منذ بداية العام الحالي أخذت أسعار مواد البناء بصفة عامة والاسمنت بصفة خاصة في الإرتفاع لدرجة صعب معها الشراء، وبسبب الارتفاع تواصلت حالة الركود التي تعم الأسواق والتي شكا منها التجار ووصل الأمر ببعضهم إلى ترك العمل في المجال لعدم المقدرة على الوفاء بالتزاماتهم.
وأبدى الكثيرون استغرابهم لإرتفاع أسعار الاسمنت خاصة بعد الحديث عن توطين صناعته بالداخل وزيادة اعداد المصانع العاملة في المجال وزيادة الطاقات الإنتاجية في المصانع الموجودة.
وكانت الحكومة قد فكرت في تصدير الاسمنت مع دخول إنتاج المصانع الجديدة إلا أن ارتفاع تكاليف الانتاج في السودان مقارنة مع الدول المصدرة قد هزمت فكرة التصدير.
تخوفات واتهامات
ومع الإرتفاع الحالي في أسعار الاسمنت تخوف الكثيرون من تكرار أزماته في السنوات الماضية حيث تجاوز سعر الطن حاجز الـ 1000 جنيه كما حدث في العام 2008م وقد قاربت الأسعار هذه الأيام هذا الحد.
ويتساءل البعض لماذا ترتفع أسعار الاسمنت في وقت يتم فيه الإنتاج داخلياً ولا يعتمد فيه على الاستيراد كما كان يحدث سابقاً
وبالقاء هذا السؤال على التجار والمتعاملين في المجال ربطه بعضهم بارتفاع تكاليف الانتاج فيما أرجعه آخرون إلى إرتفاع أسعار الطاقة التشغيلية خاصة بعد إنفصال الجنوب وفقدان مورد النفط والاعتماد بصورة كبيرة على الاستيراد في استجلاب الفيرنس الذي تعمل به اغلب المصانع.
وإتهم المواطنون التجار وأصحاب المصانع بالتسبب في الإرتفاع وأجمعوا في حديثهم للصحيفة على أن وكلاء الشركات والتجار هم السبب في إرتفاع سعر السلعة، مشيرين إلى أن سوق الاسمنت تعمه الفوضى ولا سيطرة للجهات المسؤولة عليه.
وقال ناصر مهدي ـ مواطن (أي أزمة تحدث في سلعة الاسمنت ورائها التجار وقد تعودنا ذلك منهم في سنوات خلت. فقانون عدم الاحتكار غير مفعل، والفوضى ضاربة أطنابها في السوق والآن قد بدأت حقيقة أزمة الاسمنت التي حدثت قبل 5 سنوات وحينها كان الإرتفاع في أسعار الاسمنت يحدث كل صباح وذلك وراء ستارة السوق الحر الذي لم يكن يوماً في مصلحة المواطن).
وقريبا مما ذهب إليه يقول ابو بكر البشير ـ مواطن ـ (الزيادة في أسعار سلعة الاسمنت مستمرة رغم وفرة السلعة وهذا أكبر دليل على أن التجار هم السبب والمتسبب الأول في هذه الزيادة والارتفاع المتصاعد) وطالب أبو بكر الجهات المسؤولة بالتعامل مع التجار بجدية تخفيفاً على المواطن) وأضاف (سلعة الاسمنت من السلع المهمة والاستراتيجية مثلها مثل السكر وعلى الحكومة أن تعطيها الاهتمام الكافي وتشجع على الاستثمار في مجالها وتخفف من تكاليف الانتاج على الأقل بعدم فرض رسوم عليها ومن ثم ضبط التعامل فيها والاشراف عليه حتى لا يترك الأمر للتجار يفعلون في السوق ما يحلو لهم) وقال (الأسعار حالياً قاربت مستوياتها إبان أزمة الاسمنت في العام 2008م وليس ببعيد أن تفوقها إذا استمرت فوضى الأسواق وتحكم التجار فيها).
وتحدث للصحيفة ايضا ـ عمر ميرغني ـ مواطن قال (مع كل إرتفاع في الأسعار يخرج علينا التجار بتبريرات غير صحيحة، فالإرتفاع في أسعار السلعة والأزمات يخلقها هؤلاء التجار بجشعهم وطمعهم ومعروف أن السلعة يتحكم فيها تجار بعضهم يعرفهم المواطن وتعرفهم الحكومة ولكنها لا تتعامل معهم كما يجب مما يجعلهم يتلاعبون بسعر هذه السلعة الهامة والاستراتيجية) وقال ما يحدث هذه الأيام من إرتفاع في سعر الأسمنت يعيد للأذهان أزمته في أعوام سابقة وليس ببعيد أن تتكرر خاصة في ظل الطلب المتزايد عليه وأضاف (سوق الاسمنت تتحكم فيه الشائعات بصورة كبيرة ويمكن أن يرتفع سعر السلعة لمجرد تنبؤات أو أخبار كاذبة وعلى الحكومة التعامل معه وضبط السيطرة عليه).
تبريرات التجار
من جانبهم نفى التجار تسببهم في إرتفاع أسعار الاسمنت وتحكمهم فيه وحملوا الشركات ووكلاء المصانع مسؤولية القفزات في أسعاره، وأوضح بعضهم (لأخبار اليوم) أن إرتفاع سعر السلعة قد أدخل السوق في حالة من الركود غير مسبوقة.
وفي حديث للصحيفة قال أحد التجار مختار صالح الامين مع الارتفاع المتصاعد في أسعاره لا استبعد حدوث أزمة في سوق الأسمنت كما حدث في سنوات خلت رغم إختلاف الظروف والإرتفاع الذي يحدث حالياً لا يد للتجار فيه وأنما يأتي بسبب إرتفاع أسعار الفيرنس الذي تعمل به كل المصانع والزيادة الكبيرة في أسعار الدولار مقابل الجنيه السوداني وفي العام 2008م كان السبب في الإرتفاع والزيادة الكبيرة تكاليف استيراد السلعة من مصر وتأخر البواخر لأسباب مختلفة وحاليا الأمر مختلف فالإنتاج يتم محليا ولكن التكلفة عالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق