الصحافة
فرحة مواطنى الدويم وماحولها بافتتاح مصنع سكرالنيل الأبيض كبيرة لم تضاهيها الا فرحتهم بافتتاج كبرى المدينة ،حيث عبروا عن هذه الفرحة من خلال تدافعهم يوم افتتاح المصنع على يد رئيس الجمهورية فى ابريل الماضى ،كيف والمشروع اضافة اقتصادية ضخمة ليس للمحلية أو الولاية فحسب وانما لكل السودان ،كما أنه يمثل امتدادا لمصانع السكرالتى تزخر بها الولاية .
لقد أحدث المصنع نقلة اقتصادية واضحة خاصة للدويم ، وذلك عبر خلق فرص العمل وزيادة فى القوى الشرائية لوجود العمالة الأجنبية والوطنية والتى تتوافد صباحا ومساء لابتياع حاجياتها من السوق ،وقد أدى ذلك لانتعاش بعض المهن وفتح أبواب رزق جديدة لم تكن مألوفة من قبل ، وهنالك حالة من التفاؤل تسود وسط الكثيرين بأن المصنع سيحدث تطورا فى المعيشة وبصورة كبيرة فى المستقبل القريب خاصة بعد أن يعمل بكامل طاقته .
ولكن هل الفوائد الاقتصادية والمكاسب المادية يمكن أن تجعل المواطن يغض الطرف عن بعض السلبيات التى واكبت عملية تشغيل المصنع؟وهل يمكن أن يجامل المواطن اذا صارت هذه السلبيات مهددا حقيقيا لصحته .
نسبة معتبرة من مواطني المنطقة شكوا من التلوث البيئى الذى أحدثه المصنع من خلال سحب الدخان الكثيفة والتى ظلت تغطى كل المنطقة جنوب المصنع وعلى رأسها مدينة الدويم ،وهى تنتج بسبب عملية حرق القصب والتى تتم بطريقة تقليدية رغم تأكيدات بعض مسؤولى المصنع قبل تشغيله بأن عملية الحرق ستكون بطريقة آمنة لاتسبب أى تلوث أو أضرار صحية للسكان .
مواطنو الدويم هم الأكثر تضررا من تلوث الهواء الناجم عن حرق القصب ،وذلك بسبب قرب المدينة من موقع المصنع ،اذ بدأت المعاناة من سحب الدخان والتى تحجب فى الكثير من الأحيان أشعة الشمس عن مدينتهم ،كما ذكرالمواطن صلاح حسن ،حيث قال انه وفى صباح ذات يوم وبعد شروق الشمس بنصف ساعة اختفت أشعة الشمس وظن أن هنالك سحبا ماطرة فوق المدينة«رغم أنه فى فصل الشتاء» ليفاجأ كماذكر بسحابة دخانية كبيرة تغطى سماءالمدينة، وقال انه لم يصدق مارآه فى بادىء الامر الا أن تساقط أوراق القصب المحروق على جلبابه جعله يتأكد من حقيقة الأمر على حد قوله.
المواطن ح.س قال انه مصاب بمرض الأزمة و أن تلوث هواء المدينة بدخان حريق قصب السكر زاد من معاناته مع المرض ،وناشد ادارة المصنع للبحث عن وسيلة أخرى لحرق القصب.
ربات البيوت ارتفعت اصواتهن بالشكوى من نزول مخلفات الحريق على الحيشان ، حيث أكدن أنهن يضطررن لتنظيفها أكثرمن ثلاث مرات فى اليوم الواحد ،بعض النساء ذكرن بأنهن يضطررن لعدم غسل الملابس لأيام خوفا من اتساخها عند «شرها» على حبل الغسيل .
المنابرالمختلفة بالمدينة وعلى رأسها المساجد شهدت بعض الشكاوى وتعالت فيها الأصوات التى تشكو من معاناة الناس مع تلوث الهواء الذى يستنشقونه ، حيث طالبت هذه الأصوات الشركة بضرورة ايجاد حل لهذه المشكلة .
التلوث الذى يسببه حرق القصب بمصنع سكرالنيل الأبيض لايتوقف أثره على الدويم فحسب ،بل يمتد لمسافات بعيدة ،حيث وصل الى منطقة أم جر«وماحولها» والتى تقع على بعد حوالى خمسين كيلومترجنوب الدويم ،وكذلك قرية الزريقة والتى تقع غرب المدينة على بعد حوالى أربعين كيلومتر،وتأكد ذلك من خلال افادات عدد من مواطنى هاتين المنطقتين ،والذين شكوا أيضا من روائح كريهة صادرة من المخلفات الأخرى .
عدد من المهتمين للأمر قدروا عدد السكان المتضررين من التلوث بحوالى نصف مليون مواطن ،وقالوا ان المساحة المتأثرة تعتبر من أهم مناطق الانتاج الزراعى والحيوانى، مشيرين الى أنها تنتج معظم الجبن البيضاء التى توجد بالسواق، خصوصا أسواق العاصمة، وشددوا على أنه يجب على ادارة المصنع أن تجد حلا جذريا وسريعا للتلوث حتى لاتحدث كارثة صحية كماقالوا، وأكدوا أن بعض أمراض الجهاز التنفسى بدأت تظهر نتيجة لاستنشاق الهواء الملوث ، ودق بعضهم ناقوس الخطر منذ الآن، داعين الى حسم الأمر قبل استفحاله حتى لايتحول المشروع الى نقمة كما ذكروا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق