تقرير:علي الدالي-آخر لحظة
حالة من الترقب استمرت لساعة ونصف من الزمان قضاها الزملاء الصحفيين والإعلاميين الذين تجمعوا في قاعة الاجتماعات بدار الشرطة ببري في انتظار قدوم والي الخرطوم الفريق أول ركن عبدالرحيم محمد حسين ومدير هيئة المياه بالولاية ووزير الكهرباء والري الذين تأخروا عن الموعد المضروب لقيام المؤتمر الصحفي أمس، حسب الدعوة المقدمة من إدارة إعلام الولاية.. بعد ساعة ونصف اتجهت أنظار المتواجدين بالقاعة صوب المدخل الرئيس فدخل وزير الثاقة والإعلام بالولاية محمد يوسف الدقير ووزير الحكم المحلي حسن إسماعيل وبرفقتهما مدير هيئة المياه المهندس خالد محمد خالد، بينما بقى والي الخرطوم ولدقائق من دخول الوزراء خارج القاعة لانشغاله بمكالمة هاتفية، ثم ما لبس أن دخل القاعة متحرراً من أي برتكول وهو يلقي التحية على الحضور بصوت جهير، قبل أن يستقر به المقام في المنصة الرئيسية للمؤتمر .
ابتسامة عريضة
قبل أن يبتدر الوالي حديثه رسم على شفتيه إبتسامة عريضة، وبدأ يتحدث عن ملفات خمسة قال إنها تمثل الشغل الشاغل للولاية، أجملها في ملف المياه والمواصلات والصحة والبيئة والتعليم، ولم تجد الحكومة بداً من أن تولي ملف المياه أولوية حسب ما نقل الوالي إحساس الحكومة بضرورة معالجة مشكلة المياه بإعتبار أنها المشكلة الأولى التي تؤرق مواطن الولاية، ويقر الوالي بأن مشكلة المياه تفوق امكانيات الولاية، وأضاف أنه ومنذ تكليفه بمهام منصبه الحالي وجد هذ المشكلة في مقدمة المشاكل التي تعاني منها ولايته، وقد استقبلته الولاية بقطوعات في معظم أحيائها البالغة 1933حياً .
صيف بلا قطوعات
وكشف الوالي عن شروعه فور استلامه زمام الأمور بالخرطوم بتوجيه مدير الهيئة بوضع خطة إسعافية أطلق عليها خطة إطفاء الحريق، وقد نفذت الخطة بتكلفة بلغت 26مليون جنيه ساهمت فيها الحكومة الاتحادية ب10ملايين جنيه، وتحملت الولاية مبلغ 16 مليون جنيه، ثم انتقلت الهيئة إلى تنفيذ خطة أخرى تحت شعار صيف بلا قطوعات بتكلفة 630 مليون جنيه مساهمة الحكومة الإتحادية فيها، بلغت 400 مليون جنيه، وتحملت الولاية المتبقي من المبلغ، ووعد حسين بأن الصيف القادم سيكون بلا قطوعات . ولم يخف الوالي تخوفات حكومته من المشاكل التي تواجه الهيئة بنهاية الخطة الصيفية، حيث بدأ يسرد في إشكالات عديدة تواجه هيئة المياه، وبلغة الأرقام يقول الوالي إن أكثر من 50% من مياه الشرب داخل الولاية هي مياه آبار جوفية، وما تبقى تجود به الطلمبات التي تنصبها الهيئة على ضفاف النيلين الأزرق والأبيض، وهنا تكمن المشكلة حيث بلغت جملة الآبار الجوفية بالولاية 1677بئراً، وتعاني الآبار من عدة إشكالات من بينها أن ضخ المياه غير منتظم.. بجانب نفاد مخزون المياه من بعضها بالإضافة إلى التكلفة العالية في عمليات التشغيل والصيانة، علاوة على إغلاق بعضاً من الآبار من قبل المواصفات والمقاييس .
عجز حكومي
ولم تجد الحكومة مخرجاً من هذه الأزمة التي تعيق تنفيذ مشروعات استقرار مياه الشرب إلا بالاستغناء عن مياه الآبار الجوفية واستبدالها بالاعتماد على توفير الكميات المطلوبة من النيل مباشرة.. بيد أن هذه الخطة تحتاج هي الأخرى إلى مجهودات خرافية وميزانيات تفوق حتى قدرة الحكومة الاتحادية نفسها، حيث بلغت تكلفة تنفيذ مشروع الاعتماد على مياه النيل 570 مليون دولار .. وقفت حكومة الولاية عاجزة عن توفير المبالغ المطلوبة من خزينتها فاستنجدت بالقصر الجمهوري، ثم بدول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية فتبرعت الأولى بتركيب محطتين باسم الشيخ زايد تنتج الواحدة منها ما مقداره 300 ألف متر مكعب من المياه، ومثلها تبرعت السعودية بتركيب طلمبة تتنج نفس الكميات من المياه .. ويقول الوالي إن هذه المحطات التي سيتم تركيبها ستعمل على حل إشكالية توفير المياه، لكنه كشف عن مشكلة أخرى تعيق تنفيذ الخطة الاستراتيجية، وتتمثل في الكادر البشري الذي سينفذ ويتابع هذه الخطة، وأضاف أن هيئة المياه تعاني من نقص حاد في الكوادر يصل إلى نسبة 40% بسبب الهجرة إلى الخارج وضعف المرتبات .
العين بصيرة
يبدو أن هيئة مياه الخرطوم أرادت من خلال سرد مشكلاتها عبر مؤتمر صحفي وبذكاء تحسد عليه، أن تبرر لزيادات مقترحة في تعرفة المياه رغم أن كل المتحدثين داخل المؤتمر لم يتطرقوا صراحة لهذه الزيادة، لكن الخطط المطروحة وبتكاليفها العالية بالاضافة إلى النقص الحاد في الكادر البشري، يؤكد أنه لا مفر من زيادة متوقعة سيصدر بشأنها قرار رسمي من الجهات الحكومية . ويؤكد ذلك شكوى مدير الهيئة من الهجرة الكبيرة للمهندسين والكوادر الفنية التي غادرت الهيئة بسبب تدني المرتبات بقوله إنه وقبل أيام غادر الهيئة ثلاثة من كبار المهندسين بعد إعتذار الهيئة لهم عن زيادة المرتبات، وبرر المدير إعتذار الهيئة بقوله (العين بصيرة والايد قصيرة) ثم قدم المدير عرضحالاً لأوضاع الهيئة ودفعت إدارة الإعلام بالهيئة بكتيب وزع على الحضور يحمل عنوان عين على مشاريع الهيئة، بيد أن الكتيب يحمل في مقدمته إدانة للهيئة كمؤسسة عمرها قرن من الزمان كما ذكرت في مقدمة الكتاب لكنها فشلت في استقرار الإمداد المائي طيلة هذه الفترة، ويبدو أنها اعتمدت في الفترات السابقة على ترحيل المشكلات حتى وجدت نفسها في هذا التوقيت وهي مثقلة بالمشاكل، في ظل ارتفاع سعر الدولار وعجزها عن تغطية نفغات التشغيل والصيانة التي تعتمد على مواد يتم استيرادها من الخارج وتعتمد على العملة الصعبة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق