عبدالرحمن أحمدون - المجهر
كنا من أوائل الأسر التي أقامت في حي الامتداد جنوب الخرطوم، وكان عدد الأسر التي جاءت للسكن في الحي الجديد قليلاً لهذا كانت الشوارع خالية والشوارع مظلمة لغياب التيار الكهربائي، وكانت السرقات في المنازل تحدث في أوقات مبكرة.. وكان اللصوص يقيمون في حي العشش القريب واستغلوا فرصة الظلام، وكانوا يزورون المنازل بعد الغروب مباشرة ويسرقون، أحياناً يشاهدهم سكان المنزل لكنهم لا يصلون إليهم لأنهم يهربون بسرعة ويختبئون في حي العشش القريب حيث يجدون الأمان في الظلام.
واحتار سكان الامتداد كيف يوقفون هذه السرقات، وأخيراً اهتدوا إلى الحل وهو إدخال الإضاءة في الشوارع، وبالفعل بعد إدخال الإضاءة فقد اللصوص غطاء الظلام وأرتاح الناس منهم.
الآن عندما أمر بشوارع ليس فيها إضاءة أقول: هي دعوة للصوص والمجرمين لارتكاب كل أنواع الجرائم تحت غطاء الظلام، إذن هذا الظلام في الشوارع هو أحسن غطاء للمجرمين متى ما تخلصنا منه بالأمن، ولا يشترط أن تكون الإضاءة في كل عمود إذ يكفي إضاءة في كل مسافة ثلاثمائة متر.. خلال عطلة العيد كانت الشوارع خالية لأن معظم الناس ذهبوا لقضاء العطلة مع ذويهم.. ودكاكين الأحياء التي كانت مضاءة طوال الليل أمست بلا إضاءة، وفي بعض الأحياء كانت الموظفات يحرصن على العودة مبكراً ثم لا يخرجن إلا في الصباح، معاناة لا يشعر بها إلا الذين جاء سكنهم قرب أحياء عشوائية.
لا أعرف ما إذا كانت السلطات تحس بهذه المشكلة، وإذا أحست لماذا لا تتحرك باتجاه علاجها، والعلاج ببساطة هو في إضاءة الشوارع،ـ بعض الأحياء لا يوجد في شوارعها أي نوع من الإضاءة، حيث كانت المحلات تقدم هذه الخدمة مجاناً وبإغلاقها غرقت في الظلام. والمشكلة أن السلطات تركز على الشوارع الرئيسية تغرقها في الإضاءة، بينما الشارع المجاور ليس به إضاءة ولا تسير فيه دوريات الشرطة، وحتى لو سارت فهي تستمر لساعات أو دقائق وتبقى المشكلة قائمة.
لم أعرف أهمية الإضاءة إلا عندما أقمت في الامتداد، حيث لاحظت أن حوادث السرقة هبطت بنسبة تسعين في المائة بعد إضاءة الشوارع، يمكن أن يقال إن الكهرباء مستخدمة في المنازل ولا توجد كهرباء للشوارع في الأحياء الشعبية، ونقول إن إضاءة الشوارع الحاجة إليها تكون بعد منتصف الليل، وبهذا هي لن تؤثر في كهرباء المنازل، فبدون إضاءة الشوارع لن يشعر الناس بالأمن مهما كان حجم الدوريات في الشوارع، فالدوريات نفسها بحاجة للإضاءة لمعرفة تحركات المجرمين، إذا أردتم طمأنة الناس في الأحياء الشعبية فعليكم بالإكثار من إضاءة الشوارع.
< سؤال غير خبيث
هل هناك حي لا يتمتع بخدمات الكهرباء؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق