في ظل المتغيرات المناخية التي صارت آثارها تشكل اهم المهددات الرئيسية للحياة في كوكب الارض، نشطت الكثير من دول العالم الثالث كدول تقع ضحايا لأنشطة الدول الصناعية كمسبب رئيسي لهذه المتغيرات نتيجة لإنبعاث غازات الإحتباس الحراري بسبب النشاط الصناعي الكبير لهذه الدول، نشطت دول العالم الثالث في المطالبات المستمرة والضغوط خلال المؤتمرات بهذا الشأن للمطالبة بأدوار كبيرة تقوم بها الدول الصناعية لمساعدتها في التكيف مع آثار المتغيرات المناخية والعمل الجاد لتجاوز او تقليل انعكاساتها على مختلف المجالات في حياة الانسان.
ورغم ذلك فإن الدول المتأثرة لا تقوم بعمل علمي ومسؤول في هذا الخصوص ضمن سياساتها للتنمية والخدمات والادهى من ذلك تنفيذ هذه السياسات بدون مراعاة المردودات البيئية لذلك مما يزيد المعاناة وحجم المشكلة وتزايد الاضرار.
ولتوضيح ذلك فإننا في هذا الصدد نتناول المردود البيئي لتشييد امتداد شارع النيل بالخرطوم والذي تم افتتاحه في بداية هذا العام تزامنا مع احتفالات البلاد بأعياد الاستقلال رغم ايماننا بما يؤديه هذا الطريق من ادوار مهمة..
وما يذكر عن هذا الطريق ينطبق كثيرا على معظم ما تم انجازه من مشروعات تنموية وخدمية، وما نذكره هنا واضح لكل من يشاهد المنظر من اعلى كبري شمبات او ضفتي النيل جنوب الكبري مباشرة.
لاحظنا منذ المراحل الاولى من الردميات لتشييد هذا الشارع انه ادى الى ازدياد تضييق مجرى النيل بين ضفة النيل الازرق ناحية الخرطوم وجزيرة توتي والذي اصبح ضيقا منذ فترة بسبب تراكم الجزر الرملية حول الجزيرة بسبب الفيضانات المتتالية كأحد آثار تغيرات المناخ بالهضبة الاثيوبية والسودان.
تضييق هذا المجرى بسبب هذه الجزر الرملية وردميات شارع الخرطوم ادى الى زيادة سرعة جريان مياه النيل خاصة خلال موسم الفيضان والتي عند انحرافها شمالا تقوم بقوة التيار بعمليات نحر كبيرة ومؤثرة في الناحية الشرقية من مثلث الجزيرة بين جزيرة توتي ومدينة امدرمان.
هذا النحر ينتج عنه سقوط كتل ترابية كبيرة من الجزيرة في مياه النيل وتكوين انفاق وهو يعرف بالهدام كشكل من اشكال التعرية بواسطة المياه وهو يعتبر العامل الاساسي في انجراف التربة وفقدان الاشجار وغيرها وانحسار المساحات الزراعية كما يحدث بالولاية الشمالية كمهدد رئيسي للعمل الزراعي وبالتالي حياة المواطنين هنالك.
نتيجة لما حدث فإننا نحدد عددا من الاضرار كالآتي:-
- تغيير شكل الجزيرة كمثلث منتظم الاضلاع باعتباره احد المواقع الجغرافية والسياحية المهمة في العالم وهو يمثل نقطة التقاء النيلين الازرق والابيض ليكونا نهر النيل نحو شمال السودان ونحو جمهورية مصر العربية.
- انجراف التربة من الاراضي الزراعية الخصبة والتي تعتبر ممولا اساسيا لسكان الولاية خاصة مدينة امدرمان من الخضر والتي تعتمد عليها اعداد كبيرة من الاسر ورثتها منذ عهود قديمة مضت.
- تكوين الكثير من الجزر شمال رأس المثلث هذا خاصة المتراكمة في النيل الابيض حيث التيار الهاديء بالجزء الغربي.
- ترحيل التربة الزراعية الى مواقع اخرى الشيء الذي يمكن ان يؤدي الى احتكاكات ونزاعات قانونية بين ملاك الاراضي بالجزيرة وملاك الاراضي التي استقبلت هذه التربة.
- ازدياد تراكم الجزر الرملية بالناحية الغربية لنهر النيل يؤدي الى زيادة تعقيد سحب المياه في محطة بيت المال حاليا ولا يستبعد ان يحدث ذلك بمحطة المنارة الحديثة ايضا مما يؤدي الى مشاكل وصعوبات كبيرة في محطات انتاج وتوزيع مياه الشرب لقطاعات كبيرة من المواطنين.
- يلاحظ بداية انجراف وتعرية التربة الزراعية الخصبة بالجهة الشرقية من النيل في هذه المنطقة والذي سيزداد بسبب ازدياد الجزر الرملية المترسبة وازدياد وسرعة التيار.
- ما زلنا نعتقد انه وفي ظل هذا الوضع ان تصبح جزيرة توتي مهددة اكثر من اي وقت مضى بخطر الفيضانات الضخمة والمتتالية في السنوات المقبلة.
- اعاقة حركة المراكب والبواخر النهرية الصغيرة.
- ترحيل التربة الزراعية الى مواقع اخرى الشيء الذي يمكن ان يؤدي الى احتكاكات ونزاعات قانونية بين ملاك الاراضي بالجزيرة وملاك الاراضي التي استقبلت هذه التربة.
- ازدياد تراكم الجزر الرملية بالناحية الغربية لنهر النيل يؤدي الى زيادة تعقيد سحب المياه في محطة بيت المال حاليا ولا يستبعد ان يحدث ذلك بمحطة المنارة الحديثة ايضا مما يؤدي الى مشاكل وصعوبات كبيرة في محطات انتاج وتوزيع مياه الشرب لقطاعات كبيرة من المواطنين.
- يلاحظ بداية انجراف وتعرية التربة الزراعية الخصبة بالجهة الشرقية من النيل في هذه المنطقة والذي سيزداد بسبب ازدياد الجزر الرملية المترسبة وازدياد وسرعة التيار.
- ما زلنا نعتقد انه وفي ظل هذا الوضع ان تصبح جزيرة توتي مهددة اكثر من اي وقت مضى بخطر الفيضانات الضخمة والمتتالية في السنوات المقبلة.
- اعاقة حركة المراكب والبواخر النهرية الصغيرة.
عليه ولخطورة ا لامر ننتظر تحركا سريعا من الجهات المسؤولة لإنقاذ الموقف المتدهور بسرعة هائلة كما نلاحظ باستمرار تزايد الجزر واتساع مساحاتها حتي بدأ النحر في الجزء الغربي من رأس هذا المثلث حاليا واصبح شكل الجزيرة الجذاب سابقا لا يحتمل المشاهدة الآن كموقع سياحي تماما كما يحدث لأكثر السودانيين عند تفادي النظر لخريطة السودان بعد انفصال جنوب السودان..!
ندرك جيدا ان عمليات المعالجات هذه تحتاج الكثير من المال والجهد ولكن نقتنع تماما بأنه لابد من ذلك وهنالك الكثير من المعالجات الفنية المعروفة التي يمكن ان تتم بالاسلوب الافضل والاقل تكلفة. عمليات المعالجات هذه يجب ان تلفت النظر الى التكاليف المالية لمعالجة المردود البيئي السالب لمشاريع التنمية والخدمات اضافة للاضرار الاخرى.
ختاما فإننا نوصي بالآتي:-
- ضرورة الاهتمام جيدا بدراسات المردود البيئي مع بدايات التخطيط لقيام اي مشروع او عمل استثماري ومراجعة القائمة منه حاليا.
- ضرورة اشراك المواطنين اصحاب المصلحة الحقيقية كمشارك اساسي في هذه المشاريع عامة ومسائل الموارد الطبيعية بصفة خاصة.
- اعادة النظر في الدراسات الفنية ودراسات الجدوى للمشاريع الانتاجية والخدمية لتشمل تكاليف جديدة ومنها معالجة الآثار البيئية الناتجة عنها.
- التكثيف الاعلامي للاهتمام بكل قضايا البيئة والمياه من مختلف المستويات.
ختاما نؤكد انه لا فائدة ترجى من مطالبات الغير بتوفير هذه الاستحقاقات ما لم نقدم نماذج مقنعة للجميع في صيانة الموارد الطبيعية التي تمثل الحياة لهذه الاجيال، وهي امانة عظيمة يجب المحافظة عليها للأجيال القادمة والتي نثق تماما في انها ستكون في وضع افضل حالا في التعامل مع كل الامور بصورة علمية ورؤية سليمة.
وفقنا الله جميعا لخدمة البلاد والعباد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق