السوداني
بدأ الموسم الزراعي بداية متعثرة كما هو متوقع فقد تأخرت المياه عن الموعد المضروب وسوف تتأخر اعمال الصيانة للقنوات اكثر لان المشروع لم يسدد ما عليه من ديون لاصحاب الآليات وبالطبع لا أحد يسأل عن رسوم المياه كم بلغت نسبة جمعها؟ ولماذا لم تجمع كلها؟ فالكل في انتظار دعم خزانة بدر الدين محمود التي تشكو مر الشكوى من فراغها وافراغها وما علينا فهذه قصة اخرى.
إن اكبر جناية على قانون مشروع الجزيرة لعام 2005 هذا القانون الذي جرحه الأعداء والاصدقاء هو ضم الري لادارة المشروع فالقانون ينص على أن يبقى الري في المشروع تابعا لوزارة الري الاتحادية فتم التآمر عليه واخرجت وزراة الري من المشروع تحديدا من الغيط واصبح مهندسو الري بالمشروع تابعين للادارة وفي هذا تمكين للادارة غير مستحق لا بل في تقديري أن الادارة بهذا التعديل اصبحت سطوتها اكبر مما كانت عليه قبل قانون 2005 الذي كان من اهم اهدافه تحرير ارادة المزارع وتحويله من اجير الى زارع يمتلك زمام امره .
الادارة بسيطرتها على الري سوف تمنع اي مستثمر من دخول المشروع الا وفق هواها ولنعطيكم مثلا لذلك القمح في الموسم الذي انتهى زرع بثلاثة طرق للتمويل فبعض المزارعين زرع بتمويل من البنك عن طريق الادارة وبعضهم زرع بتمويل من التمويل الاصغر وبعضهم زرع بتمويل ذاتي فكان الاكثر نجاحا هم الذين زرعوا بالشراكة مع التمويل الاصغر اما الذين زرعوا عن طريق الادارة فقد لعبت بهم ولم تف بعقدها معهم وزادت التكلفة التي كتبت في العقد اما اصحاب التمويل الذاتي الذي كان ينبغي أن يكونوا هم الاحسن فقد تفوق عليهم التمويل الاصغر بالحزم التقنية المنضبطة لانه اعتمد على الخبراء الزراعيين ومع ذلك يمكن للادارة إبعاد التمويل الاصغر او تحجيمه عن طريق سيطرتها على الري . ليس التمويل الاصغر وحده فأي محاولة لأي شراكة مع اي جهة تمويلية قادرة وبأي حجم وفي اي محصول لا يمكن أن تتم دون رضاء الادارة لانها المتحكمة في الري.
المطلوب الآن وبأعجل ما تيسر ارجاع الري في المشروع لوزارة الري لكي يقف الري على مسافة واحدة بين المزراع والادارة والمستثمرين المتوقعين وأهم من كل هذا أن وزارة الري هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تكون لها السيادة على المياه في كل السودان انهارا وقنوات وحتى السرابة لانها تمتلك الخبرة التراكمية في ادارة المياه وعندما يكون الري من النهر الي السرابة مرورا بالخزان والقنوات الفرعية مسئولية جهة واحدة لن يحدث تضارب مصالح او تناقض اداري.
ويبقى شيء مهم فيما يتعلق بالري لابد من معالجته وهو تحصيل رسوم المياه وكيفية انفاقها. وفي تقديري أن هذه الرسوم لو تم تحصيلها بطريقة صحيحة وفعالة سوف تحدث طفرة ادارية في المشروع وسوف تعطي الدولة فرصة للتدخل فيما هو اكبر كإدخال تقنيات احدث وتوفير تمويل اكبر فالزراعة تستحق اكبر تمويل وليس تمويلا اصغر ولكن للاسف هناك خلل بائن في تحصيل رسوم المياه تتحمل مسئوليته الادارة والمزارع ممثلا في روابط المياه واتحاد المزارعين المنتهية مدته. إن حل معضلة المياه ليس مستحيلا خاصة مع وفرتها بعد تعلية الرصيرص واذا حدثت سنكون امام مشروع جزيرة جديد لم يظهر لنا منذ نشأة المشروع في 1925.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق