صحيفة السوداني
:: قبل أشهر، عندما أعلن أحد المصارف بالخرطوم عن مشروع تمويل الزواج، إستنكرت هذا النوع من التمويل (غير المنتج).. ثم ناشدت البنك المركزي بتوجيه المصارف بحيث لاتقتدي بالسياسة المصرفية التي تتبعها إحدى الدول العربية..وهي دولة عربية صغيرة، بحجم جزيرتي توتي وبدين تقريباً، وذات كثافة سكانية تساوي كثافة الأهل بالحاج يوسف أو الكلاكلات تقريباً، أي ( 2.5 مليون نسمة).. ولهذه الدولة نهج إقتصادي (غريب جداً)، إذ تبدوا على مظهر أفراد شعبها كل علامات الثراء والرفاهية و دعة الحياة ورغدها، ولكن حين تحدق في جوهر الحال تكتشف أن كل الشعب ( مديون)، و غير منتج .. نعم، بأمر النهج الإقتصادي للدولة، فالنظام المصرفي هناك لايشجع أفراد الشعب على (الإنتاج)، بل يدفعهم دفعاً إلى ( الإستدانة)..!!
:: لقد أحسن بنك السودان عملاً بحظر البنوك عن تمويل العقارات والسيارات..فالقرار صائب و ( تأخر كثيراً)، و بالتأكيد أن يأت القرار الصائب أخيراً خير من ألا يأتي نهائياً.. والشاهد، حسب مصادر موثوقة ببعض المصارف، أن أكثر من نصف ميزانية بعض المصارف كانت تمول العقارات والسيارات، ولهذا ظلت المشاريع المنتجة - زراعة كانت أو صناعة - في دائرة الإهمال و في ذيل قائمة التمويل ..ليس إنتاجاً ينفع الناس والبلد أن يمول البنك مجمعاً سكنياً يمتلكه مواطن واحد فقط لاغير، بحيث يكون وحده المستفيد من عائد فلل وشقق مجمعه، بيد أن الأرض الزراعية المجاورة النيل على مد البصر بحاجة إلى مثل هذا التمويل ولاتجده.. وليس إنتاجاً ينفع الناس والبلد أن يمول البنك مالك معرض أو شركة سيارات، بيد أن المصانع المهجورة لاتعد ولا تحصى لأزمة التمويل ..!!
:: الزراعة والصناعة هما الإقتصاد الحقيقي الذي يوفر الإستقرار لأفراد المجتمع و الموارد لخزينة الدولة.. الزراعة والصناعة، وليس المضاربة في سوق العقارات والسيارات وتحويل المنتجين إلى ( تجار ) و( سماسرة).. نعم بالتمويل غير الراشد لسوق العقارات، حولت المصارف قطع الأراضي السكنية إلى سلعة لايحظى بها إلا الأثرياء، وكذلك بالتمويل غير الراشد حولت المصارف السيارات من وسيلة نقل إلى معارض وأسواق لتبديد وتجميد (العملة الأجنية).. وكثيراً ما طالب خبراء الإقتصاد وزارة المالية وبنك السودان بتوجيه المصارف إلى وجهة التمويل الصحيحة، أي تمويل المشاريع الزراعية والصناعية ذات العائد الإقتصادي للمجتمع والدولة، ولكن تم تجاهل نداء الخبراء حتى تحولت المصارف إلى ( سمسارة عربات) و(جوكية عقارات)، فأستبان بنك السودان نصح الأمس ( ضحى اليوم)..!!
:: والتحدي الحقيقي الذي يواجه بنك السودان هو ( صمود قراره).. نعم، كثيرة هي التجارب والشواهد التي وثقت تغلب مراكز القوى وتجار المصالح الذاتية والمفسدين على القرارات الصائب والتوجيهات الراشدة.. وكان أخرها قرار حظر إستيراد (السيارات القديمة)، إذ تم الحظر مع بعض الإستثناءات، و تمادت وزارة التجارة - ولاتزال - في الإستيراد تحت (ستار الإستثناء)، وهكذا دائما في أجهزة الدولة ما يُفسد ويُخرب ويُدمر ( عجلة الإنتاج).. وعليه، نأمل أن يصمد قرار حظر تمويل العقارات والسيارات، ونأمل أن تساهم البنوك بتمويلها في سد الفجوة الإنتاجية في القطاعين الزراعي والصناعي .. فالسودان سلة غذاء العالم، ولكن بسوء الإدارة - والمفسدين والطبقات الطفيلية - تبخر هذا الحلم ولم يعد إقتصاد السودان إلا مجرد ( كرين ) و ( دلالة) و (قرعة )..!!
الطاهر ساتي
إليكم - صحيفة السوداني
:: قبل أشهر، عندما أعلن أحد المصارف بالخرطوم عن مشروع تمويل الزواج، إستنكرت هذا النوع من التمويل (غير المنتج).. ثم ناشدت البنك المركزي بتوجيه المصارف بحيث لاتقتدي بالسياسة المصرفية التي تتبعها إحدى الدول العربية..وهي دولة عربية صغيرة، بحجم جزيرتي توتي وبدين تقريباً، وذات كثافة سكانية تساوي كثافة الأهل بالحاج يوسف أو الكلاكلات تقريباً، أي ( 2.5 مليون نسمة).. ولهذه الدولة نهج إقتصادي (غريب جداً)، إذ تبدوا على مظهر أفراد شعبها كل علامات الثراء والرفاهية و دعة الحياة ورغدها، ولكن حين تحدق في جوهر الحال تكتشف أن كل الشعب ( مديون)، و غير منتج .. نعم، بأمر النهج الإقتصادي للدولة، فالنظام المصرفي هناك لايشجع أفراد الشعب على (الإنتاج)، بل يدفعهم دفعاً إلى ( الإستدانة)..!!
:: لقد أحسن بنك السودان عملاً بحظر البنوك عن تمويل العقارات والسيارات..فالقرار صائب و ( تأخر كثيراً)، و بالتأكيد أن يأت القرار الصائب أخيراً خير من ألا يأتي نهائياً.. والشاهد، حسب مصادر موثوقة ببعض المصارف، أن أكثر من نصف ميزانية بعض المصارف كانت تمول العقارات والسيارات، ولهذا ظلت المشاريع المنتجة - زراعة كانت أو صناعة - في دائرة الإهمال و في ذيل قائمة التمويل ..ليس إنتاجاً ينفع الناس والبلد أن يمول البنك مجمعاً سكنياً يمتلكه مواطن واحد فقط لاغير، بحيث يكون وحده المستفيد من عائد فلل وشقق مجمعه، بيد أن الأرض الزراعية المجاورة النيل على مد البصر بحاجة إلى مثل هذا التمويل ولاتجده.. وليس إنتاجاً ينفع الناس والبلد أن يمول البنك مالك معرض أو شركة سيارات، بيد أن المصانع المهجورة لاتعد ولا تحصى لأزمة التمويل ..!!
:: الزراعة والصناعة هما الإقتصاد الحقيقي الذي يوفر الإستقرار لأفراد المجتمع و الموارد لخزينة الدولة.. الزراعة والصناعة، وليس المضاربة في سوق العقارات والسيارات وتحويل المنتجين إلى ( تجار ) و( سماسرة).. نعم بالتمويل غير الراشد لسوق العقارات، حولت المصارف قطع الأراضي السكنية إلى سلعة لايحظى بها إلا الأثرياء، وكذلك بالتمويل غير الراشد حولت المصارف السيارات من وسيلة نقل إلى معارض وأسواق لتبديد وتجميد (العملة الأجنية).. وكثيراً ما طالب خبراء الإقتصاد وزارة المالية وبنك السودان بتوجيه المصارف إلى وجهة التمويل الصحيحة، أي تمويل المشاريع الزراعية والصناعية ذات العائد الإقتصادي للمجتمع والدولة، ولكن تم تجاهل نداء الخبراء حتى تحولت المصارف إلى ( سمسارة عربات) و(جوكية عقارات)، فأستبان بنك السودان نصح الأمس ( ضحى اليوم)..!!
:: والتحدي الحقيقي الذي يواجه بنك السودان هو ( صمود قراره).. نعم، كثيرة هي التجارب والشواهد التي وثقت تغلب مراكز القوى وتجار المصالح الذاتية والمفسدين على القرارات الصائب والتوجيهات الراشدة.. وكان أخرها قرار حظر إستيراد (السيارات القديمة)، إذ تم الحظر مع بعض الإستثناءات، و تمادت وزارة التجارة - ولاتزال - في الإستيراد تحت (ستار الإستثناء)، وهكذا دائما في أجهزة الدولة ما يُفسد ويُخرب ويُدمر ( عجلة الإنتاج).. وعليه، نأمل أن يصمد قرار حظر تمويل العقارات والسيارات، ونأمل أن تساهم البنوك بتمويلها في سد الفجوة الإنتاجية في القطاعين الزراعي والصناعي .. فالسودان سلة غذاء العالم، ولكن بسوء الإدارة - والمفسدين والطبقات الطفيلية - تبخر هذا الحلم ولم يعد إقتصاد السودان إلا مجرد ( كرين ) و ( دلالة) و (قرعة )..!!
الطاهر ساتي
إليكم - صحيفة السوداني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق