”.
ولئن تساءل أحدكم؛ لماذا يستمر الخلل؟ وأين الجهات القائمة على معالجة الصرف الصحي؟ أين الميزاينات المرصودة لهذا المرفق؟ فيلزمنا التأكيد بأن كل هذه التساؤلات كانت حاضرة على طاولة الخبراء والأساتذة المشاركين في الملتقى الهندسي. ويكشف شرف الدين عن تنفيذ الصرف الصحي بالولاية بنسبة 4.3% بينما يواجه 96% من سكان الولاية نقصاً في خدمات الصرف الصحي، وهذه النسبة بحسبه “كبيرة وتوضح أن الجزء الأكبر من سكان الخرطوم ليس لديهم شبكات صرف صحي آمن”، وأنهم في “العراء”، مشيراً في السياق إلى استخدام 56% من سكان الخرطوم للمراحيض الجافة، بينما 31% يستخدمون نظام “سابتك تانك”، وحتى هذا النظام في الصرف أكد بأنه لا يعمل حسب الأصول الهندسية، وحذر من أن هذه المياه المخلفة منها يمكن أن تدخل إلى التربة وتحدث بها خللاً.
بانقا كشف أيضاً عن أن غياب نظام صرف صحي في السودان يؤدي إلى ضياع نحو 3% من مياه الشرب، بحسب تقرير صادر من البنك الدولي .
الأزمة تبدو مركبة بحسب الخبراء والمعنيين، شرف الدين بانقا بوصفه عراب “التخطيط بولاية الخرطوم”، إن جاز أن يطلق عليه التوصيف، والممسك بتفاصيل خارطتها الديموغرافية والجغرافية، يرجع الأزمة الرئيسية فيها إلى ما أسماه “أزمة التخطيط”، وقال إن واحدة من المشاكل “أن المواطن هو الذي يخطط”.. “بجي بي (بُقجتو)، والحكومة تجي وراهو تخطط ليهو عشان يسكن”. وضرب أمثلة بأحياء عديدة، عازياً الأمر للمشاكل السياسية وغيرها التي تقع في الولايات والأطراف، ولا يتم حلها؛ فينزح الناس إلى الخرطوم.
وتشكو الجهات المعنية بأمر الصرف الصحي من حين لآخر من أن الأزمة أرقتها، ولا تعرف لها حلاً، وأنها تحتاج لصيانة وإنشاء بنيات تحتية جديدة، حتى إن وزير البنى التحتية والمواصلات بالولاية المهندس حبيب الله بابكر كشف عن اتجاه لتضمين فاتورة الصرف الصحي ضمن فاتورتي الكهرباء والمياه، ورغم أنه كشف عن تكلفة تصل إلى 60 مليون جنيه لتنقية مياه الولاية من التلوث، إلا أن الوزير الأسبق –بانقا- رمى الكرة في ملعب المهندسين والقائمين على أمر الصرف الصحي، وأرجع الأمر إلى وجود إخفاقات فنية كبيرة تحتاج لمعالجة، ولفت إلى وجود ميزانية تقدر بمئات المليارات مرصودة للصرف الصحي، كاشفاً عن مشاريع بنحو أكثر من 200 مليار جنيه، بالقديم، لم تنفذ بالصورة المطلوبة، لأن الجهات المعنية تقوم بنقل مياه الصرف بتكلفة عالية في المضخات وغيرها. واعتبر التكلفة في نقل المياه أعلى من أن تتم معالجة المياه، ثم تذهب إلى النيل. وأضاف أن القائمين على الصرف الصحي انشغلوا بالصيانة واستجلاب طلمبات ومضخات وأنابيب، ولأن النظام المتبع خطأ جعل التكلفة عالية، في وقت كان يمكن أن يعملوا وفق الانحدار الطبيعي وليس نقل المياه من أماكن بعيدة لمعالجتها ثم تذهب مرة أخرى عكس الانحدار الطبيعي للأرض وهذا ما يرفع فاتورة التكلفة، وقال إن الوضع الطبيعي أن تتم المعالجة وتأتي المياه للنيل أو تتم إعادتها إلى جهة أخرى.
الأزمة التي جأرت مختلف الجهات المعنية بالشكوى منها، رأى شرف الدين بانقا، والمهندس أحمد موسى صيام الأستاذ المشارك بجامعة أمدرمان الإسلامية الهندسة المدنية والمعني بشأن المياه والصرف، وغيرهم من المشاركين في الملتقى رأوا أن المخرج منها يكمن في (تغيير النظام المتبع في الصرف الصحي)، وإقامة وحدات معالجة لكل منطقة أو منطقتين على حدة، وتجزئة محطات المعالجة؛ وليس نقل المياه لمسافات طويلة لتصب في محطات بعيدة، والتحول إلى تخطيط وانحدار طبيعي للأرض لتفادي التكلفة العالية، وأن تذهب المياه إلى النيل بعد المعالجة، وليس نقلها بصورة عكسية إلى أماكن بعيدة لتقليل التكلفة.
ومن بين المقترحات برزت فكرة اللجوء إلى استخدام نظام موبايل للصرف الصحي. الرجل شبه نظام الصرف الصحي القائم الآن بالخرطوم بأنه “رزق اليوم باليوم”، ولا يمكن أن يستمر، وسوف تستمر الحكومة في دفع أموال للمعالجة دون تمكنها من تقديم خدمة للمواطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق