صحيفة السوداني
ومن الخواطر.. يوم رائع، عطلة رسمية بمناسبة وضع حجر الأساس لأكبر جسر في العالم.. الفريق الهندسي أكمل التصميم بثلث الميزانية، وكذلك الاقتصادي أكمل دراسة جدواه بالثلث الثاني، ثم نجح المعتمد في جمع الحشد الجماهيري وتأجير بعض الهتيفة بالثلث الأخير.. والاحتفال عند التاسعة صباحاً بالميدان العام.. ولكن، قبل بداية الحفل بساعة، نصحهم حكيم القرية بأن المكان المستهدف بالجسر ليس به نهر.. فاعتقلوه، ثم وجهوا له تهمة العمالة والخيانة والتخابر مع الأجانب وإعاقة النظام عن أداء واجبه.. ثم أعدموه.. رحمة الله عليه، لم يكن يعلم أن نهج النظام يبني الجسر أولاً، ثم يبحث عن النهر.. (لاحقاً)!!
:: تلك خاطرة من خواطر مُفكرتي (الخاصة جداً)، وبعض أصدقائي يشبهونها بالقصص القصيرة بيد أني أسميها بـ(ظلال الحال)، أي هي رمزية لبعض تخبطنا - وعشوائيتنا - في الحياة العامة.. نهدر أموالنا في مشاريع إستراتيجية، ثم نكتشف - لاحقاً- إما أنها غير ذات جدوى أو نعجز عن تشغيلها، ثم نصبح على ما أهدرناه نادمين.. وعلى سبيل المثال، لقد أحسنت إدارة وحدة السدود عملاً بإنشاء بعض المشاريع المصاحبة لمشروع سد مروي، ولكنها أخطأت بتولي أمر إدارة وتشغيل تلك المشاريع.. نعم، كل المشاريع المصاحبة لمشروع سد مروي (ذات جدوى)، ولكن ليتها - وحدة السدود - اكتفت فقط بإنشائها، ثم تسلمها - بعد الإنشاء - لخبازها ليديرها ويشغلها!
:: مطار مروي ومستشفى مروي والمشاريع الزراعية التي تم توزيعها للمتأثرين بمساحات شاسعة، كلها (مشاريع ذات جدوى).. ولكن، لم تُحْسِن وحدة السدود إدارتها وتشغيلها، وكذلك لم تدعها لمن يحسنون إدارتها وتشغيلها.. ولذلك، تحولت من مشاريع اقتصادية وخدمية ذات جدوى إلى ما تبدو: مشاريع (مُهدرة للمال العام).. مستشفى مروي نموذجاً.. اكتمل قبل خمس سنوات تقريباً، ويقع على مساحة قدرها (100.000 متر مربع)، والمبنى العام للمستشفى (ثلاثة طوابق)، ثم مركز لدراسة وعلاج الأورام (ثلاثة طوابق أيضاً)، ثم مساكن الأطباء وكادر التمريض، وكذلك مبنى لمرافقي المرضى.. والسعة التشغيلية للمستشفى (350 سريراً)، وسعة مركز علاج الأورام (100 سرير)، وعيادات خارجية لكل التخصصات وأقسام الأشعة.
:: قيمة هذا المشروع (82.257.974.43 جنيه).. فالمشروع ( كبير جداً) عندما نقارنه بمشافي البلاد الأخرى، بل إمكانيات هذا المشروع - الأجهزة والمعدات والمواصفة - هي الأكبر والأحدث في البلاد، ولكن بالعجز عن الإدارة والتشغيل لم تستفد منها البلاد طوال السنوات الخمس الفائتة.. واليوم، أحسنت وحدة السدود- بل كل الحكومة - عملاً وهي ترفع يدها عن إدارة وتشغيل هذا المشروع (الكبير جداً)، وأيلولته للجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي (بشارة خير).. لهذا الجهاز تجربة ناجحة بشرق النيل.. مستشفى شرق النيل، كان مجرد مبانٍ ومعدات مُعطلة بطرف حكومة الخرطوم، ولكنها - بعد آيلولة تشغيلها وإدارتها لجهاز الضمان الاجتماعي - تحولت تلك المباني والمعدات المُعطلة إلى أحد أكبر مشافي البلاد.
:: وما يُطمئن أن الخطة التي شرع في تنفيذها جهاز الضمان الاجتماعي منذ أسبوع لتشغيل هذا المشروع - خلال الأسابيع القادمة - هي خُطة لا تستهدف فقط تخفيف الأعباء على المشافي المرجعية بالخرطوم، بل تتجاوزها لاستقطاب مرضى دول الجوار الأفريقي.. فالإدارات الواعية والمُستقلة - أي غير المُكبلة بسلحفائية الخدمة المدنية وقوانينها المتخلفة - قادرة على صناعة المدائن في الفيافي، ناهيك عن إدارة وتشغيل مستشفى.. كما يزيد الإنتاج كلما تحررت وسائله ومصادره من قيود (الاحتكار الحكومي)، فالخدمات أيضا تتطور كلما ابتعدت عن رداءة (الأداء الحكومي).. وهذا ما لم - ولن - تستوعبه العقول التي لا تزال في محطة (بصات الوالي) و(قطر الوزير)!!
ومن الخواطر.. يوم رائع، عطلة رسمية بمناسبة وضع حجر الأساس لأكبر جسر في العالم.. الفريق الهندسي أكمل التصميم بثلث الميزانية، وكذلك الاقتصادي أكمل دراسة جدواه بالثلث الثاني، ثم نجح المعتمد في جمع الحشد الجماهيري وتأجير بعض الهتيفة بالثلث الأخير.. والاحتفال عند التاسعة صباحاً بالميدان العام.. ولكن، قبل بداية الحفل بساعة، نصحهم حكيم القرية بأن المكان المستهدف بالجسر ليس به نهر.. فاعتقلوه، ثم وجهوا له تهمة العمالة والخيانة والتخابر مع الأجانب وإعاقة النظام عن أداء واجبه.. ثم أعدموه.. رحمة الله عليه، لم يكن يعلم أن نهج النظام يبني الجسر أولاً، ثم يبحث عن النهر.. (لاحقاً)!!
:: تلك خاطرة من خواطر مُفكرتي (الخاصة جداً)، وبعض أصدقائي يشبهونها بالقصص القصيرة بيد أني أسميها بـ(ظلال الحال)، أي هي رمزية لبعض تخبطنا - وعشوائيتنا - في الحياة العامة.. نهدر أموالنا في مشاريع إستراتيجية، ثم نكتشف - لاحقاً- إما أنها غير ذات جدوى أو نعجز عن تشغيلها، ثم نصبح على ما أهدرناه نادمين.. وعلى سبيل المثال، لقد أحسنت إدارة وحدة السدود عملاً بإنشاء بعض المشاريع المصاحبة لمشروع سد مروي، ولكنها أخطأت بتولي أمر إدارة وتشغيل تلك المشاريع.. نعم، كل المشاريع المصاحبة لمشروع سد مروي (ذات جدوى)، ولكن ليتها - وحدة السدود - اكتفت فقط بإنشائها، ثم تسلمها - بعد الإنشاء - لخبازها ليديرها ويشغلها!
:: مطار مروي ومستشفى مروي والمشاريع الزراعية التي تم توزيعها للمتأثرين بمساحات شاسعة، كلها (مشاريع ذات جدوى).. ولكن، لم تُحْسِن وحدة السدود إدارتها وتشغيلها، وكذلك لم تدعها لمن يحسنون إدارتها وتشغيلها.. ولذلك، تحولت من مشاريع اقتصادية وخدمية ذات جدوى إلى ما تبدو: مشاريع (مُهدرة للمال العام).. مستشفى مروي نموذجاً.. اكتمل قبل خمس سنوات تقريباً، ويقع على مساحة قدرها (100.000 متر مربع)، والمبنى العام للمستشفى (ثلاثة طوابق)، ثم مركز لدراسة وعلاج الأورام (ثلاثة طوابق أيضاً)، ثم مساكن الأطباء وكادر التمريض، وكذلك مبنى لمرافقي المرضى.. والسعة التشغيلية للمستشفى (350 سريراً)، وسعة مركز علاج الأورام (100 سرير)، وعيادات خارجية لكل التخصصات وأقسام الأشعة.
:: قيمة هذا المشروع (82.257.974.43 جنيه).. فالمشروع ( كبير جداً) عندما نقارنه بمشافي البلاد الأخرى، بل إمكانيات هذا المشروع - الأجهزة والمعدات والمواصفة - هي الأكبر والأحدث في البلاد، ولكن بالعجز عن الإدارة والتشغيل لم تستفد منها البلاد طوال السنوات الخمس الفائتة.. واليوم، أحسنت وحدة السدود- بل كل الحكومة - عملاً وهي ترفع يدها عن إدارة وتشغيل هذا المشروع (الكبير جداً)، وأيلولته للجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي (بشارة خير).. لهذا الجهاز تجربة ناجحة بشرق النيل.. مستشفى شرق النيل، كان مجرد مبانٍ ومعدات مُعطلة بطرف حكومة الخرطوم، ولكنها - بعد آيلولة تشغيلها وإدارتها لجهاز الضمان الاجتماعي - تحولت تلك المباني والمعدات المُعطلة إلى أحد أكبر مشافي البلاد.
:: وما يُطمئن أن الخطة التي شرع في تنفيذها جهاز الضمان الاجتماعي منذ أسبوع لتشغيل هذا المشروع - خلال الأسابيع القادمة - هي خُطة لا تستهدف فقط تخفيف الأعباء على المشافي المرجعية بالخرطوم، بل تتجاوزها لاستقطاب مرضى دول الجوار الأفريقي.. فالإدارات الواعية والمُستقلة - أي غير المُكبلة بسلحفائية الخدمة المدنية وقوانينها المتخلفة - قادرة على صناعة المدائن في الفيافي، ناهيك عن إدارة وتشغيل مستشفى.. كما يزيد الإنتاج كلما تحررت وسائله ومصادره من قيود (الاحتكار الحكومي)، فالخدمات أيضا تتطور كلما ابتعدت عن رداءة (الأداء الحكومي).. وهذا ما لم - ولن - تستوعبه العقول التي لا تزال في محطة (بصات الوالي) و(قطر الوزير)!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق