آخر لحظة
ظلت بورتسودان خلال تاريخها الذى تجاوز المائة عام تعتمد على خور أربعات كمصدر رئيس لإمداد المدينة بالمياه، وعلى مدى هذا التاريخ طُرحت عدة مشاريع كمصادر بديلة لتوفير الماء للمدينة أهمها وأشهرها مشروع مياه النيل الذى صدر مؤخراً قراراً بإلغائه بعد أن قطع شوطاً كبيراً من الإعدادات الفنية التى كانت فى إنتظار البداية الفعلية للتنفيذ، لكن خلال السنوات الماضية إعتادت المدينة على الدخول فى أزمة مياه حادة لاسيما فى أشهر الصيف وقد بلغت ذروتها فى هذا العام الأمر الذى دفع بالعديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية التى تقف وراء شح المياه بالمدينة، فهل لايزال خور أربعات قادراً على توفير حاجة المدينة من المياه بعد قرن من إنشائها ؟؟ وأين دور هيئة المياه ووزارة التخطيط العمراني بالولاية للعمل على التخفيف من حدة الأزمة ؟؟ وما علاقة كل ذلك بصراع حكومة الولاية مع السلطات المركزية ؟؟ وهل بالفعل هنالك (مافيا) كما يسميها البعض ليس من مصلحتها توفر المياه ؟؟ للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها قامت (آخر لحظة) بزيارة لخور أربعات والسد الرئيسى للمياه وخرجت بالعديد من الحقائق التى ربما تكون غائبة عن الكثيرين ...
الطريق إلى أربعات ..
يقع سد أربعات على بعد 30 كيلو متر شمال غرب مدينة بورتسودان ويمثل المصدر الرئيسى لمياه المدينة ، تحركت من بورتسودان حوالى الثامنة صباحاً وعلى طول الطريق إلى السد تلفت نظرك مشاهد سيارات (تناكر) المياه على الطريق بأعداد كبيرة،وبمحاذاة الطريق يوجد خط ضغط كهربائى لم يكتمل العمل فيه؛بعد حوالى نصف ساعة أو يزيد قليلاً كنت أمام السد تماماً، وقد هيأت نفسى لمضايقات ربما تواجهنى من قبل أفراد الأجهزة النظامية لكننى فوجئت بعدم وجود أى شخص هناك عدا بعض الخفراء الذين لم يكترثوا لوجودى !!، تمكنت من الصعود إلى اعلى السد والتقاط الصور والنزول إلى البحيرة دون أن يعترضني أو من يسألنى عن سبب تواجدى فى هذا الموقع الإستراتيجى ..
أخطاء فنية ..
تبلغ السعة تخزينية لبحيرة السد 15 مليون متر مكعب لم تكن خالية تماماً حين وصلت إليها لكن إنخفاض منسوب المياه بدأ واضحاً، الصمت يلف المكان عدا صوت المولد الكهربائى الذى تعمل به طلمبتين تضخان الماء فى خرطوشين 4 بوصة تمثل جملة كمية الماء التى يتم ضخها للخط الرئيس للمدينة، وقد علمت من أحد مصادرى أن هذين الطلمبتين كانتا متوقفتين حتى وقت قريب وقد تم تشغيلهما بعد أن تفاقمت أزمة المياه فى المدينة. بدأ واضحاً أن هنالك جملة مشكلات فنية يعاني منها السد أدت إلى الإعتماد على الطلمبات كحل إسعافى لرفع المياه من البحيرة إلى أعلى السد ومن ثم ضخها فى مجرى لايزيد عرضه عن مترين ليصبها فى الخط الناقل، وذلك بسبب توقف البوابة الرئيسية للسد عن العمل نتيجة لأخطاء فنية صاحبة تصميمها كما علمت من ذات المصدر، وبالتالي أصبح ضخ المياه فى الخط الناقل بكميات تلبى حاجة المدينة يعتمد على الإرتفاع الكبير لمنسوب المياه، وحال إنخفاض كمية المياه يصبح من الصعوبة إستغلال الكمية المتوفرة.
كارثة صحية ..
المفاجأة الكبرى بالنسبة لما شاهدته فى أربعات تمثلت فى الطريقة التى يتم عبرها نقل المياه للمدينة حيث تصب الخراطيش الماء من السد إلى (خور) يمتد من أسفل البوابة مباشرة لمئات الأمتار قبل أن يجد الماء طريقه للخط الناقل، وللوهلة الأولى لم أكد أصدق أن الماء الذى يجرى فى الخور هو ما يستخدمه سكان ميناء السودان الأول للشرب، فكمية التلوث الموجود يجعل منه غير صالح لأى إستخدام بشرى ناهيك عن شربه، فذلك الخور المكشوف يحوى بداخله كميات ضخمة من الطحالب والأسماك وأشجار المسكيت وغيرها من مخلفات الحيوانات، ويمر على هذا النحو إلى المدينة دون وجود أى تنقية أو فلترة أو تعقيم ودون أى إشراف صحى، ولايتوقف الأمر على ذلك الخور الملوث بل وعلى إمتداد الخط الناقل للمياه توجد عدد من الحفر والبرك التى يصب فيها الخط لتنتقل إلى خط آخر، والسبب فى وجودها يعود للإنسداد الذى يتعرض له الخط من حين لآخر مما يدفع لكسره وتنظيفه ومن ثم تحويل الحفرة التى تنتج عن ذلك لـ (منهول) مكشوف فى العراء تشرب من المواشي وتنمو فيه الحشائش والطحالب ويقضى بجانبه الإنسان حاجته ثم تنتقل هذه المياه لسكان المدينة !!!.
الآبار مصادر مياه مهملة..
قبل إنشاء سد أربعات فى العام 2003م كان خط مياه المدينة يعتمد بصورة أساسية على كمية المياه التى يتم ضخها على مدار الساعة من أكثر من ثلاثون بئراً منشرة على خور أربعات وهى تمثل مصدر شبه مستقر يعتمد على المياه الجوفية ولايتأثر كثيراً بهطول الأمطار، بعد إنشاء السد تعرضت تلك الآبار للإهمال التام الأمر الذى أدى لتوقفها وخروجها عن الخدمة وتعرض خطوط الكهرباء التى تغذيها للتلف، وأصبح الإعتماد على السد فى تغذية الخط الرئيسى، تحدثت إلى أحد عمال هيئة المياه هنالك فقال لى إن من الأسباب التى أدت لإهمال تلك الآبار هو عدم صرف العاملين عليها لمرتباتهم لفترات طويلة ومن ثم توقفوا عن العمل الأمر الذى عرضها للاعطال ومن لتتوقف دون أن يهتم أحد لذلك على الرغم من أنها كانت توفر حاجة المدينة قبل إنشاء السد.
مفارقات ..
قلة المياه فى السد والمشكلات الفنية التى حالت دون الإستفادة من كمية المياه المتوفرة فى البحيرة، إضافة إلى خروج آبار خور اربعات عن الخدمة منذ سنوات، كلها أسباب ساهمت فى تفاقم أزمة المياه فى بورتسودان، وجعلت من الآبار التجارية التى يملكها المواطنين هى المصدر الوحيد للمياه القادمة من أربعات عبر (التناكر) التجارية، لكن المفارقة كانت فى أسعار المياه فى الآبار مقارنة بأسعارها فى المدينة، ففى الوقت الذى وصل فيه سعر طن الماء فى بورتسودان إلى أكثر من 100 جنيه، نجد أن سعره فى الآبار يترواح من 3 إلى 10 جنيهات !! حسب ما أوضح لى أصحاب الآبار، وذلك فى الوقت الذى يقف فيه أمام البئر ما لايقل عن ثلاثة أو اربعة تناكر..
ظلت بورتسودان خلال تاريخها الذى تجاوز المائة عام تعتمد على خور أربعات كمصدر رئيس لإمداد المدينة بالمياه، وعلى مدى هذا التاريخ طُرحت عدة مشاريع كمصادر بديلة لتوفير الماء للمدينة أهمها وأشهرها مشروع مياه النيل الذى صدر مؤخراً قراراً بإلغائه بعد أن قطع شوطاً كبيراً من الإعدادات الفنية التى كانت فى إنتظار البداية الفعلية للتنفيذ، لكن خلال السنوات الماضية إعتادت المدينة على الدخول فى أزمة مياه حادة لاسيما فى أشهر الصيف وقد بلغت ذروتها فى هذا العام الأمر الذى دفع بالعديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية التى تقف وراء شح المياه بالمدينة، فهل لايزال خور أربعات قادراً على توفير حاجة المدينة من المياه بعد قرن من إنشائها ؟؟ وأين دور هيئة المياه ووزارة التخطيط العمراني بالولاية للعمل على التخفيف من حدة الأزمة ؟؟ وما علاقة كل ذلك بصراع حكومة الولاية مع السلطات المركزية ؟؟ وهل بالفعل هنالك (مافيا) كما يسميها البعض ليس من مصلحتها توفر المياه ؟؟ للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها قامت (آخر لحظة) بزيارة لخور أربعات والسد الرئيسى للمياه وخرجت بالعديد من الحقائق التى ربما تكون غائبة عن الكثيرين ...
الطريق إلى أربعات ..
يقع سد أربعات على بعد 30 كيلو متر شمال غرب مدينة بورتسودان ويمثل المصدر الرئيسى لمياه المدينة ، تحركت من بورتسودان حوالى الثامنة صباحاً وعلى طول الطريق إلى السد تلفت نظرك مشاهد سيارات (تناكر) المياه على الطريق بأعداد كبيرة،وبمحاذاة الطريق يوجد خط ضغط كهربائى لم يكتمل العمل فيه؛بعد حوالى نصف ساعة أو يزيد قليلاً كنت أمام السد تماماً، وقد هيأت نفسى لمضايقات ربما تواجهنى من قبل أفراد الأجهزة النظامية لكننى فوجئت بعدم وجود أى شخص هناك عدا بعض الخفراء الذين لم يكترثوا لوجودى !!، تمكنت من الصعود إلى اعلى السد والتقاط الصور والنزول إلى البحيرة دون أن يعترضني أو من يسألنى عن سبب تواجدى فى هذا الموقع الإستراتيجى ..
أخطاء فنية ..
تبلغ السعة تخزينية لبحيرة السد 15 مليون متر مكعب لم تكن خالية تماماً حين وصلت إليها لكن إنخفاض منسوب المياه بدأ واضحاً، الصمت يلف المكان عدا صوت المولد الكهربائى الذى تعمل به طلمبتين تضخان الماء فى خرطوشين 4 بوصة تمثل جملة كمية الماء التى يتم ضخها للخط الرئيس للمدينة، وقد علمت من أحد مصادرى أن هذين الطلمبتين كانتا متوقفتين حتى وقت قريب وقد تم تشغيلهما بعد أن تفاقمت أزمة المياه فى المدينة. بدأ واضحاً أن هنالك جملة مشكلات فنية يعاني منها السد أدت إلى الإعتماد على الطلمبات كحل إسعافى لرفع المياه من البحيرة إلى أعلى السد ومن ثم ضخها فى مجرى لايزيد عرضه عن مترين ليصبها فى الخط الناقل، وذلك بسبب توقف البوابة الرئيسية للسد عن العمل نتيجة لأخطاء فنية صاحبة تصميمها كما علمت من ذات المصدر، وبالتالي أصبح ضخ المياه فى الخط الناقل بكميات تلبى حاجة المدينة يعتمد على الإرتفاع الكبير لمنسوب المياه، وحال إنخفاض كمية المياه يصبح من الصعوبة إستغلال الكمية المتوفرة.
كارثة صحية ..
المفاجأة الكبرى بالنسبة لما شاهدته فى أربعات تمثلت فى الطريقة التى يتم عبرها نقل المياه للمدينة حيث تصب الخراطيش الماء من السد إلى (خور) يمتد من أسفل البوابة مباشرة لمئات الأمتار قبل أن يجد الماء طريقه للخط الناقل، وللوهلة الأولى لم أكد أصدق أن الماء الذى يجرى فى الخور هو ما يستخدمه سكان ميناء السودان الأول للشرب، فكمية التلوث الموجود يجعل منه غير صالح لأى إستخدام بشرى ناهيك عن شربه، فذلك الخور المكشوف يحوى بداخله كميات ضخمة من الطحالب والأسماك وأشجار المسكيت وغيرها من مخلفات الحيوانات، ويمر على هذا النحو إلى المدينة دون وجود أى تنقية أو فلترة أو تعقيم ودون أى إشراف صحى، ولايتوقف الأمر على ذلك الخور الملوث بل وعلى إمتداد الخط الناقل للمياه توجد عدد من الحفر والبرك التى يصب فيها الخط لتنتقل إلى خط آخر، والسبب فى وجودها يعود للإنسداد الذى يتعرض له الخط من حين لآخر مما يدفع لكسره وتنظيفه ومن ثم تحويل الحفرة التى تنتج عن ذلك لـ (منهول) مكشوف فى العراء تشرب من المواشي وتنمو فيه الحشائش والطحالب ويقضى بجانبه الإنسان حاجته ثم تنتقل هذه المياه لسكان المدينة !!!.
الآبار مصادر مياه مهملة..
قبل إنشاء سد أربعات فى العام 2003م كان خط مياه المدينة يعتمد بصورة أساسية على كمية المياه التى يتم ضخها على مدار الساعة من أكثر من ثلاثون بئراً منشرة على خور أربعات وهى تمثل مصدر شبه مستقر يعتمد على المياه الجوفية ولايتأثر كثيراً بهطول الأمطار، بعد إنشاء السد تعرضت تلك الآبار للإهمال التام الأمر الذى أدى لتوقفها وخروجها عن الخدمة وتعرض خطوط الكهرباء التى تغذيها للتلف، وأصبح الإعتماد على السد فى تغذية الخط الرئيسى، تحدثت إلى أحد عمال هيئة المياه هنالك فقال لى إن من الأسباب التى أدت لإهمال تلك الآبار هو عدم صرف العاملين عليها لمرتباتهم لفترات طويلة ومن ثم توقفوا عن العمل الأمر الذى عرضها للاعطال ومن لتتوقف دون أن يهتم أحد لذلك على الرغم من أنها كانت توفر حاجة المدينة قبل إنشاء السد.
مفارقات ..
قلة المياه فى السد والمشكلات الفنية التى حالت دون الإستفادة من كمية المياه المتوفرة فى البحيرة، إضافة إلى خروج آبار خور اربعات عن الخدمة منذ سنوات، كلها أسباب ساهمت فى تفاقم أزمة المياه فى بورتسودان، وجعلت من الآبار التجارية التى يملكها المواطنين هى المصدر الوحيد للمياه القادمة من أربعات عبر (التناكر) التجارية، لكن المفارقة كانت فى أسعار المياه فى الآبار مقارنة بأسعارها فى المدينة، ففى الوقت الذى وصل فيه سعر طن الماء فى بورتسودان إلى أكثر من 100 جنيه، نجد أن سعره فى الآبار يترواح من 3 إلى 10 جنيهات !! حسب ما أوضح لى أصحاب الآبار، وذلك فى الوقت الذى يقف فيه أمام البئر ما لايقل عن ثلاثة أو اربعة تناكر..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق