د. عمر محمد علي أحمد
رؤية جديدة حول
عودة السكة الحديد ... (سكك حديد النيل) [2-2]
الجزء الثاني
تحدثنا في الجزء الأول من هذا البحث عن تنفيذ مشروع سكك حديد النيل على ثلاث مراحل وفي فترة زمنية أقصاهل أثنتي عشر عاماً أما المراحل فهي:
المرحلة الأولى: بورتسودان - الشريك – أم درمان. وطولها 900كلم تتوسطها منطقة الشريك.
المرحلة الثانية : أم درمان – الدويم – كوستي – غرب ملكال وطولها 820 كلم.
المرحلة الثالثة: الشريك – مروي – شرق الخندق شرق دنقلا ووادي حلفا وطولها 800كلم.
الولاية الشمالية وسكك حديد النيل
ترى الدراسة أن الولاية الأكثر حظاً في تحقيق مكاسب من إنشاء سكك حديد النيل هي بلا شك الولاية الشمالية.
لإيضاح هذا الرأي نتناوله من ثلاثة زوايا وهي:
أولاً: مكامن القوة في الولاية الشمالية.
ثانياً: درء مخاطر النقل البري الأجنبي.
ثالثاً: المكاسب الاقتصادية والإجتماعية.
نتناول أدناه هذه النقاط:
أولاً: مكامن القوة في الولاية الشمالية:
1- تقع الولاية الشمالية بين خطي العرض 18 و 22 درجة شمالاً وتبلغ مساحتها نحو ثلاثمائة وخمسين ألف كيلومتر مربع وتسود الصحراء معظم أراضي الولاية ولذلك يبدو وادي النيل من الجو أشبه بواحة ممتدة تخترق الصحراء. يبلغ طول نهر النيل بالولاية الشمالية نحو سبعمائة كيلومتر وهنا تبزر أهم مكامن القوة بالولاية وهي توفر المياه من النيل مباشرة أو من المصادر الجوفية القريبة من السطح على امتداد ألف وأربعمائة كيلومتر (1400 كلم) هي مجموع طول الضفتين تزداد بإضافة الجزر.
2- كما ذكرنا تحيط الصحراء بوادي النيل وترى دراستنا أن لهذه الإحاطة أهمية عظمى وتتمثل تلك الأهمية في:
أ- لأغراض التوسع في الإنتاج الحيواني تخلو الولاية من معظم أمراض الحيوان التي تظهر من حين لآخر وهي قائمة طويلة تشمل: الحمى الفحمية، الساق الأسود، الإلتهاب الرئوي، أبو لسان، أبو زقالة، الطاعون البقري، التسمم الدموي، الإجهاض البقري، والغاشيات كالحمى القلاعية وغيرها. اكتسبت الولاية هذه الخاصية بسبب سيادة البيئة الصحراوية الجافة التي لا تسمح بتوالد وانتشار الحشرات المسببة والناقلة لأمراض الحيوان. لذات السبب هي بيئة قاتلة للفيروسات والميكروبات متما ظهرت في جسم ناقل لها.
لذات السبب – أي البيئة الصحراوية – لا يوجد تداخل رعوي يسمح بانتقال العدوى من حيوانات مريضة كما هو الحال في مناطق التداخل الرعوي الحدودية بشرق وجنوب وغرب السودان.
لعل الاستثناء الوحيد هو قوافل الجمال المصدرة إلي مصر التي ترتاد النيل لترتوي بعد عبورها للصحراء.
نخلص مما تقدم إلي أن وادي النيل بالولاية الشمالية يشكل محجر بيطري عملاق بطول 1400 كيلومتر. تلك ميزة عظيمة ترى الدراسة ضرورة استثمارها.
ب- تشكل الصحراء الممتدة غرباً وشرقاً إلي ما لا نهاية حزاماً أمنياً مانعاً للجريمة. بهذا الحزام الأمني يطمئن الإنسان على نفسه وممتلكاته وإستثماراته. لعله من المناسب هنا أن نذكر أن ذات الحزام الأمني احتضن الحضارة النوبية في مراحل نشأتها الأولى وهيأ لها الحماية للإستمرارية والإزدهار عبر القرون.
ج- يعتبر الهامش الصحراوي المحيط بوادي النيل أراضي خالية من مشاكل الحيازات الفردية والجماعية الموروثة. ذلك لأنه يستحيل عقلاً أن يزعم البعض أن الأسلاف كانوا يزرعونها أو يرعون قطعانهم عليها!.
إن ملكية الدولة المطلقة على الهوامش الصحراوية يطلق يدها لاختيار مستوطنات أو قرى لتشكل إمتدادات للقرى النيلية. يحدث ذلك دون الحاجة لدفع تعويضات أو الدخول في أي شكل من أشكال المعالجات.
د- إن البيئة السليمة في الصحراء ليست قاصرة على الحيوان فالإنسان نفسه يجد في الهوامش الصحراوية المحيطة لوادي النيل بيئة سليمة. في هذه البيئة وعلى جانبي الطريقين العابرين للولاية يوجد متسع لقيام إمتدادات للقرى النيلية القائمة أو مستوطنات جديدة إذا ما عاد أبناء الشمالية الذين نزحوا عنها.
في تلك الهوامش الصحراوية – وهي أكثر ارتفاعاً من وادي النيل – يطرد الهواء العابر الحشرات كالباعوض والذباب كما تمتص التربة الرملية عالية المسامية المياه الناتجة عن الاستخدام المنزلي أو مياه الأمطار على ندرتها.
3- في مقابل الانتشار الأفقي الواسع للمدن والقرى والحلال ومضارب الرحل في سهول السودان الممطرة – وهو انتشار فرضته المياه والزراعة المطرية والمراعي وحصاد منتجات الغابات – نلاحظ وجود كثافة عالية للقرى في وادي النيل الضيق.
بهذه الكثافة العالية توفرت المبررات والجدوى الاقتصادية منذ عدة عقود لإنشاء محطات المياه والمراكز الصحية والمدارس. بتوفر تلك الخدمات حققت الولاية الشمالية أعلى مؤشرات التنمية البشرية.
لتوضيح ما نرمي إليه نشير إلي التجربة المصرية حيث شجعت الكثافة السكانية في وادي النيل الحكومة المصرية على كهربة كل القرى عندما توفرت الكهرباء بإنشاء السد العالي. لقد كانت – ومازالت الكهرباء – التي سبقها الخط الحديدي أهم أدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت في الأربعة عقود الماضية في مصر.
4- إن كان وادي النيل بالولاية الشمالية ضيق ويفتقر للأرض الزراعية فبالولاية الشمالية توجد مساحا شاسعة من الأراضي الزراعية فيما يعرف بأراضي التروس العليا. تمثل تلك الأراضي احتياطياً واعداً للخروج من وادي النيل الضيق والتوسع في الإنتاج الزراعي والحيواني نشير أدناه إلي أهم تلك الأراضي:
سهول: أرقين (مليون فدان)، الخوي والسليم (280 ألف فدان)، جمي (مائة ألف فدان)، ألبان (50 ألف فدان)، كنار (480 ألف)، كوكا (13 ألف)، العقب (25 ألف)، ماريا (6 ألف)، عقولة (3 ألف)، العفاض (6 ألف)، الملتقى (30 ألف)، امتداد القرى (22 ألف)، شرق الدبة (10 ألف)، ولن ننسى واحة سليمة بالطبع التي تقع على مسافة تقدر بمائة وعشرين كيلومتر إلي الغرب من منتصف بحيرة النوبة.
إن من بين البشارات التي شجعت الرواد الذين اقتحموا سهل القعب بغرب دنقلا للاستثمار الزراعي كان اكتشاف المياه الجوفية بوفرة وفي عمق قريب من السطح. كانت فرحة هؤلاء الرواد مزدوجة عند اكتشافهم أنه توجد أسفل الرمال التي تغطي السهل بعمق يقدر بمتر توجد تربة طينية عالية الخصوبة.
تفسيرنا لهذا الاكتشاف هو أن إيراد النيل في زمان سحيق كان أعلى بكثير مما هو عليه الآن! لهذا كانت مياه الفيضان تغمر المواقع المنخفضة أينما وجدت إليها منافذ فكان من بين تلك المواقع سهل القعب غرب دنقلا وسهل النقع غرب المتمة بولاية نهر النيل.
نتيجة للغمر وإرساب الطمي لآلاف السنين تراكمت طبقات منه ومن تلك التراكمات تكونت التربة التحتية السوداء. في تاريخ لاحق تغير المناخ وتراجع نهر النيل إلى مجراه بعد أن أصبح أكثر عمقاً بفعل التعرية المائية وهو المجري الذي نراه اليوم.
في تزامن مع عودة النيل إلي مجراه زحفت الرمال على الأحواض الطينية فغطتها بطبقة من الرمال. هذا ما نراه من تفسير والله أعلم.
حسبما نعلم زرعت شتول النخيل بعد إزالة الرمال بعمق متر في المواقع المختارة. لم يمض وقت طويل وإلا أطلت على سطح الأرض ثم واصلت نموها السريع لتدخل في طور الإنتاج في سنوات قلائل.
5- منذ بداية التخزين في بحيرة النوبة "بحيرة السد العالي" في عام 1967م ظل الطمي يتراكم عند مدخل البحيرة وعلى ضفافها وصخور وجزر الشلال الثاني التي غمرتها مياه البحيرة. بسبب اختفاء الغطاء النباتي في منابع النيل الأزرق ونهر عطبرة في سنوات الجفاف الذي أصاب القرن الإفريقي في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وبسبب القطع الجائر للأشجار إبان أزمة الطاقة وتصاعد الاستهلاك المنزلي لشتى الأغراض تعرضت منابع النهرين لانجراف التربة في السنوات المطيرة التي أعقبت سنوات الجفاف.
لهذا وفي مواسم الأمطار الغزيرة والفيضانات العالية في العقدين الآخرين حمل نهر عطبرة والنيل الأزرق كميات مضاعفة من الطمي والرمال والطين. الآن وبعد أن تواصلت عملية التراكم لثمانية وأربعين عاماً وازدادت معدلاتها في السنوات الأخيرة فإن حجم الإطماء يقارب اليوم الثمانية مليار متر مكعب. في تقديرنا بهذا التراكم تراجعت سعة البحيرة بحجم الإطماء وانحسرت المياه عن أطرافها الجنوبية لتكشف عن أراضي زراعية وعالية الخصوبة ويقدرها البعض بأكثر من ألف فدان.
على هذه الخلفية نستطيع القول بأن قيام سد النهضة الأثيوبي واحتجازه لمياه الفيضان لأغراض التوليد الكهربائي يصب في مصلحة الولاية الشمالية من ثلاثة أوجه:
• مضاعفة الأراضي الزراعية في بحيرة النوبة مما يسمح بعودة النوبيين إلي موطنهم الأصلي الذي هُجروا منه في بداية ستينات القرن الماضي.
لقد قاوم النوبيون ببسالة التهجير ولكن إرادة الحكومتين السودانية والمصرية كانت غالبة. الآن وبعض مضي أكثر من نصف قرن رحل فيه من الدنيا جيلان من النوبيين تشاء إرادة الحق عزّ وجلّ الغالبة على إرادة الحكومتين السودانية والمصرية أن تعوض النوبيين بأرض أكثر اتساعاً ولا تقل خصوبة عن أراضيهم التي غمرتها بحيرة النوبة. لا شك أن أكثر من يتحمس ويسعد بالعودة هم أبناء الجيل الثالث وهم من بقى من شباب بداية الستينات من القرن الماضي وهم الذين ذاقوا مرارة الرحيل. سيشعر هؤلاء بسعادة مزدوجة حينما يجدوا كهرباء سد مروي قد سبقتهم وأن طريقي وادي حلفا يمتدان حتى العاصمة وأن في الأفق إنشاء خط حديدي سريع سيمتد إلي العاصمة بورتسودان.
• يتمثل الوجه الثاني في ارتفاع منسوب المياه في نهر النيل في أشهر الصيف مما يعني وفرة المياه للأغراض الزراعية كما يعني التغذية المستديمة للمياه الجوفية. في كلتا الحالتين يسهل ضخ المياه ويقل استهلاك الطاقة.
لإيضاح ذلك نذكر أن برمجة التوليد الكهربائي من سد النهضة تقتضي احتجاز مياه فيضان النيل الأزرق ثم إطلاقها عبر التوربينات في الفترة ما بين شهري نوفمبر ويونيو من كل عام.
• أما الوجه الثالث للمكاسب التي ينتظر أن تحققها الولاية الشمالية من سد النهضة فهو إمكانية عودة النقل النهري بقوة إلي القطاع كريمة – كرمه (347 كلم). إن ارتفاع منسوب المياه لا يعني انتظام الملاحة فحسب وإنما يعني أيضاً زيادة الغاطس بالقدر الذي يسمح للصنادل بمضاعفة حمولتها من البضائع. قد يبدو غريباً لدى البعض أن نتحدث عن النقل النهري ونحن نتناول تكامل النقل السككي مع النقل الطرقي! لهذا سنوضح لاحقاً لرؤيتنا لتكامل الأدوار بين وسائل النقل الثلاث.
6- تتفوق الولاية الشمالية على وسط السودان الزراعي بطول فصل الشتاء بهذه الخاصية يتسع المجال لإنتاج عدة محاصيل شتوية تحت معطيات مناخية مثالية.
تشمل تلك المحاصيل ما اعتادت على إنتاجه من بقوليات وفاكهه وتتسع لتشمل محاصيل أخرى لا ينتجها السودان ولكن يمكن توطينها لما تحظى به من طلب عالي في بلاد البرد والصقيع في غرب وشرق أوروبا وفي وسط أسيا.
هنا يأتي دور سكك حديد النيل المقترحة لنقل الحاويات المبردة أما شمالاً إلي مصر والمواني المصرية على البحر الأبيض المتوسط أو جنوباً إلي ميناء بورتسودان.
7- كما نوهنا فإن ضيق وادي النيل ووجود كثافة عالية من المستوطنات البشرية مدناً كانت أم قرى وحلال صغيرة تشكل عوامل من شأنها أن تعظم الجدوى الإقتصادية لإرساء البنيات الأساسية.
لهذا لم يكن غريباً أن تحظى الولاية الشمالية بأطول شبكة من الطرق البرية المسفلتة في السودان. يبلغ طول هذه الطرق اليوم 1507 كيلومتر وذلك بالإضافة إلي الطرق البرية التي تربطها بولايتي نهر النيل والخرطوم ويبلغ طول هذه الطرق 941 كيلومتر. أدناه نورد هذه الطرق بشيء من التفاصيل:
الطرق بالضفة الغربية للنيل:
مروي – الملتقي – دنقلا – أرقين 737 كلم.
الطرق بالضفة الشرقية:
أ) كريمة – السليم – وادي حلفا – قسطل 590 كلم.
ب) كريمة – ناوا 180 كلم.
المجموع (أ) 1507 كلم.
الطرق البرية: الشمالية / ولايتي نهر النيل الخرطوم:
- الملتقي – أم درمان 311 كلم.
- مروي – عطبرة 262 كلم.
- عطبرة – الخرطوم 311 كلم.
- مروي السد 30 كلم.
- كريمة – السد 27 كلم.
- المجموع (ب) 941 كلم.
لذات المبررات حظيت الولاية الشمالية بتمدد الشبكة القومية للكهرباء انطلاقاً من محطة التوليد بسد مروي.
لقد وصلت الخطوط الناقلة للكهرباء مؤخراً إلي وادي حلفا كما نجحت حكومة الولاية في كهربة أهم المدن وكثير من القرى والمشاريع الزراعية.
أما البشارة الكبرى التي يدخرها المستقبل للولاية الشمالية فهي إنشاء سد "دال" بطاقة توليد تفوق الألف ميقاواط. هنا يرجع الفضل أيضاً إلي سد النهضة لدوره في تنظيم جريان النيل.
ثم في السنوات القليلة تشييد ثلاثة جسور على النيل وهي جسور: كريمة – مروي، دنقلا – السليم، الدبة – أرقي. إلي هذه الجسور سيضاف مستقبلاً جسر عكاشة – كلب والقولد – الغدار.
عند اكتمال منظومة الجسور هذه – وربما غيرها – وبتمدد الطرق البرية على جانبي وادي النيل ستتحول كل الولاية الشمالية إلي فضاء إقتصادي واحد يتلاشى فيه التهميش الذي أقصى بعض المناطق من الحراك التنموي.
8- يعتبر الجوار المباشر لمصر(كما هي الولايات الحدودية) أحد مكامن القوة للولاية الشمالية إذ تستطيع استثماره لتصدير السلع الغذائية – وعلى رأسها اللحوم – إلي السوق المصرية.
لعله من المناسب هنا أن نستصحب بعض سمات السوق المصرية. يفوق سكان مصر اليوم التسعين مليون نسمة ويتزايد عدد السكان سنوياً بمعدل يفوق المليون نسمة. لهذا سيظل الطلب على الغذاء يتصاعد، ليس بفعل الزيادة السكانية وحدها وإنما بسبب نمو الدخل القومي وارتفاع متوسط دخل الفرد.
9- توجد بالولاية ثروة سمكية واعدة وأهم مصادرها هي بحيرة النوبة – حتى وأن تراجع حجمها عند تشغيل سد النهضة الأثيوبي – أما المصدر الثاني فهو نهر النيل بطول سبعمائة كيلومتر وذلك بالإضافة إلي أسماك بحيرة سد مروي في الجوار المباشر لحدود الولاية الشرقية.
نشير هنا إلي أن حجم المخزون السمكي ببحيرة النوبة يقدر باثنين وعشرين ألف طن بينما لا يتجاوز ما يتم صيده الألفين طن سنوياً. هذا ما أورده الدكتور أحمد جمال في ورقته التي قدمها إلي مؤتمر التنمية والاستثمار بالولاية الشمالية.
10- أخيراً وليس أخراً هناك إنسان الولاية القادر على إعطاء قيمة للموارد الطبيعية والبنيات الأساسية. لقد احترف إنسان الولاية مهنة الزراعة منذ فجر التاريخ ولولا النجاحات التي حققها فيها لما كانت الحضارة النوبية التي نفتخر بها ويتحدث عنها العالم.
مكامن القوة بالولاية الشمالية يدفعنا إلي القول بأن الولاية الشمالية تستشرف الآن مرحلة الإنطلاق في التنمية وهي الـ Take – Off Stage ولا ينقضها إلا سكك حديد فاعلة؟.
ثانياً: القطار لدرء المهددات الأمنية:
كما هو معلوم تخطط الحكومة لفتح الطرق البرية القومية في محاورها الرئيسة لحركة الشاحنات مع مصر وبقية دول الجوار. بتطبيق هذه السياسة تسعى الحكومة إلي تحقيق خمسة أهداف وهي:
أ) تشجيع التجارة البينية مع دول الجوار.
ب) لتتمكن دور الجوار الحبيسة – أي المغلقة – من استخدام المواني البحرية السودانية، أن الدول المعنية بصورة مباشرة هي: تشاد، دولة جنوب السودان، أثيوبيا، وأفريقيا الوسطى. أم الدول المغلقة الأخرى المرشحة لاستخدام المواني السوداني عبر دول الجوار المباشر فهي أوغنده، رواندا، بورندي والنيجر وذلك بالإضافة إلي الشمال الشرقي من جمهورية الكنغو الديمقراطية.
ج) لتتمكن ذات الدول المغلقة من التبادل التجاري فيما بينها كتشاد وأثيوبيا على سبيل المثال.
د) لتشكل المحاور الرأسية والأفقية من الطرق القومية قطاعات من الطرق البرية العابرة لأفريقيا من الشمال إلي الجنوب ومن الشرق إلي الغرب.
ه) لتحصل حكومة السودان على إيرادات من رسوم العبور، خدمات المواني البحرية والبرية، رسوم الإجراءات الجمركية ومن فرص العمل لمواطنيها وغيرها من المنافع.
في واقع الأمر ليست هي المكاسب الاقتصادية لوحدها التي تدفع الحكومة في هذا الاتجاه وإنما هي ملزمة بالقوانين والأعراف الدولية وبما تمليه عليها عضويتها في التجمعات الاقتصادية والإقليمية وعضويتها المرتقبة في منظمة التجارة الدولية.
ترى الدراسة أن الحكومة تستطيع التوفيق بين رغبتها في تحقيق مكاسب اقتصادية ومالية وفي إيفائها بالتزاماتها نحو دول الجوار الحبيسة والاتفاقيات الإقليمية والدولية من جهة وبين واجباتها نحو الأمن الوطني من جهة أخرى بأن يكون النقل البيني العابر للبضائع حصرياً بالسكة الحديد سيما وشبكة هيئة السكة حديد قادرة على القيام بهذا الدور متما اكتملت امتدادتها المقترحة نحو تشاد وأثيوبيا ومن خلال ميناء كوستي النهري وخط بابنوسة – واو وذلك للمحور الشرقي – الغربي للنقل.
أما بالنسبة للمحور الشمالي – الجنوبي للنقل – وهو الذي يهم بصفة خاصة جمهوريتي مصر وجنوب السودان – فلا بديل له غير خط سكك حديد النيل الذي يمتد ما بين وادي حلفا وغرب ملكال.
تطرح الدراسة هذا الرأي لإقتناعها بأن النقل البري العابر (الترانزيت) بالشاحنات الثقيلة يحمل بين طياته مخاطر جسيمة للسودان قاطبة وللمجتمعات الريفية التي تمر بها المحاور الرئيسة للطرق البرية القومية ومنها مجتمعات الولاية الشمالية كما أسلفنا.
كما لا يفوت علينا هنا أن نذكر بنخاسة القرن الواحد وعشرين وهي الاتجار بالبشر وضحاياه من الحالمين بالهجرة إلي دول الخليج أو أوروبا أو السودان بحثاً عن فرص العمل. كثيرون من هؤلاء يظلون متسكعين في السودان ليشكلوا هماً أمنياً!
الأبعاد الاقتصادية – الاجتماعية:
قبل الحديث عن الأبعاد الاقتصادية – الاجتماعية لقيام سكك حديد النيل ندعو القارئ الكريم لاستصحاب ثلاث أمور سبقت الإشارة إليها وهي:
• ميزات النقل السككي وعودة القطار القوية على صعيد العالمين الصناعي والنامي.
• إقتراحنا بشأن إنشاء مثلث سكك حديد النيل الذي يربط ما بين بورتسودان ووادي حلفا وملكال مرتكزاً على غرب الشريك كنقطة تقاطع.
• ما ذكرناه عن مكامن القوة في اقتصاد الولاية الشمالية.
على هذه الخلفية ترى الدراسة أن السودان بصفة عامة – والولاية الشمالية بصفة خاصة – يستطيع أن يحقق مكاسب اقتصادية عظيمة إذا ما حذا حذو الدول التي جعلت من السلع الغذائية عالية القيمة (H.V.F.C) رافعات لاقتصادها ومنصة إنطلاق للتصنيع الزراعي.
للتعريف بهذه السلع وبما أسهمت به في النهضة الاقتصادية والتنموية في بعض الدول النامية نستعين بالدراسة التي أعدتها مجموعة من خبراء البنك الدولي وصدرت عنه في عام 1993. نشرت الدراسة بالانجليزية تحت عنوان:
Exporting High – Value Food Commodities: Success Stories from Developing Countries
أي بمعني "تصدير السلع الغذائية عالية القيمة" قصص نجاحات من الدول النامية" إن أهم السلع المعنية بهذه الدراسة هي: الخضر والفاكهة الطازجة والمعلبة، مركزات وبدرة عصائر الفاكهة، اللحوم الحمراء، لحوم الدواجن والبيض، الأسماك الطازجة والمعلبة، الروبيان The Shrips، مركزات الطماطم.
قياساً بهذه السلع نستطيع إضافة السمسم، الزيوت النباتية وهي زيوت السمسم، بذرة القطن، الفول السوداني، عباد الشمس، البقوليات كالفول المصري والحمص، التوابل والنباتات الطبية والعطرية.
تعزي دراسة البنك الدولي تصاعد الطلب على هذه السلع إلي عدة عوامل أهمها: ارتفاع دخول الأفراد على الصعيد العالمي، الانتقال إلي المدن، الوعي الصحي والنزوع إلي التجديد في الثقافة الغذائية. تعزيه أيضاً إلي زوال كثير من الحواجز التجارية – وكان هذا قبل قيام منظمة التجارة العالمية – وإلي إستخدام الحزم التقنية في الإنتاج الزراعي – الحيواني وإلي إستخدام التقنيات الحديثة في الحفظ والتعليب والتغليف.
ذكرت الدراسة أيضاً أن مجمل قيمة السلع الغذائية عالية القيمة في التجارة العالمية كانت في عام 88/1989 – أي قبل ربع قرن – 144 مليار دولار أمريكي شكلت حينذاك 5% من حجم التجارة العالمية من السلع، أي ما يعادل مجمل تجارة العالم من النفط في تلك السنة !. ذكرت الدراسة أيضاً أن النمو السنوي في تجارة السلع الغذائية عالية القيمة يتراوح ما بين 4% و11% متفوقاً على تجارة الحبوب والخامات المعدنية.
قدمت الدراسة دراسات لحالات نجاح Case – Studies فكان منها:
• المكسيك وصادراتها من الطماطم إلي الولايات المتحدة مستفيدة من اختلاف المناخ في البلدين.
• صادرات كينيا من الخضر والفاكهة والزهور إلي غرب أوروبا في فصل الشتاء أي off – Season بالنسبة لغرب أوروبا.
• البرازيل وصادراتها من مركزات عصير الفاكهة لاستخدامها كخامات أساسية في صناعة العصائر.
• إسرائيل وصادراتها من الموالح.
• تشيلي وصادراتها من فاكهة الأقاليم المعتدلة وعلى رأسها التفاح والعنب وذلك إلي جانب مركزات الطماطم وهذه يتصاعد الطلب عليها ليس لصناعة الصلصة فحسب وإنما لصناعة "الكاتشاب" وأمثاله من معلبات الطماطم.
• الأرجنتين والبرازيل وصادراتهما من اللحوم الحمراء.
• تايلاند وصادراتها من منتجات الدواجن وسمك التونة والروبيان.
نتيجة للإقبال العالمي على تلك السلع في ستينات وسبعينات القرن الماضي ارتفعت أسعارها وحققت الدول المصدرة لها مداخيل كبيرة. بهذه التدفقات من العملات الحرة استطاعت تلك الدول إرساء البنيات الأساسية والتوسع في التعليم مما أهلها للطفرات الاقتصادية اللاحقة والتي ما زالت تتواصل بوتيرة أعلى إلي يومنا هذا.
ترى الدراسة أن الأسواق العالمية اليوم أكثر استعداداًَ لتقبل السلع عالية القيمة الغذائية لعدة أسباب نذكر منها ثلاثة وهي:
• رسوخ وإتساع نفس الأسباب التي قادت لطفرة نهاية القرن الماضي. تتمثل تلك الأسباب في إزدياد معدلات التحضر، وإرتفاع الدخول رغماً عن الإنتكاسات التي حدثت في أسواق المال والكساد العابر في إقتصاد الدول الصناعية.
• إنهيار الإتحاد السوفيتي وتحول دول المنظومة الإشتراكية في شرق أوروبا ووسط آسيا إلي الاقتصاد الحر وتنامي قوة شرائية تستهويها السلع الأجنبية خاصة الفاكهة المستوردة من مناخات مدارية كالمانجو والأنناس والجوافة وهي الـ The exotic Fruits.
• نفور المستهلكين المستنيرين من الأغذية المعتمدة في زراعتها على السماد الكيميائي ومن اللحوم الحمراء ولحوم الدواجن التي خضعت للجرعات الهرمونية التي تعّجل بالنمو وتزيد الوزن اصطناعياً وذلك بالإضافة إلي المحاصيل المحورة وراثياً.
• لقد لعب الإعلام الغربي الطاغي في إشاعة هذا النفور في الدول العربية. شاع في هذه الدول أن تلك الأغذية مسئولة عن ازدياد حالات الإصابة بالسرطان وحالات التشوهات التي تحدث للأجنة وغيرها من الهواجس.
ترى الدراسة أن السودان بما لديه من موارد وتنوع في المناخ وبموقعه قادر على اقتحام هذه الأسواق الواعدة كما ترى أن هذه المقدرة رهينة باكتمال محاور سكك حديد النيل المقترحة!.
أما السلع التي يستطيع السودان أن يرفد بها إلي الأسواق القريبة – وهي الأسواق المصرية والخليجية كمرحلة أولى – فهي:
• اللحوم الحمراء والبيضاء (الدواجن والأسماك) والبيض.
• منتجات الألبان.
• الزيوت النباتية وهي زيوت السمسم، الفول السوداني، عباد الشمس وبذرة القطن.
• الخضر الشتوية الطازجة.
• الفاكهة الطازجة: القريب فروت، المانجو، الجوافة، البرتقال، والتمور ومن الحمضيات سيظل الليمون دائماً حاضراً.
• التوابل كالثوم والشطة والشمار والكسبرة والبقوليات كالفول والفاصوليا والبازلاء والحمص.
• مركزات الطماطم وعصائر الفاكهة ... الخ.
سيلاحظ القاري لاحقاً أنه رغماً عن التباين في طبيعة هذه السلع والمحاصيل فإن هناك تكامل وثيق في دورة الإنتاج.
حلقة الوصل:
يتضح مما تقدم أن المحور الرأسي للخط الحديد المقترح – وهو محور غرب ملكال/ وادي حلفا – سيشكل حلقة الوصل بين إقليمين مختلفين من حيث المناخ ولكل ميزاته التفضيلية وأهميتها لبعضهما البعض من منظور الاقتصاد الوطني وتجارة الصادر. إن الإقليمين المعنيين هما:
الإقليم الأول:
هو إقليم السافنا في الوسط والجنوب الجديد، يتميز هذا الإقليم بهطول أمطار تتراوح ما بين 400 و 800 مليمتر كما يتميز الإقليم أيضاً بوفرة المياه من النيلين الأبيض والأزرق ورافديه الدندر والرهد. من زاوية أخرى يحظى الإقليم باتساع وثراء مراعيه وبوجود عشرات الملايين من رؤوس الماشية كما تتمدد فيه مساحات شاسعة تصلح للزراعة المطرية. وهو في ذات الوقت الإقليم الذي توجد به أهم المشاريع المروية وهي مشاريع الجزيرة والمناقل، الرهد، السوكي، مشاريع السكر والمئات من مشاريع الطلمبات على النيلين الأزرق والأبيض. وفي هذا الإقليم يمكن إنتاج المحاصيل بالري المطري التكميلي في الخريف وبالري الصناعي في فصل الشتاء.
في هذا الإقليم يتسع المجال للتوسع في الإنتاج الزراعي أفقياَ باتساع الأرض ورأسياً باستخدام الحزم التقنية لمضاعفة الإنتاج وذلك باستخدام الآليات الحديثة.
بداهة لن يتحقق ذلك إلا بتوفر وسائل النقل المناسبة من حيث السعة والتكلفة وبتفعيل آلية السوق. أن أنسب المحاصيل – وهي محاصيل مجربة في السودان وللمزارع السوداني فيها خبرات متراكمة – هي ذات المحاصيل النقدية التي يشتد الطلب عليها وتكتسب قيمة مضاعفة لصلاحية مخلّفاتها – كقش الفول السوداني وقصب السمسم – ومخلفات تصنيعها – كالكسب أي الأمباز في الحالتين – في صناعة الأعلاف التي تلعب دور محوري في طرحنا. تشمل تلك المحاصيل: الذرة الرفيعة، القطن بنوعيه المطري والمروي، السمسم، الفول السوداني، وعباد الشمس.
إلي هذه المحاصيل نستطيع إضافة محاصيل الأعلاف التي يسهم بعضها في إخصاب التربة وهي الذرة الشامية، أبو سبعين، البرسيم حشيشة السودان، حشيشة رودس، اللوبيا، الكلايتوريا، القوار وكل ما ينصح به خبراؤنا وعلماؤنا في المراعي والعلف والإنتاج الحيواني علماً بأن المشاريع المروية قادرة على استخدام الآليات في إنتاج كميات غير محدودة من خلال ثلاث دورات زراعية سنوية.
هناك مصدر آخر للأعلاف لا يقل أهمية وقد سبقت الإشارة إليه وهو مخلفات زراعة قصب السكر وصناعة السكر. تتمثل المخلفات في رؤوس قصب السكر بعد أن توقفت بعض المصانع عن حرق أوراق القصب قبل حصاده واتجهت نحو الحصاد الأخضر.
تتمثل أيضاً في إضافة المولاس "العسل الأسود" إلي "البقاس" "تفل القصب" ليصنع من الخليط مادة علفية عالية القيمة الغذائية.
هناك أيضاً نخالة القمح – أي الردة – التي تنتجها مطاحن الغلال بمئات الآلاف من الأطنان ومعروف عنها أنها تشكل مدخلات هامة في صناعة الأعلاف المركزة للماشية والدواجن.
الإقليم الثاني:
هو الإقليم الصحراوي الذي يشقه نهر النيل بالولاية الشمالية. لقد سبق لنا الحديث عن مكامن القوة في هذا الإقليم ولا حاجة لنا في تكرار ما سبق ذكره.
توظيف صادر اللحوم لإنعاش الاقتصاد السوداني:
ترى الدراسة أن صادر اللحوم يمكن أن يشكل ماكينة اقتصادية Economic engineلتحريك معظم مكونات الاقتصاد السوداني فكيف يتم ذلك؟
قبل الإجابة على هذا السؤال نذكر القارئ الكريم بتجارة الأعلاف النشطة بين أقاليم العالم. حسبما يعلم الجميع تعبر ملايين الأطنان من الأعلاف الخشنة والمركزة بقيمة تقدر بمليارات الدولارات تعبر سنوياً آلاف الكيلومترات عبر المحيط الأطلنطي لترفد مزارع إنتاج اللحوم الحمراء ومشتقات الألبان والدواجن في أقاليم أخرى.
إن مصدر تلك الأعلاف هي الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين ودول أخرى في أمريكا الجنوبية. أما الدول المستوردة للأعلاف فهي دول غرب أوروبا، دول حوض البحر الأبيض المتوسط ودول شرق الأوسط بما في ذلك دول الخليج العربي.
ترى الدراسة أن السودان قادر على إنعاش تجارة الأعلاف داخل حدوده بتكلفة أقل ومردود اقتصادي أعلى. أن الشرط الذي ينبغي استيفاؤه هو توفر المواعين والوسائل المناسبة للنقل من حيث السعة والتكلفة لنقل الأعلاف والماشية، إن تلك الوسائل بلا شك النقل النهري والسكة الحديد. إن استخدام النقل النهري رهين باستئناس شلال السبلوقة بحفر قناة المسيكتاب الجانبية كما أوضحنا في دراسة مفصلة. أما السكة الحديد – وهي مكملة للنقل النهري – فهي سكك حديد النيل المقترحة.
أن البداية السليمة للتأسيس لنهضة زراعية مستدامة وصناعة راسخة لإنتاج اللحوم ومشتقات الألبان لأغراض الصادر تبدأ بتحول الأراضي الزراعة بالولاية الشمالية إلي مزارع مختلطة يتكامل فيها الإنتاج البستاني والحقلي مع الإنتاج الحيواني.
ترى الدراسة أيضاً أن اللاعبين الأهم لإحداث هذا التحول هم:
• المزارع في وسط وجنوب البلاد سواء أكان في القطاع المطري أو القطاع المروي.
• منتج الماشية سواء أكان في القطاع الرعوي أو القطاع الزراعي المروي.
• ملاك الأراضي الزراعية بالولاية الشمالية الذين يقبلون بالتحول إلي الزراعة المختلطة.
بهذا الفهم تطرح الدراسة السيناريو الذي تتضح ملامحه لاحقاً لإنتاج وتصنيع وتصدير اللحوم ومشتقات الألبان وذلك في تكامل تام مع الإنتاج الحقلي والبستاني والرعوي في إقليمي السافنا والصحراء. في صياغة أخرى يمثل السيناريو دعوة بأن نجعل من صادرات اللحوم رأس رمح لإختراق حالة الغشاوة الاقتصادية التي يعيشها السودان اليوم كما هو تجسيد لمفهوم الماكينة الاقتصادية (E.E) القادرة على سحب معظم قطاعات الاقتصاد.
السيناريو:
أولا: يقوم أصحاب الماشية أو الوسطاء "السماسرة" أو أصحاب الحظائر بالولاية الشمالية بشراء الماشية المعدة للتصدير أو فائض الماشية في أواسط وجنوب البلاد ومن ثم جمعها عند محطات القطار المتجه إلي وادي حلفا وإخضاعها للفحص البيطري قبل شحنها على عربات الماشية مزدوجة السطح. إن النقل بالقطار يحافظ على أوازن الماشية وصحتها ويمنع عنها النفوق كما يحدث عند النقل بالحافر أو بالشاحنات.
إضافة لذلك ينتظر من السكة الحديد أن تنقل الأعلاف إلي المناطق التي لا يصلها النقل النهري بالولاية الشمالية وهي المناطق المحيطة بالشلال الثالث وبحيرة النوبة.
ثانياً: استخدام النقل النهري بعد معالجة عقبة السبلوقة – راجع دراستنا حول قناة المسيكتاب الجانبية – لنقل الأعلاف الخشنة والمركزة من مناطق إنتاجها في محاور النقل النهري على النيلين الأبيض والأزرق إلي ميناء الشريك النهري.
إن الطريقة العلمية والأقل تكلفة لنقل الأعلاف مباشرة إلي القرى بشرق وغرب النيل ما بين كريمة وكرمة بالولاية الشمالية هي تكامل النقل النهري مع النقل بالسكة الحديد وذلك على النحو التالي:
• تقوم قطارات الهيئة العامة للسكة الحديد باستخدام الخط القائم ما بين الشريك وكريمة بشرق النيل لنقل الأعلاف من ميناء الشريك بشرق النيل إلي ميناء كريمة النهري.
• يعاد شحن الأعلاف مرة أخرى في الصنادل لتتجه شمالاً حتى كرمة وبذلك يصبح ميسراً نقل الأعلاف إلي كل القرى النيلية حيث يسهل إيصال الأعلاف إلي كل المزارع المختلطة باستخدام كل الوسائل المتاحة بما فيها الدواب.
• استخدام المزلقات الأسمنتية أو المعدنية في عمليات شحن الصنادل عند المنشأ على النيلين الأبيض والأزرق واستخدام الناقلات الميكانيكية The Conveyors عند التفريغ حيثما كان ذلك ممكناً.
ثالثاً: دعوة الشركات المصرية والخليجية العاملة في توزيع اللحوم إلي الاستثمار في تصنيع اللحوم بالسودان اعتماداً على الماشية من إنتاج المزارع المختلطة والحظائر الرعوية بالقرى النيلية. ينتظر أن تكون رؤوس الماشية التي تباع إلي مصانع اللحوم قد خضعت للرقابة البيطرية وتم التأكد من خلوها من الأمراض كما ينتظر أن تكون قد بلغت الأوزان التي ترفع من قيمتها. أن مجمعات صناعة اللحوم التي تعنيها الدراسة هي مجمعات مكتملة من حيث المعينات الفنية الحديثة لكل مراحل الإنتاج. تشتمل تلك المراحل على المسالخ، صالات التقطيع والتشفيه والفرم والخلاطات .. إلي مرحلة الأوزان والتغليف ومن ثم إلي غرف التبريد أو التجميد حسب الحالة.
تفضل الدراسة أن تكون المبادرة في تصنيع لحوم الصادر لشركات توزيع اللحوم العربية لكونها تصب في مصلحة الاقتصاد السوداني من عدة أوجه أهمها:
• مقدراتها الفنية في التأكد من سلامة الماشية واللحوم المصنعة وهو الأمر الذي يبطل أي شبهات حول سلامة اللحوم السودانية.
بهذه المشاركة تزول الهواجس من اكتشاف أي عيوب صحية في اللحوم ومشتقات الألبان التي تقدم للمستهلك المصري أو الخليجي. إن اكتشاف حالة واحدة لحيوان مريض أو لحوم تالفة لأي سبب ومهما صغر مقدار التلف لهي كافية لأن تعصف بسمعة صادر اللحوم لعدة سنوات كما سبق أن حدث للماشية الحية.
• مقدرات شركات التوزيع في إطلاق حملات الترويج في الأسواق العربية حيث تشتد المنافسة بين الدول المصدرة وأهمها الأرجنتين والبرازيل واستراليا.
• قوة رأسمال الأجنبي ومقدرته على استيراد أحدث مصانع اللحوم وفي التعاقد مع أصحاب الخبرات في صناعة اللحوم حيثما وجدت تلك الخبرات، من خلال العمل اليومي المكثف وقليل من التدريب النظري ستكتسب العمالة السودانية الخبرة الفنية المطلوبة.
• ينتظر من رأس المال العربي أن يشيد مجمعات سكنية للعاملين وأن يوفر الرعاية الصحية فالصحة شرط أساسي لمن يعمل في الصناعات الغذائية. أن أنسب المواقع لقيام مجمعات صناعية اللحوم هي الظهير الصحراوي للقرى النيلية وعلى الطريقين البريين حول النيل وبحيث تكون قريبة من الشبكة القومية للكهرباء ومن مصادر المياه من النيل أو المصادر الجوفية.
رابعاً: ترى الدراسة أن مطارات مروي ودنقلا ومطارات وادي حلفا والدبة بعد تأهيلها هي الأنسب لنقل اللحوم الطازجة جواً إلي المدن العربية المستهدفة في زمن قياسي.
تلك ميزة لا تتوفر لللحوم المستوردة من دول منافسة. بقي أن نعلم أن طائرة شحن جوي حمولة ثلاثين طن – أي ثلاثين ألف كيلوجرام – تستطيع نقل لحوم مصنعة لألفين رأس من الضأن إن كان بالطائرة متسع لهذه الحمولة!.
بتوفر السماد الطبيعي تستطيع الولاية الشمالية تكثيف إنتاج المحاصيل الغذائية الطبيعية وهي الـ Bio – Food التي من بينها الخضر والفاكهة والبقوليات والتوابل الخالية من آثار الأسمدة الكيميائية والمبرأة من التحوير الوراثي وهي المنتجات التي يشتد عليها الطلب وتحقق أسعار عالية في الدول الغربية بشكل أساسي.
سادساً: ليست المنتجات البستانية بذات القابلية للتلف السريع كما هو الحال مع اللحوم كما هي أكبر حجماً وأثقل وزناً. لهذا ترى الدراسة أن الحاويات المبردة هي الأنسب لنقلها إلي الأسواق الخارجية. كما سبق أن نوهنا ستتضاعف أهمية سكك حديد النيل بنقلها للخضر والمنتجات البستانية إلي الأسواق المصرية شمالاً بعد تطابق خطوط السكة الحديد على القياس العالمي (1435 ملم) والي الموانئ المصرية المطلة على البحر الأبيض المتوسط لتواصل الحاويات رحلاتها بحراً إلي الموانئ الأوروبية. أما محور النقل الجنوبي فيتمثل في نقل الحاويات المبردة إلي بورتسودان عبر تقاطع الشريك ومن بوتسودان بحراً إلي جدة بوابة دول الخليج العربي.
سابعاً: ترى الدراسة أن يشمل نقل الماشية بالسكة الحديد من أواسط وجنوب السودان أن يشمل الإناث منها أيضا. بنقل الإناث وبتوفر الأعلاف والبيئة الصالحة لتربية الحيوان ستتحول الجناين والحقول بالولاية الشمالية إلي الإنتاج الحيواني بمعني التكاثر وليس التسمين فقط.
إن كثافة أشجار النخيل والفاكهة ووجود الحقول والمسطح المائي لنهر النيل وبحيرة النوبة يعني اعتدال نسبي في الطقس. بهذا تتوفر البيئة المناسبة للإنتاج الحيواني، لتوطين السلالات الأجنبية والهجين وللتلقيح الصناعي لتحسين السلالات.
إن إدخال الإنتاج الحيواني بكثافة في الولاية الشمالية سيحول أهلنا إلي "بقارة وغنامة" أسوة بقبائل المسيرية والحوازمة والزغاوة بغرب السودان وتلك بداية ستنداح على كل مزارعي السودان ليصبحوا بقارة ولكنهم مستقرين.
من جهة أخرى ستشجع البيئة الرطبة والمعتدلة في الجناين وتوفر أعلاف الدواجن المنقولة من أواسط وجنوب البلاد ستشجعان الجناين على إنشاء حظائر الدواجن وإن كان ذلك بسعات محدودة ولكنها تستوفي شروط اللحوم الطبيعية Bio - Meat.
ثامناً: عند قيام مجمعات صناعة اللحوم تنتفي الأسباب التي فرضت على السودان تصدير الحيوانات الحيّة وإن كان ذلك لغرض الهدي!. ذلك لأن تصدير الحيوانات الحية يحرم البلاد من مكاسب لا تحصى. لقد انحصر حديثنا حتى الآن في القيمة المضافة التي تحققها صادرات اللحوم ولكننا نرى أن هناك مكاسب أخرى تفوق في مجموعها العائد من صادرات اللحوم أهمية!. تتمثل تلك المكاسب في الصناعات التي تستخدم مخلفات الماشية والذبيح وصناعة اللحوم وهي صناعات تفوق في عددها العشرين صناعة!.
إن أهم تلك الصناعات هي الدباغة، الصناعات الجلدية التي تشمل فيما تشمل: الأحذية، الحقائب، الأثاثات، الملابس الجلدية الفاخرة من جلد الشامو، وآلات الإيقاع والموسيقي ... الخ.
أما بقية المخلفات التي يمكن تصنيعها فتشمل: الروث لصناعة السماد الطبيعي "الكمبوست"، الدم، العظام، الأظلاف، الدهون، الأمعاء الصغيرة والصوف والوبر. إن استخدام هذه المخلفات كخامات صناعية يعني اجتذاب المزيد من رؤوس الأموال كما يعني اتساع فرص العمالة. نظراً لتعدد الفرص الضائعة في تصنيع اللحوم ومخلفاها فإننا نستطيع القول بأن تصدير الحيوانات الحيّة فيه الكثير من سمات التخلف وضيق الأفق الاقتصادي. أما تصدير الجمال إلي مصر على "الخف" أي سيراً على درب الأربعين كما هو الحال منذ قرون سلفت والعياذ بالله!.
أما الأعلاف التي يتحمس الجميع لتصديرها فإن حظائر الإنتاج الحيواني بولايتي نهر النيل والشمالية أولى بها. لهذا نتوقع أن يدفع قيام الخط الحديدي المقترح (ملكال – وادي حلفا) الكل إلي التراجع عن تصدير الأعلاف نتوقع أيضاً أن تتوقف مصانع السكر عن صناعة الإيثانول وعن حرق البقاس فالعائد من إضافة المولاس إلي البقاس ليتحولا إلي علف هو عائد حتماً أعلى من عائد صناعة الإيثانول والتوليد الحراري للكهرباء. يتعزز هذا الرأي بمضاعفة التوليد الكهربائي بعد تعلية الروصيرص وعند اكتمال سد النهضة الأثيوبي.
تاسعاً: سيتيح هذا الطرح التوسع في التمويل الأصغر والقروض قصيرة المدى. ذلك لأن ملكية الأرض الزراعية بالولاية الشمالية ستوفر الضمان الذي يرضي المصارف فكما هو معروف تعتبر الأراضي الزراعية بالشمالية الأعلى قيمة في السودان. يسهل الحصول على القروض القصيرة لسبب آخر وهو أن عمليات تسمين العجول والضأن تتراوح عادة ما بين الشهرين والأربعة أشهر فقط.
عاشراً : إن تحقق هذا السيناريو فإن هجرة عكسية كثيفة ستشهدها الولاية من أبنائها الذين نزحوا إلي العاصمة وبقية المدن السودانية وذلك إلي جانب عشرات الآلاف من المغتربين الذين طال اغترابهم وفاض بهم الحنين للعودة إلي أوطانهم الصغيرة بالولاية الشمالية.
نظراً لضيق الأراضي الزراعية والسكنية بوادي النيل فإن المتاح للعائدين هو قيام امتدادات القرى القائمة في ظهيرها الصحراوي وعلى جانبي الطريقين البريين بشرق وغرب النيل.
لهذا نتوقع أن تقوم المحليات السبع بالولاية الشمالية بتخطيط قرى حديثة على الطريقين البريين وبتخطيط حظائر صغيرة لتربية الماشية في محيط تلك القرى. بوجود الطريق البري تصبح أهم البنيات الأساسية المطلوبة هي الكهرباء – وهي متوفرة – والمياه التي يمكن ضخها بالأنابيب من النيل مباشرة وإن كان الأفضل هو ضخها من المياه الجوفية التي يختزنها حوض الحجر الرملي النوبي.
إن إقبال المواطنين على إعمار تلك القرى رهين بمدى تفهم حكومة الولاية والإدارات المحلية للمغزى البعيد لقيام تلك القرى! لهذا نرى ضرورة الالتزام الحرفي بمجانية الحصول على الأرض السكنية وحظيرة المواشي وبحيث تحصر رسوم الحصول على الأرض بتكلفة مد الكهرباء وتوفير المياه!.
اعتماداَ على الماشية والأعلاف المنقولة بالقطار وبمواعين النقل النهري سيتجه العائدون إلي استثمار مدخراتهم في الإنتاج الحيواني في شتى أشكاله. إن النتيجة الطبيعية لكثافة الوجود الحيواني في حظائر تتراوح مساحتها بين ثلاثة وخمسة فدان سيعني تحول التربة الرملية إلي تربة خصبة تصلح للمنتجات البستانية العضوية أما بالري بالتنقيط في حقول مكشوفة أو بإنشاء البيوت المحمية "الصوبات". تحت هذه المعطيات فإن كل منزل ينشأ ستسمق فيه نخلات وكل حظيرة تقام ستحيط بها مصدات للرياح وتنمو فيها أشجار تستظل بها الماشية. إن المحصلة النهائية هي قيام حزامان أخضران يتسع بهما وادي النيل.
أحد عشر: لقد استطال الحديث حول الاستثمار العربي في السودان إذ بدأت دعوة المستثمرين العرب منذ بداية السبعينات حينما تم الترويج لشعار "السودان سلة غذاء العالم العربي" على ضوء ما طرحناه في هذه الدراسة حول إنتاج الأعلاف بكميات غير محدودة في الأراضي المطرية وبعد الخريف في المشاريع المروية الكبرى (الجزيرة، الرهد وحلفا الجديدة ومشاريع الطلمبات) واستصحاباً لحديثنا حول تكامل النقل النهري وخط حديد النيل الرأسي (ملكال – وادي حلفا) فإننا نتوقع أن يكون لدعوة رأس المال العربي معني وأن تجد الدعوة الاستجابة المنشودة.
ترى الدراسة أن قيام قرى تنبض بالحياة تتوفر فيها العمالة ووجود الطريق البري وتوفر خدمات الكهرباء ووفرة المياه الجوفية لهي عوامل جذب قوية للمستثمرين العرب مهما تباينت مقدراتهم المالية.
على جانبي الطريقين البريين توجد أراضي صحراوية بلا حدود وعلى تلك الأراضي يمكن أن تتكاثر حظائر الإنتاج الحيواني والبيوت المحمية ومجمعات صناع اللحوم ومنتجات الألبان.
تتوقع الدراسة أن ينحي الاستثمار العربي منحنى التجديد والابتكار. نتوقع منه أن يستثمر في الطاقة الشمسية فسماء الولاية الشمالية الصافية أبداً ستؤمن إنتاج وفير من الطاقة الكهروضوئية. أن توفر الكهرباء من هذا المصدر المجاني سيشجع على ضخ المياه الجوفية لسقيا الماشية، لتبريد الجملونات التي تحشد فيها الأبقار من السلالات عالية الإنتاج من الألبان واللحوم، لتبريد حظائر الدواجن ولمتطلبات تصنيع اللحوم وحفظها بالتبريد والتجميد. نتوقع أيضاً أن تمول الصناديق العربية والشركات الكبرى قيام مراكز بحوث الإنتاج الحيواني والبستاني والبحوث حول استزراع الصحراء ومحاربة التصحّر الذي بات يهدد وادي النيل.
أثنى عشر: في خاتمة هذه الدراسة ندعو القارئ أن يشاركنا في استقراء النتائج والتحولات التي يمهد لها قيام سكك حديد الشمال بالنسبة للولاية الشمالية والاقتصاد الوطني بصفة عامة.
هنا تقفز إلي الذهن بعض المصطلحات الاقتصادية والاجتماعية وثيقة الصلة بالآثار الإيجابية التي يتمخض عنها قيام الخط الحديد المقترح. من بين تلك المصطلحات الأثر المضاعف للاستثمار في الخط الحديد وهو الـ Multiplier effect ومنها أيضاَ الأثر الاسترجاعي Feed – back effect وذلك بالإضافة إلي مفهوم النتائج المتسلسلة chain results.
أوردنا في سياق هذه الدراسة بعض تلك النتائج والتأثيرات ونوجزها أدنها للتذكير:
• طفرة في إنتاج الأعلاف وفي إنتاج المحاصيل التي تشكل مخلفاتها ومخلفات تصنيعها مدخلات لصناعة الأعلاف المركزة وضربنا مثلاً بالفول السوداني والسمسم.
• بفعل آلية السوق سيتحمس الرعاة والمربين في المشاريع المروية لبيع الذكور من الماشية بعد الفطام مباشرة.
• نتيجة لبيع ذكور الماشية سيخف الضغط على المراعي وهو الأمر الذي سيعيد الغطاء النباتي إلي الأراضي المهددة بالتصحر.
• نتوقع أن يوظف المستنيرون من الولاية الشمالية أدوات ثورة الاتصالات والمعلوماتية في إيجاد أسواق لمحاصيل الولاية حتى في أقاصي الدنيا كاليابان وفنلندة على سبيل المثال لتسويق إنتاج الولاية الطبيعي من بدرة الثوم المجفف أو الشمار والشطة لاستخدمها كمقبلات للطعام أو في صناعة العقاقير الطبية، يساعدهم في ذلك النقل الجوي من مروي أو دنقلا أو وادي حلفا ومطارات الخليج المحورية Hub aero ports كمطاري جدة ودبي.
• استطاعة الشركات ورجال الأعمال من الولاية الشمالية الاستفادة من صلة الخط الحديدي المقترح ببورتسودان وبسكك حديد مصر وذلك في الاستيراد المباشر إلي دنقلا أو الخندق أو مروي إذ ستنتفي الحاجة للعاصمة القومية كمرتكز لتجارة الصادر والوارد.
• إن الانتقال المتدرج للإنتاج الحيواني إلي الحظائر الرعوية سيعني عدة مكاسب للثروة الحيوانية، إلي جانب تحصين القطيع من الأمراض المتوطنة وتلك العابرة للحدود نستطيع أن نضيف الآتي:
- عدم فقدان الماشية لأوزانها بسبب الحراك المستمر بحثاً عن الماء والمرعى أو لنقلها إلي الأسواق علماً بأن الضأن السوداني يأتي في المرتبة 19 من حيث الوزن بين الضأن العربي.
- تراجع حالات الإجهاض الناتجة عن الإجهاد والعطش وذلك مع ازدياد الخصوبة في أجواء يتوفر فيها العلف، المياه والظل.
- حماية جلود الحيوان من التلف بسبب الخدوش والتشوهات التي تتسبب فيها الأشجار الشوكية أو الوسم أو اللسعات من الحشرات السامة وغير السامة وقد تتسبب فيها قرون الثيران عندما تتعارك وأخيراً سلامة الجلود عند السلخ.
• إنتشار الصناعات التحويلية كقشارات الفول ومعاصر الزيوت وصناعة الأعلاف المركزة على امتداد ضفاف النيلين الأبيض والأزرق. إلي جانب القيمة المضاعفة التي تحققها تلك الصناعات واستيعاب العاملة المحلية فإن تصنيع الأعلاف يسهم في اقتصاد النقل خاصة من حيث الحجم.
• إن تكثيف زراعة الأعلاف في الأراضي المطرية والمشاريع المروية يعني ضمناً وجود احتياطي إستراتيجي سنوي من الأعلاف يؤمن القطيع السوداني في حالات الجفاف التي قد نفاجأ ها في أي سنة بسبب ظاهرة تغيير المناخ. بوجود المخزون الإستراتيجي من الأعلاف نتجنب نفوق الملايين من رؤوس الماشية كما حدث في ثمانيات القرن الماضي.
• ستشكل القرى الجديدة على الطريفين البريين بالشمالية منصات لاستكشاف المعادن في الصحراء المحيطة وبذلك تتحقق أنسنة Humanization النشاط التعديني.
• أما الأثر على الاقتصاد الكلي فهو متعدد الأوجه، أن الوفرة في إنتاج اللحوم والألبان والمنتجات البستانية تعني وفرتها في الأسواق والارتقاء المستوى الغذائي والصحي للمواطن كما يعني زيادة حقيقية في دخله ليتمكن من شراء المزيد من السلع والخدمات وبذلك ينتعش الاقتصاد الكلي.
ختاماً: نقدم هذه الدراسة وهي عبارة عن دراسة جدوى أولية Prefeasibility study – أو طرح لمشروع Project appraisal- الغرض منها هو إثارة الانتباه ولفت الأنظار إلي أن هناك ثغرة أو فجوة كبرى في نظام النقل في السودان. إن استدامة هذه الثغرة تعني أن يظل الاقتصاد كسيحاً كما أن معالجتها تعني اتساع الآفاق وتفجير الطاقات.
نأمل أن تجد الدراسة قبولاً وفي هذه الحالة نتطلع أن تكلف الدولة أحد بيوت الخبرة الاستشارية المتخصصة في النقل السككي لإعداد دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية المكتملة.
نتطلع أيضاً إلي مساهمة أبناء الولاية الشمالية الفاعلة في قيام شركة النيل للسكة الحديد متماً تأكدت جدوى المشروع. نتوقع أن تكون الاستجابة قوية وأن الشعب السوداني قاطبة سيتجاوب معها. إن الاستجابة الواسعة ستعني أن يحذو الشعب السوداني حذو الشعبين المجاورين في الشرق وفي الشمال. كما نعلم استجابة الأثيوبيون لدعوة حكومتهم لشراء السندات لتمويل إنشاء سد النهضة كما استجاب المصريون لنداء مشابه من حكومتهم لتمويل مشروع قناة السويس الثانية.
أما بالنسبة لشركة النيل للسكة الحديد فإن المشاركة تبدو أكثر جاذبية لأنها تجمع بين الواجب الوطني والمنفعة الخاصة فالمساهمة في الشركة تعني المشاركة في ملكيتها وتعني الأرباح المتعاظمة إذ هي ليست بسندات محدودة الأجل.
والله الموفق،،،
المدن والقرى على مسار سكك حديد النيل
أولاً: الولاية الشمالية:
المدن والقرى بشرق النيل مع النيل من الشمال إلي الجنوب:
1 فرس شرق 21 دوشاب (ق) 41 عبري
2 الكشاف (ج – جزيرة) 22 أميكول (ق) 42 صاي
3 سره (ق – شرق) 23 أميكول (ج) 43 تبج
4 دبيرة 24 مالك الناصر 44 أدم دولي
5 دبروسة 25 سنقي 45 كويكة
6 اشكيت 26 كنقور (ج) 46 موركة (ج)
7 الصحابة 27 أوكمة 47 عبود
8 قدمة (ج) 28 عكاشة 48 صواردة
9 دبروسة 29 كولب 49 نولتي (ج)
10 وادي حلفا 30 ساركيمتو 50 أرو
11 دغيم 31 فركة 51 أشيمتو
12 جنساب (ج) 32 مفركة 52 واوا
13 مينارتي (ج) 33 كوشة 53 كويمتو
14 سمنة (ق) 34 سرقد (ج) 54 عقر
15 عمكة 35 دفي (ج) 55 سعد يقنتي
16 جمي (ق) 36 اينارتي (ج) 56 أبو صاري
17 مرشد 37 جنس 57 سعد ينكورتا
18 أورناتي (ج) 38 عطب 58 دلقو
19 صرص (ج) 39 أرنتي (ج) 59 أقيتيري
20 أتيري 40 عمارة 60 مشرفة
61 سبو 81 كلتوس 101 البرصة
62 جدي 82 السير 102 الكرفاب
63 فريق 83 الزرايب 103 الأراك
64 مشكيلة 84 النعمان 104 الحجير
65 نوري 85 تمر العرب 105 المقل
66 شرفقاد 86 ناوا 106 جزيمه
67 مسيده 87 أمنتقو 107 مقاشي
68 جبراب 88 عرب حاج 108 الزومة
69 سعديق 89 كدكول 109 الدهسيرة
70 كدي 90 المقارة 110 الكرو
71 تمبس 91 الغدار 111 الدتي
72 أبو فاطمة 92 دنقلا العجوز 112 مروي (ق)
73 كبر ناري 93 بوكبول 113 شبا
74 مدوق 94 حمور 114 البركل
75 كرمة النزل 95 تنقسي 115 كريمة
76 كرمة البلد 96 أرقي
77 البرقيق 97 العفاض
78 أرقو 98 مورا
79 كودي 99 جلاس
80 أنقوري 100 البار
ثانياً: ولاية نهر النيل:
المدن والقرى بغرب النيل صعوداً مع النيل من غرب الشريك:
1 غرب الشريك (الغريب) 21 الباقير 41 أبو حراز
2 الحماداب 22 الرضي 42 المسيد
3 يثري 23 السلمانية 43 العشير
4 الزمامة 24 المسيد 44 كدباس
5 الصنقير 25 فتوار 45 الغبش
6 الرضي 26 الجول 46 أبو كفوف
7 الزمامة 27 السارة 47 الوعير
8 الزريقاء 28 الجرانيس 48 السويكتاب
9 الريشاب 29 الحواشات 49 الفحلاب
10 المظيريف 30 التكاوين 50 الأشاقدة
11 أبو مريخ 31 واوسي 51 الخواوير
12 المشارة 32 الباوقة 52 الفاضلاب
13 أم سدرة 33 الخيران 53 أم الطيور
14 الحقنة 34 القيساب 54 التميراب
15 كوكي 35 أبو كبيدة 55 أبو سليم
16 الشاماب 36 السليم 56 الزيداب غرب
17 المناصير 37 الحلفا 57 العلياب غرب
18 العشير 38 عرب البير 58 الحرة
19 الغريب 39 حلة يونس 59 الكتياب
20 سوق الأربعاء 40 جاد الله 60 الجابراب
61 الباقير 84 الصفر 107 قلعة الباكرية
62 النوبة والفادنية 85 النوراب 108 الجابراب
63 السيال العبابدة 86 الشيخ سلمان 109 الكمر
64 سقادي 87 الصواردة 110 الجزيرة نسري
65 الكمير 88 الجوير 111 حجر الطير
66 بقروس 89 الكردة 112 الثورة كبوتا
67 الحداحيد 90 كمير العوضية 113 وادي الحصا
68 المكنية 91 القبروتاب 114 ود الحبشي
69 الحليلة 92 السيال الكبير 115 القليعة
70 البيضاب 93 السيال الصغير 116 ود حامد
71 أم سدرة 94 المتمة 117 الجزيرة أم جركي
72 القراسين 95 القبة والكرماب 118 الحواديت
73 كلي 96 الشطيب 119 مديسيسة
74 الشبيطاب 97 وادي الدابي 120 الشيخ العباس
75 قوز بدر 98 الصلعاب 121 حر ود سالم
76 قوز بره 99 وادي الشيخ 122 أبو رغيوة
77 الجميلاب 100 وادي خليل 123 مديني
78 العاليماب 101 الهوبجي 124 مجركي
79 طيبة الخواض 102 الجكيكة 125 القويز
80 قوز عمر 103 طبقة 126 التبنة
81 العقادة 104 البواليد 127 الحقنة
82 حوش الخضر 105 سلوة 128 الحدود مع ولاية الخرطوم
83 المغاوير 106 الجريف
ثالثاً: ولاية الخرطوم:
الريف الشمالي – القرى بغرب النيل
1 الحقبية 8 الشبراب 15 الشيخ الطيب
2 الحجير أم دوم 9 الرميلة 16 السروراب
3 أم قريز 10 الوادي الأبيض 17 النوبة
4 الحواشاب 11 أم كتي 18 الجزيرة اسانج
5 الكوداب 12 الشهيناب 19 النوفلاب
6 قوز نفيسة 13 السناهير 20 الحريزاب
7 الودي الأخضر 14 التسعين 21 وادي سيدنا
رابعاً: ولاية النيل الأبيض
المدن والقرى بغرب النيل صعوداً من حدودها الشمالية إلي الحدود الجنوبية:
1 أبو حليف 24 الشطيب 47 روضة المختار
2 الشيخ الصديق 25 الجبل 48 ود شمام
3 العلقة 26 الصغيرابة 49 أبو نمل
4 الشاتاي 27 عريك 50 قلي
5 ود نمر 28 شبشة 51 الفشاشوية
6 الصوفي 29 العميرية 52 الطويلة
7 الحسين 30 الطلحة 53 كوستي
8 العشرة 31 المليح 54 أم هاني
9 الشاطئ 32 بخت الرضا 55 الكرو
10 قويز البيض 33 الديوم 56 السبعة الأحامدة
11 حلة أولاد سليمان 34 وكرة 57 أم حياية
12 حلة الشيخ عبد المحمود 35 المقام 58 كعكول
13 حلة الشيخ بابكر 36 أم تكال 59 أولاد شن
14 الخنجر 37 أبو شبيكة 60 عسولة الزليط
15 وادي النيل 38 المندريب 61 أم صنقور
16 السليك 39 قوز مرفعين 62 الرديس
17 الترعة الخضراء 40 القردود 63 الخيرات الشايقي
18 العشير 41 أرقد فايق 64 بانت
19 فرع الخنجر 42 الفتحو 65 مديسيس
20 فرع البنوباب 43 السور 66 فج الحلة
21 الكشافة 44 النهيم 67 الجبلين
22 جوري 45 أم بلالة 68 جودة
23 مهباب 46 الكويك 69 الحدود مع دولة الجنوب
مجموع المدن والقرى على مسار الخط الحديد
مجموع القرى بشرق وبغرب النيل ما بين الحدود الدولية الشمالية والجنوبية:
الولاية الشمالية 115
ولاية نهر النيل 128
ولاية الخرطوم 21
ولاية النيل الأبيض 69
مجموع القرى 333
د. عمر محمد علي أحمد
جمعية خريجي كلية الدراسات
الإقتصادية والإجتماعية
جامعة الخرطوم
Omeralakhdar@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق