د. يوسف الطيب محمدتوم
المحامى-الخرطوم
يقول الله تعالى:(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)سورة البقرة الأية (188)
لا يزال المواطن السودانى المغلوب على أمره ،يعانى الامرين من قطوعات الكهرباء والماء معاً،وذلك بالرغم من أنه يدفع المقابل أو رسوم هذه الخدمات (على داير المليم)ولكن للأسف الشديد،هذا الالتزام الذى يقوم به المواطن حيال هاتين الإدارتين لا يجد بالمقابل إلتزام من جانبهما بتوفير خدمات الكهرباء والماء بصورة مستديمة،ونسبة لتمترس هاتين الإدارتين خلف بنود العقد أى عقود الإذعان(Adhesion contracts) الذى يبرم بينها وبين هذا المواطن المغلوب على أمره،فإن هاتين الإدارتين لا تحترمان حقوق المواطن ،ليس بتعويضه عندما يحدث له ضرر جراء أو نتيجةً لإنقطاع الكهرباء أو الماء فحسب،بل لا تكلف نفسها بإعلان هذه القطوعات وأسبابها،لكى يتحوط المواطن لهذه الكوارث (والتى نحسبها كذلك وذلك حسب مقاييس الأمم التى سبقتنا بعشرات السنين من حيث لا قطوعات فى الكهرباء ولا الماء) بدلاً من أن يتفاجأ بها وتستمر لأيام عدة وليس ساعة أو ساعتين.
معظم السودانيين الذين هم خارج السودان،يقولون لك لم نرى فى البلدان التى نحن فيها أى قطوعات للكهرباء والماء،وعندما نعود للسودان ،نجد هذه القطوعات وكأنها ضمن برنامج المواطن اليومى لا فكاك من على الإطلاق،فالماء والكهرباء هما عصب الحياة،وعندما يلتزم طرف ببنود العقد،ويقوم الأخر بإلإخلال به،يصبح الأمر فيه كثير من الظلم على الطرف الملتزم،بيد أن الطرف الظالم لا يهمه هذا الضرر صغر أم كبر،وهذا بلا ريب طباع إنسان العصور الوسطى حيث يستأسد القوى على الضعيف والغنى على الفقير،وصاحب السلطة والجاه على المواطن العادى،ولكى نمسك بأطراف موضوع عقد الإذعان:-
جاء في لسان العرب :( الإذعان هو الإسراع مع الطاعة، والإذعان، الانقياد وأذعن الرجل انقاد وسلس. وقال في المعجم الوجيز أذعن انقاد وسلب وأذعن بالحق أقر به وقال في مختار الصحاح: أذعن خضع وذل.).
تعريف عقود الإذعان :
عقود الإذعان هي صيغة من صيغ إبرام العقود تعتمد على استخدام أنموذج نمطي للعقد يعده أحد طرفي العلاقة التعاقدية بصورة منفردة ويعرضه على الطرف الآخر الذي ليس له إلا الموافقة عليه كما هو أو رفضه دون ان يكون له ان يغير في العبارات الواردة فيه أو الشروط والأحكام التي يتضمنها ولا أن يدخل في مجاذبة أو مساومة حقيقية على شروطه مع الطرف المعد لهذا العقد، ومن هذا وصفت هذه العقود "بالإذعان". وقيل ان أول من سماها كذلك القانوني الفرنسي سالي في مطلع القرن العشرين(1).
وأهم عنصر في هذه العقود، وهوا لذي جعلها مظنة الإذعان، هو طريقة عرض العقد من قبل معدة على الطرف الآخر إذ لسان حالة يقول : "أقبله كما هو أو اتركه كما هو" وهو ما يقال عنه باللغة الإنجليزية Take it-or Leave it"". ونحن نقول إن هذا النوع من العقود هو مظنة الإذعان، لأنها لا تكون من عقود الإذعان إلا إذا تضمنت شروطاً ما كان للطرف الآخر إن يقبل بها لو أعطي حرية المساومة .
أنواع العقود النمطية :
ويمكن التفريق بين العقود النمطية بطريقتين :
أولاً : من حيث العلم بشروط العقد وأحكامه وتنقسم الى صنفين :
تلك التي يطلع الطرف القابل بها على نصوص العقد المزمع توقيعه مع الطرف الآخر. ويتمكن من العلم بكافة الشروط الواردة فيه مع عدم السماح له بمناقشة محتوياته أو تغيير أي شرط في ذلك العقد، وانما له ان يوافق على جميع ما جاء فيه فينعقد بينهما العقد، أو يعترض على بعض أو كل ما جاء في العقد فلا ينعقد بينهما عقد.
وقد ظهر الآن نوع جديد من العقود النمطية لا يتاح للطرف القابل بها حتى الاطلاع على نصوص العقد أو على صيغته أو شروطه بل يجب عليه إن يوافق على العقد وما جاء فيه مقدماً وقبل اطلاعه على النص. وقد جاء هذا النوع من عقود الإذعان مع انتشار برامج الكمبيوتر، كما سيأتي تفصيله فيما بعد.
ثانياً : من حيث وجود المساومة وعدمه وتنقسم الى قسمين :
ومنها ما لا يكون للطرف القابل ان يناقش شيئاً البتة كخدمات الكهرباء ونحوها بينما ان اكثرها يقتصر المجاذبة بين الطرفين على الثمن أما باقي الشروط فلا نقاش فيها.
ما لا يكون فيه مجال للمساومة او المناقشة في أي شئ كعقود خدمات الكهرباء والماء ونحوها.
يرى غالبية فقهاء القانون المدني ان عقد الاذعان عقد حقيقي يتم بتوافق ارادتين، ويخضع للقواعد التي تخضع لها سائر العقود، ومهما قيل من ان احد المتعاقدين ضعيف امام الآخر، فان هذه ظاهرة اقتصادية لا ظاهرة قانونية، وعلاج الامر لايكون بانكار صفة العقد عن عقد حقيقي، ولا يتمكن القاضي من تفسير هذا العقد كما يشاء بدعوى حماية الضعيف فتضطرب المعاملات وتفقد استقرارها، بل ان العلاج الناجح هو تقوية الجانب الضعيف حتى لا يستغله الجانب القوي. وتقوية الجانب الضعيف يكون باحدى وسيلتين او بهما معا:
الأولى: وسيلة اقتصادية، فيجتمع المستهلكون ويتعاونون على مقاومة التعسف من جانب المحتكر .
والثانية: وسيلة تشريعية، فيتدخل المشرع - لا القاضي - لينظم عقود الاذعان،وبعد هذا نناشد:سعادة السيد/وزير العدل ونقول له:-
نتابع مجهوداتكم المقدرة بخصوص تعديل بعض القوانين وإلغاء بعضها،لذا لا بد أن تشمل مجهوداتكم هذه قانون المعاملات المدنية وخاصةً هذه العقود (عقود الإذعان)التى تهم المواطن فى المقام الأول،,وحتى لا تستمرأ هذه الإدارات إحتقار المواطن وأكل ماله بالباطل لا بد من إلغاء هذه العقود وإستبدالها بعقود تحفظ للموطن حقه فى التعويض(compensation)عند حدوث الضرر من هذه الإدارات ،وبلا شك من إيجابيات إلغاء عقد الإذعان هو أن هذه الإدارات ستجتهد فى تحسين خدماتها تُجاه المواطن وذلك خوفاً من مطالبة المواطن بالتعويض المجزئ عند حدوث الضرر ،فكيف تقبلون سعادتكم ونحن نتمسك بمبادئ الإسلام السمحاء ،أن تكون هذه العقود التى تبرمها هيئات أو إدارات الدولة الخدمية مع المواطن ومن ضمنها الكهرباء والماء،أن يكون فيها الطرف الأول كبائع السمك فى الماء أوالطير فى الهواء،ويكون الطرف الثانى منتظراً عطف ورحمة الطرف الأول بالرغم من أنه يلتزم ببنود العقد بالرغم إجحاف بنوده وبالرغم من أن هذا المواطن (الذى أسلم أمره لله)هو المتضرر من هذه القطوعات أو الإخلال بالعقد من قبل هذه الإدارات الخدمية؟.
وبالله الثقة وعليه التُكلان
د. يوسف الطيب محمدتوم
المحامى-الخرطوم
المحامى-الخرطوم
يقول الله تعالى:(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)سورة البقرة الأية (188)
لا يزال المواطن السودانى المغلوب على أمره ،يعانى الامرين من قطوعات الكهرباء والماء معاً،وذلك بالرغم من أنه يدفع المقابل أو رسوم هذه الخدمات (على داير المليم)ولكن للأسف الشديد،هذا الالتزام الذى يقوم به المواطن حيال هاتين الإدارتين لا يجد بالمقابل إلتزام من جانبهما بتوفير خدمات الكهرباء والماء بصورة مستديمة،ونسبة لتمترس هاتين الإدارتين خلف بنود العقد أى عقود الإذعان(Adhesion contracts) الذى يبرم بينها وبين هذا المواطن المغلوب على أمره،فإن هاتين الإدارتين لا تحترمان حقوق المواطن ،ليس بتعويضه عندما يحدث له ضرر جراء أو نتيجةً لإنقطاع الكهرباء أو الماء فحسب،بل لا تكلف نفسها بإعلان هذه القطوعات وأسبابها،لكى يتحوط المواطن لهذه الكوارث (والتى نحسبها كذلك وذلك حسب مقاييس الأمم التى سبقتنا بعشرات السنين من حيث لا قطوعات فى الكهرباء ولا الماء) بدلاً من أن يتفاجأ بها وتستمر لأيام عدة وليس ساعة أو ساعتين.
معظم السودانيين الذين هم خارج السودان،يقولون لك لم نرى فى البلدان التى نحن فيها أى قطوعات للكهرباء والماء،وعندما نعود للسودان ،نجد هذه القطوعات وكأنها ضمن برنامج المواطن اليومى لا فكاك من على الإطلاق،فالماء والكهرباء هما عصب الحياة،وعندما يلتزم طرف ببنود العقد،ويقوم الأخر بإلإخلال به،يصبح الأمر فيه كثير من الظلم على الطرف الملتزم،بيد أن الطرف الظالم لا يهمه هذا الضرر صغر أم كبر،وهذا بلا ريب طباع إنسان العصور الوسطى حيث يستأسد القوى على الضعيف والغنى على الفقير،وصاحب السلطة والجاه على المواطن العادى،ولكى نمسك بأطراف موضوع عقد الإذعان:-
جاء في لسان العرب :( الإذعان هو الإسراع مع الطاعة، والإذعان، الانقياد وأذعن الرجل انقاد وسلس. وقال في المعجم الوجيز أذعن انقاد وسلب وأذعن بالحق أقر به وقال في مختار الصحاح: أذعن خضع وذل.).
تعريف عقود الإذعان :
عقود الإذعان هي صيغة من صيغ إبرام العقود تعتمد على استخدام أنموذج نمطي للعقد يعده أحد طرفي العلاقة التعاقدية بصورة منفردة ويعرضه على الطرف الآخر الذي ليس له إلا الموافقة عليه كما هو أو رفضه دون ان يكون له ان يغير في العبارات الواردة فيه أو الشروط والأحكام التي يتضمنها ولا أن يدخل في مجاذبة أو مساومة حقيقية على شروطه مع الطرف المعد لهذا العقد، ومن هذا وصفت هذه العقود "بالإذعان". وقيل ان أول من سماها كذلك القانوني الفرنسي سالي في مطلع القرن العشرين(1).
وأهم عنصر في هذه العقود، وهوا لذي جعلها مظنة الإذعان، هو طريقة عرض العقد من قبل معدة على الطرف الآخر إذ لسان حالة يقول : "أقبله كما هو أو اتركه كما هو" وهو ما يقال عنه باللغة الإنجليزية Take it-or Leave it"". ونحن نقول إن هذا النوع من العقود هو مظنة الإذعان، لأنها لا تكون من عقود الإذعان إلا إذا تضمنت شروطاً ما كان للطرف الآخر إن يقبل بها لو أعطي حرية المساومة .
أنواع العقود النمطية :
ويمكن التفريق بين العقود النمطية بطريقتين :
أولاً : من حيث العلم بشروط العقد وأحكامه وتنقسم الى صنفين :
تلك التي يطلع الطرف القابل بها على نصوص العقد المزمع توقيعه مع الطرف الآخر. ويتمكن من العلم بكافة الشروط الواردة فيه مع عدم السماح له بمناقشة محتوياته أو تغيير أي شرط في ذلك العقد، وانما له ان يوافق على جميع ما جاء فيه فينعقد بينهما العقد، أو يعترض على بعض أو كل ما جاء في العقد فلا ينعقد بينهما عقد.
وقد ظهر الآن نوع جديد من العقود النمطية لا يتاح للطرف القابل بها حتى الاطلاع على نصوص العقد أو على صيغته أو شروطه بل يجب عليه إن يوافق على العقد وما جاء فيه مقدماً وقبل اطلاعه على النص. وقد جاء هذا النوع من عقود الإذعان مع انتشار برامج الكمبيوتر، كما سيأتي تفصيله فيما بعد.
ثانياً : من حيث وجود المساومة وعدمه وتنقسم الى قسمين :
ومنها ما لا يكون للطرف القابل ان يناقش شيئاً البتة كخدمات الكهرباء ونحوها بينما ان اكثرها يقتصر المجاذبة بين الطرفين على الثمن أما باقي الشروط فلا نقاش فيها.
ما لا يكون فيه مجال للمساومة او المناقشة في أي شئ كعقود خدمات الكهرباء والماء ونحوها.
يرى غالبية فقهاء القانون المدني ان عقد الاذعان عقد حقيقي يتم بتوافق ارادتين، ويخضع للقواعد التي تخضع لها سائر العقود، ومهما قيل من ان احد المتعاقدين ضعيف امام الآخر، فان هذه ظاهرة اقتصادية لا ظاهرة قانونية، وعلاج الامر لايكون بانكار صفة العقد عن عقد حقيقي، ولا يتمكن القاضي من تفسير هذا العقد كما يشاء بدعوى حماية الضعيف فتضطرب المعاملات وتفقد استقرارها، بل ان العلاج الناجح هو تقوية الجانب الضعيف حتى لا يستغله الجانب القوي. وتقوية الجانب الضعيف يكون باحدى وسيلتين او بهما معا:
الأولى: وسيلة اقتصادية، فيجتمع المستهلكون ويتعاونون على مقاومة التعسف من جانب المحتكر .
والثانية: وسيلة تشريعية، فيتدخل المشرع - لا القاضي - لينظم عقود الاذعان،وبعد هذا نناشد:سعادة السيد/وزير العدل ونقول له:-
نتابع مجهوداتكم المقدرة بخصوص تعديل بعض القوانين وإلغاء بعضها،لذا لا بد أن تشمل مجهوداتكم هذه قانون المعاملات المدنية وخاصةً هذه العقود (عقود الإذعان)التى تهم المواطن فى المقام الأول،,وحتى لا تستمرأ هذه الإدارات إحتقار المواطن وأكل ماله بالباطل لا بد من إلغاء هذه العقود وإستبدالها بعقود تحفظ للموطن حقه فى التعويض(compensation)عند حدوث الضرر من هذه الإدارات ،وبلا شك من إيجابيات إلغاء عقد الإذعان هو أن هذه الإدارات ستجتهد فى تحسين خدماتها تُجاه المواطن وذلك خوفاً من مطالبة المواطن بالتعويض المجزئ عند حدوث الضرر ،فكيف تقبلون سعادتكم ونحن نتمسك بمبادئ الإسلام السمحاء ،أن تكون هذه العقود التى تبرمها هيئات أو إدارات الدولة الخدمية مع المواطن ومن ضمنها الكهرباء والماء،أن يكون فيها الطرف الأول كبائع السمك فى الماء أوالطير فى الهواء،ويكون الطرف الثانى منتظراً عطف ورحمة الطرف الأول بالرغم من أنه يلتزم ببنود العقد بالرغم إجحاف بنوده وبالرغم من أن هذا المواطن (الذى أسلم أمره لله)هو المتضرر من هذه القطوعات أو الإخلال بالعقد من قبل هذه الإدارات الخدمية؟.
وبالله الثقة وعليه التُكلان
د. يوسف الطيب محمدتوم
المحامى-الخرطوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق