السوداني
المنشور رقم 3/2014 صادر عن بنك السودان المركزي في 13 مايو 2014 وينص على الآتي :
1- حظر تمويل العربات والبكاسي بكافة أنواعها باستثناء :
أ/ الشاحنات ب/ الحافلات والبصات سعة ( 25 ) راكبا فما فوق .
2- حظر تمويل الأراضي والعقارات ويشمل ذلك شراء الأراضي وتطوير الأراضي وشراء وتشييد المباني وشراء الشقق ويستثنى من ذلك :
أ/ التمويل الذي منح للسكن الشعبي والسكن الإقتصادي عبر المحافظ التمويلية المخصصة لهذا الغرض بواسطة الصندوق القومي للإسكان والتعمير .
ب/ تطوير الأراضي للأغراض الزراعية بما في ذلك تجهيزات أعمال الري .
وجاء في الصحف أن القصد من إصدار المنشور هو توجيه التمويل إلى قطاعات الإنتاجية وتحقيق التوازن الاقتصادي . وقد كتبت مقالاً بالعنوان أعلاه قلت فيه انه لا يوجد مبرر اقتصادي للمنشور لأن تمويل كل من قطاع النقل والتخزين وقطاع التشييد لم يكن خصماً من قطاعي الصناعة والزراعة كما توضح الأرقام الصادرة عن بنك السودان المركزي .وقلت أن المنشور يخالف المادة (6 )(ب) في قانون بنك السودان المركزى التي تنص على أن توضع وتنفذ السياسة النقدية ( اعتماداً في المقام الأول على آليات السوق) .كما يخالف المنشور المادة (6) (ج) التى تنص على أن يكون تحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة عن طريق العمل على تطوير القطاع المصرفي وتنميته ورفع كفاءته وليس عن طريق تكبيله بالموانع والقيود وإحتكار التمويل العقاري لجهة واحدة . وقلت انه يتوقع أن تكون للمنشور آثار سلبية كثيرة وكبيرة لانه سوف يؤدي إلى انكماش الاستثمار في قطاع التشييد و انخفاض فرص العمل وزوال أو انخفاض دخول عمال البناء وكل الأشخاص الذين يرتبط نشاطهم الاقتصادي بقطاع التشييد ويؤدي انكماش الدخول إلى انخفاض الطلب الكلي على السلع والخدمات وانكماش كل الانشطة الانتاجية. ويحرم المنشور الذين يرغبون في شراء البكاسي وعربات الأمجاد والصالون والرقشة لاستخدامها تجارياً والعيش من ظهورها من تلك الفرصة وفي ذلك قفل لأبواب الرزق الحلال أمام أعداد كبيرة من الناس . ويؤدي المنشور إلى حرمان الأشخاص الذين يملكون اليوم قطع أرض ويريدون تشييد بناء عليها بقروض من البنوك لسكن أسرهم أو لتأجيرها من تلك الفرصة. والمسكن كما يعرف القارئ الكريم ضروري مثل المأكل والمشرب والملبس لانه يوفر الوقاية من الحر و البرد و يوفر السترة. ويعتمد نوع وحجم و مكان المسكن الذى يريده الشخص على دخله وذوقه واعتبارات عملية تتعلق بحجم أسرته ومكان عمله وغيرها من الاعتبارات ولذلك يقوم كل شخص ببناء أو شراء أو استئجار المسكن الذي يتناسب مع ظروفه هو ولهذا لا يوجد عدل أو منطق في حرمان الناس من فرصة الحصول على قروض لبناء مساكن في الاماكن التي يختارونها هم وفي الوقت الذي يختارونه وبالمواصفات التي تناسبهم .كما قلت في المقال الأول أن حصر القروض على قطاعي الصناعة والزراعة سوف يزيد درجة المخاطر التي تتعرض لها البنوك ويؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل الديون المتعثرة والخسائر وقلت أن منع البنوك من تمويل العقار والسيارات لا يعني انها سوف تقوم بتحويل ذلك التمويل إلى القطاعات الأخرى .
ماذا يقول من يؤيدون المنشور ؟
ناقش أعضاء الجمعية الاقتصادية السودانية الذين جاءوا إلى منتدى السبت الراتب بدار الخريجين بجامعة الخرطوم يوم 24 مايو 2014م ما جاء في مقالي الذي أشرت اليه اعلاه ( الخطأ والخطايا في المنشور رقم 3/2014) وأود أن أورد في هذا المقال الآراء المؤيدة للمنشور وبقوة وأرد عليها وبدون ذكر أصحابها .ولن أورد الآراء التي تتفق مع ما قلت . وتتلخص الآراء التي تؤيد المنشور في محورين أساسيين الأول هو توجيه التمويل لقطاعي الزراعة والصناعة والثاني تخفيف الضغط على الدولار .
اجبار المصارف على تمويل الصناعة والزراعة:
يقول من يؤيدون المنشور بقوة أن الذي ينشط في تمويل العقار وتمويل شراء السيارات هي البنوك الأجنبية التي رخص لها بالعمل في السودان من أجل أن تقوم بتمويل قطاعي الصناعة والزراعة ولكنها بحكم خلفيتها وما اعتادت أن تقوم به في البلاد التي جاءت منها نشطت في تمويل قطاعي النقل والتشييد لأن هذا ما اعتادت عليه ولان مخاطر تمويل النقل والتشييد اقل من مخاطر تمويل الصناعة والزراعة . ويتوقع أن يؤدي المنشور إلى إجبارها على تمويل قطاعي الزراعة والصناعة. وردي على ذلك الكلام هو :
أولاً: أن مجرد التفكير في إجبار المصارف على تقديم نوع محدد من التمويل و منعها من تقديم نوع آخر من التمويل لا ينطوي على حرمة دينية أو اجتماعية تصرف خاطئ تماما لأنه يخالف آلية السوق التي تعني حرية القيام بكل الأنشطة المشروعة دينياً وعرفياً وتفاعل قوى العرض والطلب لتحديد ماذا ينتج وكيف واين ومتى وبأي سعر يباع ويشترى في سوق تتميز بالتنافس وغياب الاحتكار واندياح المعلومات لأن ذلك هو الذي يقود إلى إنتاج ما يريده الناس وبالكميات الكافية والجودة العالية والأسعار المعقولة وسوف تؤدي القيود والموانع و الاحتكار إلى نقيضه .
ثانياً: تعتمد كل البنوك العاملة في السودان على أصحاب الودائع والقروض في تمويلها (84%) وتشكل رؤوس أموال من يملكون البنوك ( رأس المال المدفوع زائداً الاحتياطات ) معدل (16%) فقط من مصادر تمويل البنوك. وفي السودان لا يرتبط سعر التمويل (هامش المرابحة) بدرجة المخاطرة وهناك سعر واحد محدد بواسطة بنك السودان المركزي وهو معدل (12%).
ولذلك لا تستطيع البنوك الأجنبية و المحلية أن تركز التمويل في القطاعات عالية المخاطر مثل الزراعة والصناعة لأنها سوف تفقد قدرتها على مقابلة طلبات السحب من قبل أصحاب الودائع ( انحسار السيولة) وترتفع نسبة الديون المتعثرة ومخصصاتها وتفشل البنوك في تحقيق أرباح للمساهمين فيها .ولذلك تقوم كل الدول التي تهتم فعلا بتوفير التمويل لقطاعات معينه مثل الصناعة أو الزراعة أو الإسكان أو غيرها بإنشاء مؤسسات مالية لتلك الأغراض تقدم التمويل مباشرة أو تقوم بتقديم ضمانات السداد للبنوك التجارية . وكان عندنا في السودان بنك صناعي وبنك للتمويل الزراعي وبنك عقاري فأين ذهبت ؟
ثالثاً: إن المشاكل الأساسية التي يعاني منها كل من القطاع الصناعي والقطاع الزراعي لا علاقة لها بنوع أو حجم التمويل الذي تقدمه البنوك بل ترتبط بالأمن في مناطق النزاعات وضعف البنيات التحتية الخاصة بالري ومياه الشرب والطرق والكهرباء . وبسعر صرف العملة السودانية غير العادل وغيرها من سياسات الحكومة الطاردة لكل الأنشطة الاقتصادية في عالم صار مفتوحا أمام المستثمرين .
رابعاً: لا يستطيع أحد أن يجبر البنوك الأجنبية على البقاء في السودان لتتكبد الخسائر وهي قد أتت من أجل تحقيق الأرباح وليس عيون السودانيات . وسيكون الشعب السوداني هو الخاسر الأكبر من خروجها . ولكن يبدو أن هناك بعض الذين يريدون خروجها لانهم لا يستطيعون الصمود أمامها في ميادين المنافسة.
خامساً: الإجراء السليم الذي كان على عبد الرحمن هاشم محافظ بنك السودان المركزي القيام به بموجب المادة (6)(ج) في قانون البنك هو تطوير العمل المصرفي وتنميته ورفع كفاءته ( بما يساعد على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة) كما يقول القانون. , فهل تتفق القيود والموانع وتعريض البنوك للمخاطر العالية مع التطوير والتنمية ورفع الكفاءة ؟
تخفيف الضغط على الدولار:
يقول المؤيدون للمنشور إن منع البنوك من منح القروض لشراء السيارات الخاصة سوف يخفض الطلب على الدولار . ولكن أصحاب ذلك الرأي لايضعون في اعتبارهم انه في حالة تحويل كل أو جزء كبير من التمويل الذي يمنح لقطاعي النقل والتشييد إلى قطاعي الزراعة والصناعة سوف يرتفع استيراد الآلات والمعدات وكل المواد الخام الأساسية والمساعدة التي يحتاجها ذانك القطاعان. وهم ربما يتجاهلون عمداً أن شح الدولار وارتفاع سعره يعودان أساساً إلى سياسات بنك السودان المركزي الخاطئة مثل تحويل البنك المركزي إلى حنفية لتمويل العجز في الموازنة العامة مما أدى إلى الارتفاع الكبير جداً في عرض النقود وارتفاع الأسعار وانهيار القيمة الشرائية للجنيه السوداني وانهيار سعر صرفه وارتفاع سعر الدولار وايضا بسبب رفض بنك السودان المركزي تحرير سعر صرف الجنيه لكي تأتي تحويلات المغتربين عبر القنوات الرسمية وهي البنوك والصرافات وتخرج الصادرات مثل الذهب والسمسم والصمغ العربي والذرة وغيرها عبر القنوات الرسمية بدل أن تهرب . ولكن لحكمة يعلمها كل من عبد الرحمن هاشم و بدر الدين محمود عباس فهما يصران على تحديد اسعار صرف العملات الأجنبية بقرارات إدارية ولكن إلى متي ؟
بعض الأمور المزعجة :
أولاً: إذا كان القصد الفعلي هو توجيه التمويل إلى الإسكان الشعبي فإن ذلك لا يتطلب احتكاره لجهة واحدة هي الصندوق القومي للإسكان والتعمير بل كان يكفي تعريف الإسكان الشعبي بدقة ووضع الضوابط التي يجب أن تلتزم بها البنوك .
ثانياً: اثبتت تجربة محافظ التمويل أنها فاشلة وتحرم المصارف من حقها في منح التمويل مباشرة وغربلة المقترضين ((screening لضمان السداد و التصرف في ضمانات السداد في الوقت المناسب .
ثالثا: يتمتع العاملون بالبنك المركزي وكل المصارف بحق الحصول على قروض لشراء سيارات خاصة وشراء قطعة أرض وتشييد منزل أو شراء منزل جاهز . وقد اشتريت أنا شخصيا أول سيارة في حياتي بقرض من مؤسسة التنمية السودانية وقد اشتريت قطعة الأرض التي بنيت عليها البيت الذي أسكن فيه الآن بقرض من مؤسسة التنمية السودانية فلماذا يحرم بقية المواطنين السودانيين من ذلك ؟ وسوف أواصل الكتابة حول الموضوع أعلاه بإذن الله.
المنشور رقم 3/2014 صادر عن بنك السودان المركزي في 13 مايو 2014 وينص على الآتي :
1- حظر تمويل العربات والبكاسي بكافة أنواعها باستثناء :
أ/ الشاحنات ب/ الحافلات والبصات سعة ( 25 ) راكبا فما فوق .
2- حظر تمويل الأراضي والعقارات ويشمل ذلك شراء الأراضي وتطوير الأراضي وشراء وتشييد المباني وشراء الشقق ويستثنى من ذلك :
أ/ التمويل الذي منح للسكن الشعبي والسكن الإقتصادي عبر المحافظ التمويلية المخصصة لهذا الغرض بواسطة الصندوق القومي للإسكان والتعمير .
ب/ تطوير الأراضي للأغراض الزراعية بما في ذلك تجهيزات أعمال الري .
وجاء في الصحف أن القصد من إصدار المنشور هو توجيه التمويل إلى قطاعات الإنتاجية وتحقيق التوازن الاقتصادي . وقد كتبت مقالاً بالعنوان أعلاه قلت فيه انه لا يوجد مبرر اقتصادي للمنشور لأن تمويل كل من قطاع النقل والتخزين وقطاع التشييد لم يكن خصماً من قطاعي الصناعة والزراعة كما توضح الأرقام الصادرة عن بنك السودان المركزي .وقلت أن المنشور يخالف المادة (6 )(ب) في قانون بنك السودان المركزى التي تنص على أن توضع وتنفذ السياسة النقدية ( اعتماداً في المقام الأول على آليات السوق) .كما يخالف المنشور المادة (6) (ج) التى تنص على أن يكون تحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة عن طريق العمل على تطوير القطاع المصرفي وتنميته ورفع كفاءته وليس عن طريق تكبيله بالموانع والقيود وإحتكار التمويل العقاري لجهة واحدة . وقلت انه يتوقع أن تكون للمنشور آثار سلبية كثيرة وكبيرة لانه سوف يؤدي إلى انكماش الاستثمار في قطاع التشييد و انخفاض فرص العمل وزوال أو انخفاض دخول عمال البناء وكل الأشخاص الذين يرتبط نشاطهم الاقتصادي بقطاع التشييد ويؤدي انكماش الدخول إلى انخفاض الطلب الكلي على السلع والخدمات وانكماش كل الانشطة الانتاجية. ويحرم المنشور الذين يرغبون في شراء البكاسي وعربات الأمجاد والصالون والرقشة لاستخدامها تجارياً والعيش من ظهورها من تلك الفرصة وفي ذلك قفل لأبواب الرزق الحلال أمام أعداد كبيرة من الناس . ويؤدي المنشور إلى حرمان الأشخاص الذين يملكون اليوم قطع أرض ويريدون تشييد بناء عليها بقروض من البنوك لسكن أسرهم أو لتأجيرها من تلك الفرصة. والمسكن كما يعرف القارئ الكريم ضروري مثل المأكل والمشرب والملبس لانه يوفر الوقاية من الحر و البرد و يوفر السترة. ويعتمد نوع وحجم و مكان المسكن الذى يريده الشخص على دخله وذوقه واعتبارات عملية تتعلق بحجم أسرته ومكان عمله وغيرها من الاعتبارات ولذلك يقوم كل شخص ببناء أو شراء أو استئجار المسكن الذي يتناسب مع ظروفه هو ولهذا لا يوجد عدل أو منطق في حرمان الناس من فرصة الحصول على قروض لبناء مساكن في الاماكن التي يختارونها هم وفي الوقت الذي يختارونه وبالمواصفات التي تناسبهم .كما قلت في المقال الأول أن حصر القروض على قطاعي الصناعة والزراعة سوف يزيد درجة المخاطر التي تتعرض لها البنوك ويؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل الديون المتعثرة والخسائر وقلت أن منع البنوك من تمويل العقار والسيارات لا يعني انها سوف تقوم بتحويل ذلك التمويل إلى القطاعات الأخرى .
ماذا يقول من يؤيدون المنشور ؟
ناقش أعضاء الجمعية الاقتصادية السودانية الذين جاءوا إلى منتدى السبت الراتب بدار الخريجين بجامعة الخرطوم يوم 24 مايو 2014م ما جاء في مقالي الذي أشرت اليه اعلاه ( الخطأ والخطايا في المنشور رقم 3/2014) وأود أن أورد في هذا المقال الآراء المؤيدة للمنشور وبقوة وأرد عليها وبدون ذكر أصحابها .ولن أورد الآراء التي تتفق مع ما قلت . وتتلخص الآراء التي تؤيد المنشور في محورين أساسيين الأول هو توجيه التمويل لقطاعي الزراعة والصناعة والثاني تخفيف الضغط على الدولار .
اجبار المصارف على تمويل الصناعة والزراعة:
يقول من يؤيدون المنشور بقوة أن الذي ينشط في تمويل العقار وتمويل شراء السيارات هي البنوك الأجنبية التي رخص لها بالعمل في السودان من أجل أن تقوم بتمويل قطاعي الصناعة والزراعة ولكنها بحكم خلفيتها وما اعتادت أن تقوم به في البلاد التي جاءت منها نشطت في تمويل قطاعي النقل والتشييد لأن هذا ما اعتادت عليه ولان مخاطر تمويل النقل والتشييد اقل من مخاطر تمويل الصناعة والزراعة . ويتوقع أن يؤدي المنشور إلى إجبارها على تمويل قطاعي الزراعة والصناعة. وردي على ذلك الكلام هو :
أولاً: أن مجرد التفكير في إجبار المصارف على تقديم نوع محدد من التمويل و منعها من تقديم نوع آخر من التمويل لا ينطوي على حرمة دينية أو اجتماعية تصرف خاطئ تماما لأنه يخالف آلية السوق التي تعني حرية القيام بكل الأنشطة المشروعة دينياً وعرفياً وتفاعل قوى العرض والطلب لتحديد ماذا ينتج وكيف واين ومتى وبأي سعر يباع ويشترى في سوق تتميز بالتنافس وغياب الاحتكار واندياح المعلومات لأن ذلك هو الذي يقود إلى إنتاج ما يريده الناس وبالكميات الكافية والجودة العالية والأسعار المعقولة وسوف تؤدي القيود والموانع و الاحتكار إلى نقيضه .
ثانياً: تعتمد كل البنوك العاملة في السودان على أصحاب الودائع والقروض في تمويلها (84%) وتشكل رؤوس أموال من يملكون البنوك ( رأس المال المدفوع زائداً الاحتياطات ) معدل (16%) فقط من مصادر تمويل البنوك. وفي السودان لا يرتبط سعر التمويل (هامش المرابحة) بدرجة المخاطرة وهناك سعر واحد محدد بواسطة بنك السودان المركزي وهو معدل (12%).
ولذلك لا تستطيع البنوك الأجنبية و المحلية أن تركز التمويل في القطاعات عالية المخاطر مثل الزراعة والصناعة لأنها سوف تفقد قدرتها على مقابلة طلبات السحب من قبل أصحاب الودائع ( انحسار السيولة) وترتفع نسبة الديون المتعثرة ومخصصاتها وتفشل البنوك في تحقيق أرباح للمساهمين فيها .ولذلك تقوم كل الدول التي تهتم فعلا بتوفير التمويل لقطاعات معينه مثل الصناعة أو الزراعة أو الإسكان أو غيرها بإنشاء مؤسسات مالية لتلك الأغراض تقدم التمويل مباشرة أو تقوم بتقديم ضمانات السداد للبنوك التجارية . وكان عندنا في السودان بنك صناعي وبنك للتمويل الزراعي وبنك عقاري فأين ذهبت ؟
ثالثاً: إن المشاكل الأساسية التي يعاني منها كل من القطاع الصناعي والقطاع الزراعي لا علاقة لها بنوع أو حجم التمويل الذي تقدمه البنوك بل ترتبط بالأمن في مناطق النزاعات وضعف البنيات التحتية الخاصة بالري ومياه الشرب والطرق والكهرباء . وبسعر صرف العملة السودانية غير العادل وغيرها من سياسات الحكومة الطاردة لكل الأنشطة الاقتصادية في عالم صار مفتوحا أمام المستثمرين .
رابعاً: لا يستطيع أحد أن يجبر البنوك الأجنبية على البقاء في السودان لتتكبد الخسائر وهي قد أتت من أجل تحقيق الأرباح وليس عيون السودانيات . وسيكون الشعب السوداني هو الخاسر الأكبر من خروجها . ولكن يبدو أن هناك بعض الذين يريدون خروجها لانهم لا يستطيعون الصمود أمامها في ميادين المنافسة.
خامساً: الإجراء السليم الذي كان على عبد الرحمن هاشم محافظ بنك السودان المركزي القيام به بموجب المادة (6)(ج) في قانون البنك هو تطوير العمل المصرفي وتنميته ورفع كفاءته ( بما يساعد على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة) كما يقول القانون. , فهل تتفق القيود والموانع وتعريض البنوك للمخاطر العالية مع التطوير والتنمية ورفع الكفاءة ؟
تخفيف الضغط على الدولار:
يقول المؤيدون للمنشور إن منع البنوك من منح القروض لشراء السيارات الخاصة سوف يخفض الطلب على الدولار . ولكن أصحاب ذلك الرأي لايضعون في اعتبارهم انه في حالة تحويل كل أو جزء كبير من التمويل الذي يمنح لقطاعي النقل والتشييد إلى قطاعي الزراعة والصناعة سوف يرتفع استيراد الآلات والمعدات وكل المواد الخام الأساسية والمساعدة التي يحتاجها ذانك القطاعان. وهم ربما يتجاهلون عمداً أن شح الدولار وارتفاع سعره يعودان أساساً إلى سياسات بنك السودان المركزي الخاطئة مثل تحويل البنك المركزي إلى حنفية لتمويل العجز في الموازنة العامة مما أدى إلى الارتفاع الكبير جداً في عرض النقود وارتفاع الأسعار وانهيار القيمة الشرائية للجنيه السوداني وانهيار سعر صرفه وارتفاع سعر الدولار وايضا بسبب رفض بنك السودان المركزي تحرير سعر صرف الجنيه لكي تأتي تحويلات المغتربين عبر القنوات الرسمية وهي البنوك والصرافات وتخرج الصادرات مثل الذهب والسمسم والصمغ العربي والذرة وغيرها عبر القنوات الرسمية بدل أن تهرب . ولكن لحكمة يعلمها كل من عبد الرحمن هاشم و بدر الدين محمود عباس فهما يصران على تحديد اسعار صرف العملات الأجنبية بقرارات إدارية ولكن إلى متي ؟
بعض الأمور المزعجة :
أولاً: إذا كان القصد الفعلي هو توجيه التمويل إلى الإسكان الشعبي فإن ذلك لا يتطلب احتكاره لجهة واحدة هي الصندوق القومي للإسكان والتعمير بل كان يكفي تعريف الإسكان الشعبي بدقة ووضع الضوابط التي يجب أن تلتزم بها البنوك .
ثانياً: اثبتت تجربة محافظ التمويل أنها فاشلة وتحرم المصارف من حقها في منح التمويل مباشرة وغربلة المقترضين ((screening لضمان السداد و التصرف في ضمانات السداد في الوقت المناسب .
ثالثا: يتمتع العاملون بالبنك المركزي وكل المصارف بحق الحصول على قروض لشراء سيارات خاصة وشراء قطعة أرض وتشييد منزل أو شراء منزل جاهز . وقد اشتريت أنا شخصيا أول سيارة في حياتي بقرض من مؤسسة التنمية السودانية وقد اشتريت قطعة الأرض التي بنيت عليها البيت الذي أسكن فيه الآن بقرض من مؤسسة التنمية السودانية فلماذا يحرم بقية المواطنين السودانيين من ذلك ؟ وسوف أواصل الكتابة حول الموضوع أعلاه بإذن الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق