تريد المدن حول العالم التحول إلى «مدن ذكية». لكن في مدينة سانتاندير الإسبانية، تحول ذلك الهدف إلى حقيقة. تساهم آلاف المجسّات في تنبيه السكان حول زحمة السير وتنظيم الري في منتزهات المدينة وتخفيف ضوء مصابيح إنارة الشوارع. «شبيغل» ألقت نظرة على المدينة هذه.
حددت المدن في جميع أنحاء العالم الهدف نفسه. تتقاسم أمستردام، برشلونة، برمنغهام، دبي، هلسينكي، سان دييغو، ستوكهولم، نانجينغ، فيينا، ويوكوهوما، طموحاً واحداً بالتحول إلى «مدن ذكية».
يبدو الهدف مثيراً للاهتمام. لكن حين يحاول مخططو المناطق الحضرية أن يشرحوا بشكل أدق كيف يخططون لتوجيه مدنهم نحو مستقبل رقمي، تبدو أجوبتهم أقل إقناعاً إذ يقترح كل واحد منهم خطة مختلفة. رغم تعدد الندوات التي تتطرق لهذا الموضوع، ما من إجماع حول كيفية تحقيق هذا الطموح.
الأمر الوحيد الذي توافق عليه جميع الأطراف واقع أن المدن «الذكية» ستستعمل المجسات والحواسيب والهواتف الذكية وستطبق أشكالاً جديدة لإدارة المدن وستطرح عمليات إدارية تتسم بشفافية أكثر من السابق. تقضي الفكرة المقترحة بأن تساعد التكنولوجيا الرقمية على تحسين العيش في المدن وسط بيئة نظيفة ومستدامة ومريحة. ويجب أن تعزز تلك التكنولوجيا الازدهار طبعاً.
وسط الارتباك السائد، أصبحت مدينة مرفئية قديمة على الساحل الأطلسي الإسباني في طليعة المدن التي تطمح إلى أن تصبح مدينة ذكية. رغم وضعها المالي الهش، أصبحت مدينة سانتاندير، منشأ البنك العظيم الذي يحمل الاسم نفسه، مدينة ذكية جداً.
تجربة المدينة الذكية
أعلن رئيس البلدية إينييغو ديلا سيرنا (42 عاماً) من الحزب الشعبي المحافظ بكل فخر: «هذا هو المستقبل. إنها الطريقة الوحيدة لتغيير الوضع. كل مدينة كبيرة ستضطر إلى القيام بالمثل في نهاية المطاف. الأمر ليس اختيارياً بل إلزامياً».
تكون مياه المحيط هائجة هنا في فصل الربيع. تصطف فنادق كبرى وكازينو فخم على طول الشاطئ حيث ينطلق راكبو الأمواج الذين يرتدون ملابس الغوص المصنوعة من مادة النيوبرين نحو الأمواج التي يبلغ طولها أمتاراً عدة. في إسبانيا، لطالما عُرفت مدينة سانتاندير بالفخامة منذ أن اختار الملك ألفونسو الثالث عشر هذه المدينة ليقيم فيها خلال الصيف قبل 100 سنة تقريباً.
لكن في الفترة الأخيرة، يتوافد الزوار الفضوليون إلى المدينة لسبب آخر. يأتي البعض باسم مؤسسات كبرى مثل «غوغل» أو «مايكروسوفت» أو «أي بي أم». حضر أخيراً وفد من اليابان وآخر من ووشي الصينية، وهي مدينة تشمل بضعة ملايين نسمة. يعتبر جميع هؤلاء الزوار سانتاندير مختبراً حياً للتجارب لأن هذه البلدة التي تضم حوالى 180 ألف نسمة ليست كبيرة ولا صغيرة، ما يجعلها مناسبة لاختبار تجربة المدينة الذكية.
لويس مونيوز (48 عاماً) أستاذ تكنولوجيا المعلومات في جامعة كانتابريا. تلقى حوالى 9 ملايين يورو (11،7 مليون دولار) لإجراء الأبحاث (كان الاتحاد الأوروبي مصدر معظم تلك المبالغ) لأجل تطوير نموذج عن المدن الذكية. عمد مونيوز إلى تركيب 10 آلاف مجس دائم حول وسط مدينة سانتاندير، في منطقة تمتد على مساحة 6 كيلومترات مربعة. تختبئ المجسات داخل صناديق رمادية صغيرة تكون متّصلة بمصابيح إنارة الشوارع والأعمدة وجدران البناء. حتى إن بعضها دُفن تحت الأسفلت في مواقف السيارات.
مجسات ناشطة
تقيس المجسات يومياً كل ما يمكن قياسه تقريباً: الضوء، الضغط، الحرارة، الرطوبة، وحتى حركة السيارات والناس.
كل بضع دقائق، تنقل بياناتها إلى مختبر مونيوز في الجامعة، وهو الموقع الرئيس الذي يجمع فيض البيانات من أنحاء المدينة. تنقل كل حافلة منفردة موقعها وسرعتها والمسافة التي تقطعها والبيانات من بيئتها، مثل مستويات تلوث الأوزون أو أكسيد النيتريك. تقوم سيارات الأجرة وسيارات الشرطة بالمثل. حتى الناس في سانتاندير يمكن أن يتحولوا إلى مجسات بشرية إذا أرادوا ذلك. كل ما يحتاجون إليه تنزيل تطبيق خاص لإضافة «برنامج تحديد المواقع العالمي» (GPS) إلى هواتفهم الخلوية.
يجمع حاسوب مركزي البيانات ضمن صورة كبيرة واحدة يتم تحديثها بشكل دائم. سانتاندير مدينة رقمية ويتم تسجيل كل شيء في هذا المكان. يعرف النظام مواقع زحمة السير بدقة والمناطق التي يكون فيها الهواء سيئاً. تشير خرائط الضجة والأوزون إلى أجزاء المدينة حيث تتجاوز الانبعاثات الحدود التي رسمها الاتحاد الأوروبي. قد تصبح الأمور مثيرة للاهتمام حين يتم إغلاق شارع رئيس بسبب حادث سير. يمكن أن يراقب مونيوز مباشرةً كيف يؤثر ذلك الحدث على حركة المرور في بقية مناطق المدينة.
في الماضي، كان رئيس البلدية ديلا سيرنا يرسل دوريات ليلية للتحقق من مصابيح إنارة الشوارع التي كانت معطّلة. اليوم، يُبلغ حاسوب مونيوز المدينة بالأماكن التي تحتاج إلى مصابيح جديدة. يمكن أن تعدّل اللمبات بريقها عند الحاجة وأن تخفت في حال غياب الناس من الشوارع، ويمكن أن تبث ضوءاً خافتاً في الجو الصافي وضوءاً أقوى في الليالي الماطرة.
في حديقة «لاس لاماس» أيضاً، ستساعد المجسات قريباً على تحسين مستوى الري في المنتزه لضمان عدم إهدار أي كمية مياه. وسيتمكن جامعو النفايات في نهاية المطاف من تجنب القيام برحلات غير مجدية لأن المجسات ستُبلغهم مسبقاً بموقع حاويات النفايات التي يجب تفريغها.
وصول إلى المعلومات
تساهم التدابير كلها في توفير بعض الأموال ولكنها لا تجعل المدينة ذكية بمعنى الكلمة، فالمدينة الذكية الحقيقية تسمح لأكبر عدد ممكن من السكان بالوصول إلى هذه المعلومات وغيرها بكل سهولة. يفخر رئيس البلدية ديلا سيرنا بتطبيق «نبض المدينة» الجديد على جهاز «آيفون» الخاص به كونه يربط سكان سانتاندير بالبيانات المتعلقة بمدينتهم.
على سبيل المثال، إذا كان أحد ينتظر في محطة للحافلات ويريد أن يعرف موعد وصول الحافلة التالية، يكفي أن يحمّل تطبيقاً على الهاتف الذكي وأن يوجه الهاتف نحو محطة الحافلات. سيعرض الهاتف فوراً جميع خطوط الحافلات التي تعمل في تلك المحطة فضلاً عن مواعيد الوصول. ويكفي توجيه الهاتف نحو قاعة الحفلات في المدينة لعرض برنامج الحفلات خلال الأيام والأسابيع المقبلة. يعلم السائح الذي يحمل هاتفاً ذكياً ويوجهه نحو نافورة في وسط المدينة تاريخ بناء النافورة وهوية من بناها. وإذا فتح التطبيق بالقرب من سوبرماركت، سيحصل على معلومات عن العروض الخاصة المتوافرة راهناً.
في الماضي، شعر السكان بالغضب بسبب انتشار الحفر في شوارع سانتاندير فكانوا يتصلون بمجلس المدينة أو يكتبون له رسالة. اليوم، يكفي أن يفتحوا تطبيق «نبض المدينة» ويلتقطوا صورة للحفرة، ثم يكفي النقر على كبسة إضافية لإرسال التقرير الرقمي عن الضرر، مع بيانات كاملة من «نظام تحديد المواقع العالمي»، إلى دار البلدية مباشرةً.
في هذه المرحلة، يُعيد الحاسوب إرسال المعلومات إلى المسؤولين عن الجانب التقني لإصلاح المشكلة والأشخاص الذين يتحمّلون مسؤولية سياسية عن المشكلة (إنها مقاربة مزدوجة وتعزز على ما يبدو فاعلية النظام). تُنشَر جميع البيانات علناً، لكن يبقى الشخص الذي أرسل الشكوى مجهول الهوية. يمكن أن يستعمل سكان المدينة ووسائل الإعلام المحلية ذلك التطبيق أيضاً لمتابعة الوقت اللازم لإصلاح الضرر. تحاول المدينة طبعاً التحرك بأسرع وقت ممكن.
استعمل سكان سانتاندير التطبيق للإبلاغ عن أكثر من 500 مشكلة منذ إطلاق تطبيق «نبض المدينة» قبل خمسة أشهر تقريباً. يقول ديلا سيرنا: «تزداد ثقة الناس بهذه التكنولوجيا». في المقابل، قد يبدو توجيه رسالة إلكترونية إلى دار بلدية في ألمانيا أشبه بوضع رسالة في زجاجة وإرسالها في البحر.
جعل البيانات علنية
في المرحلة المقبلة، يريد رئيس البلدية ديلا سيرنا الكشف عن أسرار المدينة. ستصبح مختلف أنواع المعلومات التي كانت سرية أو يصعب الوصول إليها علنية الآن، بما في ذلك البيانات الإحصائية حول التغييرات الديمغرافية وأسعار العقارات. كذلك يريد رئيس البلدية ابتكار مقابل رقمي لساحة البلدة. سيكون تطبيق «أفكار للجميع» (يشبه موقع فيسبوك ولكنه خاص بسكان المدينة) كفيلاً بربط المدينة بسكانها. يوضح ديلا سيرنا: «نريد إقامة علاقة جديدة مبنية على التعاون بين الناس ومجلس المدينة».
يأمل رئيس البلدية أن يُلهم تدفق البيانات بهذا الشكل المبرمجين ويحثهم على إنشاء تطبيقات إضافية لجعل سانتاندير أكثر ذكاءً. حتى الآن، لم يرفض أحد المشروع ولم تقع أيٌّ من مجسات مونيوز ضحية أعمال التخريب. كان سائقو الأجرة يخشون في البداية أن ترغب المدينة في استعمال تلك المجسات لتنفيذ عمليات مراقبة دائمة للمدينة، لكن يقول ديلا سيرنا إن تلك المخاوف تحولت منذ فترة إلى مشاعر فخر إزاء المشاركة في هذا المشروع المعاصر، لا سيما في ظل هذه الحقبة الاقتصادية الصعبة.
بدأت تلك الروح الرائدة تعطي ثمارها على ما يبدو. قررت شركة «فيروفيال» الإسبانية المتعددة الجنسيات (صاحبة مطار هيثرو في لندن وممتلكات أخرى) الاستثمار في سانتاندير وهي ستبني مركز أبحاث عن المدن الذكية هناك.
حددت المدن في جميع أنحاء العالم الهدف نفسه. تتقاسم أمستردام، برشلونة، برمنغهام، دبي، هلسينكي، سان دييغو، ستوكهولم، نانجينغ، فيينا، ويوكوهوما، طموحاً واحداً بالتحول إلى «مدن ذكية».
يبدو الهدف مثيراً للاهتمام. لكن حين يحاول مخططو المناطق الحضرية أن يشرحوا بشكل أدق كيف يخططون لتوجيه مدنهم نحو مستقبل رقمي، تبدو أجوبتهم أقل إقناعاً إذ يقترح كل واحد منهم خطة مختلفة. رغم تعدد الندوات التي تتطرق لهذا الموضوع، ما من إجماع حول كيفية تحقيق هذا الطموح.
الأمر الوحيد الذي توافق عليه جميع الأطراف واقع أن المدن «الذكية» ستستعمل المجسات والحواسيب والهواتف الذكية وستطبق أشكالاً جديدة لإدارة المدن وستطرح عمليات إدارية تتسم بشفافية أكثر من السابق. تقضي الفكرة المقترحة بأن تساعد التكنولوجيا الرقمية على تحسين العيش في المدن وسط بيئة نظيفة ومستدامة ومريحة. ويجب أن تعزز تلك التكنولوجيا الازدهار طبعاً.
وسط الارتباك السائد، أصبحت مدينة مرفئية قديمة على الساحل الأطلسي الإسباني في طليعة المدن التي تطمح إلى أن تصبح مدينة ذكية. رغم وضعها المالي الهش، أصبحت مدينة سانتاندير، منشأ البنك العظيم الذي يحمل الاسم نفسه، مدينة ذكية جداً.
تجربة المدينة الذكية
أعلن رئيس البلدية إينييغو ديلا سيرنا (42 عاماً) من الحزب الشعبي المحافظ بكل فخر: «هذا هو المستقبل. إنها الطريقة الوحيدة لتغيير الوضع. كل مدينة كبيرة ستضطر إلى القيام بالمثل في نهاية المطاف. الأمر ليس اختيارياً بل إلزامياً».
تكون مياه المحيط هائجة هنا في فصل الربيع. تصطف فنادق كبرى وكازينو فخم على طول الشاطئ حيث ينطلق راكبو الأمواج الذين يرتدون ملابس الغوص المصنوعة من مادة النيوبرين نحو الأمواج التي يبلغ طولها أمتاراً عدة. في إسبانيا، لطالما عُرفت مدينة سانتاندير بالفخامة منذ أن اختار الملك ألفونسو الثالث عشر هذه المدينة ليقيم فيها خلال الصيف قبل 100 سنة تقريباً.
لكن في الفترة الأخيرة، يتوافد الزوار الفضوليون إلى المدينة لسبب آخر. يأتي البعض باسم مؤسسات كبرى مثل «غوغل» أو «مايكروسوفت» أو «أي بي أم». حضر أخيراً وفد من اليابان وآخر من ووشي الصينية، وهي مدينة تشمل بضعة ملايين نسمة. يعتبر جميع هؤلاء الزوار سانتاندير مختبراً حياً للتجارب لأن هذه البلدة التي تضم حوالى 180 ألف نسمة ليست كبيرة ولا صغيرة، ما يجعلها مناسبة لاختبار تجربة المدينة الذكية.
لويس مونيوز (48 عاماً) أستاذ تكنولوجيا المعلومات في جامعة كانتابريا. تلقى حوالى 9 ملايين يورو (11،7 مليون دولار) لإجراء الأبحاث (كان الاتحاد الأوروبي مصدر معظم تلك المبالغ) لأجل تطوير نموذج عن المدن الذكية. عمد مونيوز إلى تركيب 10 آلاف مجس دائم حول وسط مدينة سانتاندير، في منطقة تمتد على مساحة 6 كيلومترات مربعة. تختبئ المجسات داخل صناديق رمادية صغيرة تكون متّصلة بمصابيح إنارة الشوارع والأعمدة وجدران البناء. حتى إن بعضها دُفن تحت الأسفلت في مواقف السيارات.
مجسات ناشطة
تقيس المجسات يومياً كل ما يمكن قياسه تقريباً: الضوء، الضغط، الحرارة، الرطوبة، وحتى حركة السيارات والناس.
كل بضع دقائق، تنقل بياناتها إلى مختبر مونيوز في الجامعة، وهو الموقع الرئيس الذي يجمع فيض البيانات من أنحاء المدينة. تنقل كل حافلة منفردة موقعها وسرعتها والمسافة التي تقطعها والبيانات من بيئتها، مثل مستويات تلوث الأوزون أو أكسيد النيتريك. تقوم سيارات الأجرة وسيارات الشرطة بالمثل. حتى الناس في سانتاندير يمكن أن يتحولوا إلى مجسات بشرية إذا أرادوا ذلك. كل ما يحتاجون إليه تنزيل تطبيق خاص لإضافة «برنامج تحديد المواقع العالمي» (GPS) إلى هواتفهم الخلوية.
يجمع حاسوب مركزي البيانات ضمن صورة كبيرة واحدة يتم تحديثها بشكل دائم. سانتاندير مدينة رقمية ويتم تسجيل كل شيء في هذا المكان. يعرف النظام مواقع زحمة السير بدقة والمناطق التي يكون فيها الهواء سيئاً. تشير خرائط الضجة والأوزون إلى أجزاء المدينة حيث تتجاوز الانبعاثات الحدود التي رسمها الاتحاد الأوروبي. قد تصبح الأمور مثيرة للاهتمام حين يتم إغلاق شارع رئيس بسبب حادث سير. يمكن أن يراقب مونيوز مباشرةً كيف يؤثر ذلك الحدث على حركة المرور في بقية مناطق المدينة.
في الماضي، كان رئيس البلدية ديلا سيرنا يرسل دوريات ليلية للتحقق من مصابيح إنارة الشوارع التي كانت معطّلة. اليوم، يُبلغ حاسوب مونيوز المدينة بالأماكن التي تحتاج إلى مصابيح جديدة. يمكن أن تعدّل اللمبات بريقها عند الحاجة وأن تخفت في حال غياب الناس من الشوارع، ويمكن أن تبث ضوءاً خافتاً في الجو الصافي وضوءاً أقوى في الليالي الماطرة.
في حديقة «لاس لاماس» أيضاً، ستساعد المجسات قريباً على تحسين مستوى الري في المنتزه لضمان عدم إهدار أي كمية مياه. وسيتمكن جامعو النفايات في نهاية المطاف من تجنب القيام برحلات غير مجدية لأن المجسات ستُبلغهم مسبقاً بموقع حاويات النفايات التي يجب تفريغها.
وصول إلى المعلومات
تساهم التدابير كلها في توفير بعض الأموال ولكنها لا تجعل المدينة ذكية بمعنى الكلمة، فالمدينة الذكية الحقيقية تسمح لأكبر عدد ممكن من السكان بالوصول إلى هذه المعلومات وغيرها بكل سهولة. يفخر رئيس البلدية ديلا سيرنا بتطبيق «نبض المدينة» الجديد على جهاز «آيفون» الخاص به كونه يربط سكان سانتاندير بالبيانات المتعلقة بمدينتهم.
على سبيل المثال، إذا كان أحد ينتظر في محطة للحافلات ويريد أن يعرف موعد وصول الحافلة التالية، يكفي أن يحمّل تطبيقاً على الهاتف الذكي وأن يوجه الهاتف نحو محطة الحافلات. سيعرض الهاتف فوراً جميع خطوط الحافلات التي تعمل في تلك المحطة فضلاً عن مواعيد الوصول. ويكفي توجيه الهاتف نحو قاعة الحفلات في المدينة لعرض برنامج الحفلات خلال الأيام والأسابيع المقبلة. يعلم السائح الذي يحمل هاتفاً ذكياً ويوجهه نحو نافورة في وسط المدينة تاريخ بناء النافورة وهوية من بناها. وإذا فتح التطبيق بالقرب من سوبرماركت، سيحصل على معلومات عن العروض الخاصة المتوافرة راهناً.
في الماضي، شعر السكان بالغضب بسبب انتشار الحفر في شوارع سانتاندير فكانوا يتصلون بمجلس المدينة أو يكتبون له رسالة. اليوم، يكفي أن يفتحوا تطبيق «نبض المدينة» ويلتقطوا صورة للحفرة، ثم يكفي النقر على كبسة إضافية لإرسال التقرير الرقمي عن الضرر، مع بيانات كاملة من «نظام تحديد المواقع العالمي»، إلى دار البلدية مباشرةً.
في هذه المرحلة، يُعيد الحاسوب إرسال المعلومات إلى المسؤولين عن الجانب التقني لإصلاح المشكلة والأشخاص الذين يتحمّلون مسؤولية سياسية عن المشكلة (إنها مقاربة مزدوجة وتعزز على ما يبدو فاعلية النظام). تُنشَر جميع البيانات علناً، لكن يبقى الشخص الذي أرسل الشكوى مجهول الهوية. يمكن أن يستعمل سكان المدينة ووسائل الإعلام المحلية ذلك التطبيق أيضاً لمتابعة الوقت اللازم لإصلاح الضرر. تحاول المدينة طبعاً التحرك بأسرع وقت ممكن.
استعمل سكان سانتاندير التطبيق للإبلاغ عن أكثر من 500 مشكلة منذ إطلاق تطبيق «نبض المدينة» قبل خمسة أشهر تقريباً. يقول ديلا سيرنا: «تزداد ثقة الناس بهذه التكنولوجيا». في المقابل، قد يبدو توجيه رسالة إلكترونية إلى دار بلدية في ألمانيا أشبه بوضع رسالة في زجاجة وإرسالها في البحر.
جعل البيانات علنية
في المرحلة المقبلة، يريد رئيس البلدية ديلا سيرنا الكشف عن أسرار المدينة. ستصبح مختلف أنواع المعلومات التي كانت سرية أو يصعب الوصول إليها علنية الآن، بما في ذلك البيانات الإحصائية حول التغييرات الديمغرافية وأسعار العقارات. كذلك يريد رئيس البلدية ابتكار مقابل رقمي لساحة البلدة. سيكون تطبيق «أفكار للجميع» (يشبه موقع فيسبوك ولكنه خاص بسكان المدينة) كفيلاً بربط المدينة بسكانها. يوضح ديلا سيرنا: «نريد إقامة علاقة جديدة مبنية على التعاون بين الناس ومجلس المدينة».
يأمل رئيس البلدية أن يُلهم تدفق البيانات بهذا الشكل المبرمجين ويحثهم على إنشاء تطبيقات إضافية لجعل سانتاندير أكثر ذكاءً. حتى الآن، لم يرفض أحد المشروع ولم تقع أيٌّ من مجسات مونيوز ضحية أعمال التخريب. كان سائقو الأجرة يخشون في البداية أن ترغب المدينة في استعمال تلك المجسات لتنفيذ عمليات مراقبة دائمة للمدينة، لكن يقول ديلا سيرنا إن تلك المخاوف تحولت منذ فترة إلى مشاعر فخر إزاء المشاركة في هذا المشروع المعاصر، لا سيما في ظل هذه الحقبة الاقتصادية الصعبة.
بدأت تلك الروح الرائدة تعطي ثمارها على ما يبدو. قررت شركة «فيروفيال» الإسبانية المتعددة الجنسيات (صاحبة مطار هيثرو في لندن وممتلكات أخرى) الاستثمار في سانتاندير وهي ستبني مركز أبحاث عن المدن الذكية هناك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق