ممكن نتونّس، بمناسبة "الجو دا"، عن الجودة؛
وما أدراك ما الجودة،
لمن تلقى شركات تجيد تعذيب الزباين وتقديم أسوأ الخدمات،
تلقاها حاصلة على شهادة الجودة،
يبقى الآيزو دي أيّ كلام مش كدا؟
أبـــــــــــــــــداً!
الحاصل إنّه في سوء فهم لمواصفات الجودة،
تستغله بعض الشركات لتضليل المواطنين،
أو ممكن يكونوا ناس الشركة نفسهم فاهمين غلط؛
المهم،
أوّل تجربة عمل لي، قبل ييين سنةكدا،
كانت في بيت الجودة، Quality House،
فممكن أونّسكم عن مواصفات الجودة، وأحاول أصلّح سوء الفهم الحاصل،
خاصّة وكان بديت بي دورة تدريبيّة عن الآيزو 9001،
* * * * * *
الفهم الخاطئ بيكمن في افتراض إنّه شهادة الآيزو بتضمن جودة خدمات المؤسّسة، ودي ما الحقيقة.
كيـــــف؟
وكمان بنتكلّم عن "توكيد الجودة"؟؟!!
ربّما الترجمة نفسها عنصر في التضليل الحاصل: quality assurance،
وليس guarantee؛
وربّما حاول الناس تجنّب هذا اللبس باستخدام "توكيد" بدل "تأكيد".
المهم؛
مواصفات الآيزو لا تضمن جودة المؤسّسة،
بل تضمن للزبون التحقّق من مستوى جودة المؤسّسة.
* * * * * *
يللا كان اكتشاف بالنسبة لي،
وأظنّه ح يكون اكتشاف لبعض من يقرأ،
إنّه دليل الجودة بتاع المؤسّسة المقصود إنّه يقرأ بواسطة الزبون!!
طبعا هنا الوضع غير؛
دليل الجودة "سرّي للغاية"؛
نحنا ما دفعنا القروش دي لي ناس الآيزو شان الطيور الزيّكم ديل يقروا الدليل!
* * * * * *
ح أقدّم شرح مبسّط للفكرة:
النموذج الكلاسيكي للجودة هو "ضبط الجودة"،
ودا عادة بيتعلّق بالمنتجات المعبّأة؛
يعني قزازة البيبسي البتشتريها دي بتمر بي فحوصات تضمن، بي درجة عالية، إنّها مطابقة للمواصفات المعدّة مسبقا، واللي بيسوّقها المصنّع؛
"تضمن" دي طبعا ما كلام خشم، كلام إحصاء، بالأرقام، الناس القروا هندسة ورياضيّات وكدا عندهم خلفيّة.
* * *
يلّا ضبط الجودة دا مشكلته إنّه بيتم بعد الإنتاج،
بعد الفاس تقع في الراس؛
طبعا لو الموضوع سلعة ح تشتريها فالفاس ح تقع في راس المصنّع،
أو يمكن في راسكم الإتنين،
لكن لو الموضوع خدمة، فالموضوع ح يكون ماسورة؛
بعد تتورّط في كونتراكت؛
وما ح يفيدك كتير تعاقب المقاول وتخت ليو شروط جزائيّة؛
خصوصا لو شغلك معتمد على شغله؛
فالمطلوب طريقة تتأكّد بيها مسبقا هل الزول دا ح يقدر يفي بمستوى الخدمة المطلوب\الموعود وللا لا؛
من هنا جات كلمة "توكيد".
* * *
طيّب ح تتأكّد كييييف
يللا هنا روعة الفكرة، وأنا معجب بيها بالمناسبة:
ح تتحاول تتأكّد بي إنّك تراجع الناس ديل بيديروا شغلهم كيف،
تراجع إجراءاتهم وتعليمات العمل عندهم،
وتشوف هل طريقة إدارتهم مقنعة وللا لا؛
من أعلى المستويات،
لحدّي مستوى: لو الكهربا قطعت بيعملوا شنو
(شان ما يجوا يقولوا ليك الكهربا قطعت)
دي كلّ فكرة المواصفة،
وفيها بعض التفصيل، مع الأسف ما عندي نسخة أنقل منّها، فحسّة بنقل من ذاكرتي
( مع العلم بي إنّه حصل reset للذاكرة دي قبل كدا لو في زول متذكّر )
مثلا المواصفة بتطلب من المؤسّسة يكون عندها إجراءات لتعيين الموظّفين؛
تحديدا اللي عملهم عنده علاقة بالزبون؛
مثلا السوّاق بتاع المدير ممكن يكون ما عنده علاقة (كبيرة) بالزبون،
لكن المهندس الفي الموقع عنده.
نفس الحكاية،
مفروض يكون في إجراءات بتوصّف عملّيّات الشراء العندها علاقة بيك؛
وهكذا.
هنا أذكر سؤال سأله أحد الحاضرين: "لو عندي زول قريبي بيورّد لي بي سعر أرخص، هل ح أكون مطابق للمواصفات؟"
المدرّب قال للجنبه يجاوبه،
فأجاب: لو ح تكتب في إجراءات الشراء: "يحق للمدير شراء المواد من قريبه" تبقى مطابق؛
إجابة جميلة خالص، تشرح كلّ شيء.
فلحدّي ما نقرا دليل الجودة بتاع الشركات إيّاها ونشوفهم كاتبين شنو،
فاللوم ما على الآيزو، علينا نحنا.
* * * * * *
المعلومة المهمّة، للغاية، هي إنّه مواصفات الآيزو بتتبنى فوق نظام بيروقراطي جيّد؛
وكلمة بيروقراطي، مع الأسف، اكتسبت سمعة سيّئة،
والناس بقت تنقنق في "الإجراءات العقيمة"،
لحدّي ما زي ما قال أحد الأصدقاء: شالوا "الإجراءات" وخلّوا "العقيمة".
أبدا،
لو في إجراءات عقيمة دا ما معناه الإجراءات عقيمة،
الإجراءات والروتين حاجات مفيدة، جدّا، لو في حاجة متكرّرة؛
ما مفروض تفكّر كلّ مرّة ح تعمل الحاجة كيف؛
اكتب خطوات، ووفّر مجهودك الذهني للتفكير في حاجة لي قدّام.
وبالمناسبة، مواصفات الآيزو ما غفلت عن حتّة "عقيمة" دي؛
فهنالك مطالبة، وتشديد، لمسألة "التحسين المستمر"
والإجراءات بتسهّل الحاجة دي؛
مجرّد ما تكتب الخطوات، بتقدر تدرس كيف تحسّن كلّ خطوة، وكيف تختصر بعض الخطوات.
* * * * * *
بعد كدا ح أمارس ما اعتدت عليه من ربّيط الحاجات مع بعضها،
أوّل ربط مع "البرمجة"؛
(بتاعة الكمبيوتر ما الكهرباء)،
بشكل عام، ما بتقدر تتنبأ بي مخرجات برنامج كمبيوتر من غير ما تشغّله،
لكن برضو، بشكل عام، بتقدر تقدّر من شكل الكود القدّامك، هل البرنامج يعتمد عليو وللا لا؛
أو عشان نكون أكثر ضبطا: ترتيب البرنامج، والالتزام بالـ best practice، شرط ضروري، حتّى لو ما كان كافي، شان برنامجك يعتمد عليو؛
الإجراءات، والمواصفات، والتعليمات، عبارة عن برمجة المؤسّسة؛ بالضبط؛ بس!
* * * * * *
الربط التاني، المهم، بالديموقراطيّة،
والمرّة دي أنا قاصد الجانب الإجرائي فيها:
الديموقراطيّة لا تضمن انتخاب الحكومة الأفضل،
لكن بتضمن بي شكل كبير إنّه الناس تكون على بيّنة:
أيّ زول بيطرح مسبقا هو ناوي يحكم كيف،
زي ترامب دا حسّة،
والناس بتتخيّر.
ممكن ناس تعدّد لي أمثلة مناقضة، لكن أرجوك تفكّر مرّتين؛
مثلا: مرسي جا بي طريق ديموقراطي، لكن شرع في برنامج "التمكين" المعروف بتاع الأخوان المسلمين؛
لكن..
تفتكر الناس ما كانت على بيّنة؟
إذا كان مرسي فاز بي فارق بسيط جدّا ضد مرشّح النظام اللي الناس ثارت عليو، معناها الناس ما كانت متفائلة شديد أو اتغشّت؛ بس ما كان في خيارات.
* * * * * *
أختم بي كلام عن تطوّر العمليّة ومستقبلها، بالنسبة للشركات، وبالنسبة للأحزاب.
الفكرة الجوهريّة في الشركات محدودة المسئوليّة، limited liability،
إنّه الشركات يكون عندها "شخصيّة"؛
طبعا محدوديّة المسئوليّة متعلّقة بالجانب القانوني،
لكن عموما المؤسّسات، كان شركات كان أحزاب، بتكتسب شخصيّة مميّزة ليها؛
الليلة نحنا بنتكلّم عن أبل وسامسونج ومايكروسوف وغيرهم، كأنّهم ناس؛
بتعرفهم كويّس، عارف منو البيهتمّوا بالجودة، منو الممكن يغشّوك، منو المستبدّين في السوق، الخ؛
المؤسّسات الزي دي ما محتاج تقرا دليل الجودة بتاعها؛
والأحزاب العتيقة ما بتحتاج تقرا برنامجها؛
والطيور على أشكالها تقع..
تصبحوا على خير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق