القضارف - حسن محمد علي
قد يقول قائل إن التوترات الأمنية وحدها هي السبب وراء عدم الاستقرار والهجرة القسرية نحو المدن أو حتى انعدام الخدمات والتنمية في جوهرها. حسناً، ليس تماما، إذ أن ما يقتل الريف ويجعل منه جثة هامدة ويعطل التواصل بين مكوناته يكمن في "لا مبالاة" تنتهجها الحكومة هنا في ولاية القضارف تجاه الحزمة المتكاملة من المسؤولية والنظرة الاستراتيجية حتى لتسرب علاقاتنا الخارجية مع دول الجوار عبر كوة الإهمال، فطريق ترابي قد لا يمثل نسبة ضئيلة في ميزانية الولاية بإمكانه أن يحقق ما تعجز عنه عشرات المدرعات في فتوحات الحرب وانتصاراتها، لكنه يتعرض للفشل والضياع بسبب خطأ فادح وضئيل لمسؤول أو حتى موظف صغير.
لنبدأ من المفتتح؛ يبدو الوضع التنموي الهش في ريف القضارف الجنوبي قابلا للانكسارات المتكررة لعمليات النهضة، فإنشاء طرق معبدة مربوطة بجسور ومعابر تعمل على تهيئة الأوضاع للزراعة في أغنى المناطق من حيث خصوبة التربة ومعدلات الأمطار هي دائما في تراجع كبير، فرغم الاستقرار الذي صنعه الطريق القاري (القضارف القلابات المتمة الإثيوبية) الذي يعتبره معتمد محلية باسندة الفريق يونس آدم أحد الأعمدة الأساسية للاستقرار، ويستدل بزيادة كبيرة طرأت على حجم السكان في قرية مثل "أم خراييت" من (12-15) ألف نسمة خلال عامين اثنين، إلا أن الحاجة للتطور تبقى في تزايد كبير، وحسب يونس فإن اكتمال الطريق الترابي (أم خراييت باسندة تاية) سيصنع هو الآخر فرصة أخرى لمزيد من الاستقرار بعد تنفيذ (23) كيلومترا من جملة طول الطريق البالغة (150) كيلومترا، لكن العمل متوقف في الطريق الترابي الآن.
انهيار أمل
ذلك أيضا ليس هو مربط الفرس، القضية التي تكتنف عمليات التنمية الآن هي الفجوة الكبيرة للمسؤولية في التنفيذ من جانب الجهات المعنية، فانهيار كوبري خور "أم خراييت" الذي تبلغ تكلفته حوالي المليار ونصف المليار في أجزائه بسبب فيضان الخور يعد واحدا من أسباب تأخر عمليات التنمية في تلك الأصقاع، وهو حسب جولتنا في تلك المنطقة قد ولَّد إحساسا لدى المواطنين هناك بأن الحكومة غير حريصة على تنفيذ ما يدفعه المواطن من أموال في الجبايات والرسوم والضرائب، فالكوبري الذي يبدو أمامكم من خلال الصور تم إنشاؤه حديثا ولم يكتمل العمل به حتى الآن، وتقوم بتنفيذه هيئة الطرق والجسور التابعة لحكومة القضارف، وقد تصدعت أجزاؤه، وحسب مصادر هندسية فإن الكوبري وهو يربط بين مدينة باسندة وقرية أم خراييت قد تعرض للغرق بالمياه وهو في طور البناء، وربما يؤدي في مقبل الأيام إلى انهياره بالكامل، فالسقالات التي يحمل فيها بناء الكوبري ماتزال موجودة، فيما حملت مياه الخور أجزاءا منها، ويتراءى مشهد الإهمال في أن مياه الخور حملت أيضا عشرات أطنان مواد البناء من أسمنت ورملة "خرسانة" بجانب ثلاث خلاطات يبلغ سعر الواحدة "18" ألف جنيه كانت تقبع بلا عناية في عرض الخور الضخم، ويرى الكثير من الشباب الجالسين على ضفة النهر ممن كانوا يبدون أسفهم لهذا المشهد أن الجهة المنفذة لم تكن مسؤولة بالقدر الكافي الذي يمكنها من الاهتمام بوضع آليات العمل والمواد في مكان آمن لا تصله المياه، خاصة وأن موسم الأمطار في تلك المناطق لديه مواقيت محددة ومعلومة، وكان بإمكان هيئة الطرق التي تعمل على التنفيذ مراعاة كل تلك الظروف حتى لا يتعرض المال العام لهذا الهدر وبهذا القدر من الفداحة حسب ما اتفقوا عليه من خلال استطلاعي لهم، فقد عطل عدم اكتمال الكوبري حياة بأكملها في تلك الأنحاء، وأدى لتأخير إنتاج يساهم في الناتج القومي بسهم كبير ومنع حتى مرضى كانوا في طريقهم للاستشفاء والعلاج.
ضياع حلم
وما يتجلى تارة أخرى، أن قضية التنمية ليست هي محض إمكانيات بحسب ما يحدثنا أحد الشباب، وإنما عملية متابعة لصيقة لكل كبيرة وصغيرة حسب قوله، لكن ما حدث يؤكد حقيقة مهمة أن وزارة التخطيط العمراني المنفذة للطريق عبر هيئة الطرق لا تولي الأمر كثير عناء ولا ترهق نفسها بمشغوليات صغيرة مثل متابعة هذا المشروع الحيوي في نظر الجميع. وحسب مصادر مؤكدة تحدثت للصحيفة، فإن عمق الخور البالغ "20" مترا لا يتواءم حتى مع إمكانيات الكوبري ولا جداول كمياته التي تم بناؤه منها، ليبقى ريف القضارف في أنحائه البعيدة دائما مصدر الأحلام والأمنيات بسبب أخطاء فادحة لجهات لا تقدر قيمة عملها، فيما لا ينتظر المواطن بالتأكيد عمليات محاسبة من جانب حكومة القضارف أو مجلسها التشريعي الذي يدخل في إجازة طويلة في وقت تتفتح فيه جراحات مواطن الولاية يوميا.
قد يقول قائل إن التوترات الأمنية وحدها هي السبب وراء عدم الاستقرار والهجرة القسرية نحو المدن أو حتى انعدام الخدمات والتنمية في جوهرها. حسناً، ليس تماما، إذ أن ما يقتل الريف ويجعل منه جثة هامدة ويعطل التواصل بين مكوناته يكمن في "لا مبالاة" تنتهجها الحكومة هنا في ولاية القضارف تجاه الحزمة المتكاملة من المسؤولية والنظرة الاستراتيجية حتى لتسرب علاقاتنا الخارجية مع دول الجوار عبر كوة الإهمال، فطريق ترابي قد لا يمثل نسبة ضئيلة في ميزانية الولاية بإمكانه أن يحقق ما تعجز عنه عشرات المدرعات في فتوحات الحرب وانتصاراتها، لكنه يتعرض للفشل والضياع بسبب خطأ فادح وضئيل لمسؤول أو حتى موظف صغير.
لنبدأ من المفتتح؛ يبدو الوضع التنموي الهش في ريف القضارف الجنوبي قابلا للانكسارات المتكررة لعمليات النهضة، فإنشاء طرق معبدة مربوطة بجسور ومعابر تعمل على تهيئة الأوضاع للزراعة في أغنى المناطق من حيث خصوبة التربة ومعدلات الأمطار هي دائما في تراجع كبير، فرغم الاستقرار الذي صنعه الطريق القاري (القضارف القلابات المتمة الإثيوبية) الذي يعتبره معتمد محلية باسندة الفريق يونس آدم أحد الأعمدة الأساسية للاستقرار، ويستدل بزيادة كبيرة طرأت على حجم السكان في قرية مثل "أم خراييت" من (12-15) ألف نسمة خلال عامين اثنين، إلا أن الحاجة للتطور تبقى في تزايد كبير، وحسب يونس فإن اكتمال الطريق الترابي (أم خراييت باسندة تاية) سيصنع هو الآخر فرصة أخرى لمزيد من الاستقرار بعد تنفيذ (23) كيلومترا من جملة طول الطريق البالغة (150) كيلومترا، لكن العمل متوقف في الطريق الترابي الآن.
انهيار أمل
ذلك أيضا ليس هو مربط الفرس، القضية التي تكتنف عمليات التنمية الآن هي الفجوة الكبيرة للمسؤولية في التنفيذ من جانب الجهات المعنية، فانهيار كوبري خور "أم خراييت" الذي تبلغ تكلفته حوالي المليار ونصف المليار في أجزائه بسبب فيضان الخور يعد واحدا من أسباب تأخر عمليات التنمية في تلك الأصقاع، وهو حسب جولتنا في تلك المنطقة قد ولَّد إحساسا لدى المواطنين هناك بأن الحكومة غير حريصة على تنفيذ ما يدفعه المواطن من أموال في الجبايات والرسوم والضرائب، فالكوبري الذي يبدو أمامكم من خلال الصور تم إنشاؤه حديثا ولم يكتمل العمل به حتى الآن، وتقوم بتنفيذه هيئة الطرق والجسور التابعة لحكومة القضارف، وقد تصدعت أجزاؤه، وحسب مصادر هندسية فإن الكوبري وهو يربط بين مدينة باسندة وقرية أم خراييت قد تعرض للغرق بالمياه وهو في طور البناء، وربما يؤدي في مقبل الأيام إلى انهياره بالكامل، فالسقالات التي يحمل فيها بناء الكوبري ماتزال موجودة، فيما حملت مياه الخور أجزاءا منها، ويتراءى مشهد الإهمال في أن مياه الخور حملت أيضا عشرات أطنان مواد البناء من أسمنت ورملة "خرسانة" بجانب ثلاث خلاطات يبلغ سعر الواحدة "18" ألف جنيه كانت تقبع بلا عناية في عرض الخور الضخم، ويرى الكثير من الشباب الجالسين على ضفة النهر ممن كانوا يبدون أسفهم لهذا المشهد أن الجهة المنفذة لم تكن مسؤولة بالقدر الكافي الذي يمكنها من الاهتمام بوضع آليات العمل والمواد في مكان آمن لا تصله المياه، خاصة وأن موسم الأمطار في تلك المناطق لديه مواقيت محددة ومعلومة، وكان بإمكان هيئة الطرق التي تعمل على التنفيذ مراعاة كل تلك الظروف حتى لا يتعرض المال العام لهذا الهدر وبهذا القدر من الفداحة حسب ما اتفقوا عليه من خلال استطلاعي لهم، فقد عطل عدم اكتمال الكوبري حياة بأكملها في تلك الأنحاء، وأدى لتأخير إنتاج يساهم في الناتج القومي بسهم كبير ومنع حتى مرضى كانوا في طريقهم للاستشفاء والعلاج.
ضياع حلم
وما يتجلى تارة أخرى، أن قضية التنمية ليست هي محض إمكانيات بحسب ما يحدثنا أحد الشباب، وإنما عملية متابعة لصيقة لكل كبيرة وصغيرة حسب قوله، لكن ما حدث يؤكد حقيقة مهمة أن وزارة التخطيط العمراني المنفذة للطريق عبر هيئة الطرق لا تولي الأمر كثير عناء ولا ترهق نفسها بمشغوليات صغيرة مثل متابعة هذا المشروع الحيوي في نظر الجميع. وحسب مصادر مؤكدة تحدثت للصحيفة، فإن عمق الخور البالغ "20" مترا لا يتواءم حتى مع إمكانيات الكوبري ولا جداول كمياته التي تم بناؤه منها، ليبقى ريف القضارف في أنحائه البعيدة دائما مصدر الأحلام والأمنيات بسبب أخطاء فادحة لجهات لا تقدر قيمة عملها، فيما لا ينتظر المواطن بالتأكيد عمليات محاسبة من جانب حكومة القضارف أو مجلسها التشريعي الذي يدخل في إجازة طويلة في وقت تتفتح فيه جراحات مواطن الولاية يوميا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق