حالة من الغضب عمت كل أصحاب المحال التجارية بشارع على عبد اللطيف فى العام 2003، وتبعتها احتجاجات حتى وصلت صفحات الصحف السودانية عندما أصدرت السلطات قراراً بإغلاق الشارع المؤدي للسفارة الأمريكية قبل أن تنتقل إلى مقرها الحالي بسوبا. وقامت الدنيا ولكنها قعدت فى نهاية الأمر ليمضي قرار الإغلاق ويتم تنفيذه رغم أنف المحتجين والرافضين له.
القرار وصف فى وقته أن الحكومة تنازلت عن مسألة سيادية باستجابتها لهذا الطلب الأمريكي، وأمس الأول أثار قرار استئجار الفلل الرئاسية بمنطقة بري ردود فعل كثيرة، فالفلل التى تم انشاؤها لاستقبال الرؤساء الأفارقة إبان القمة الإفريقية التي عقدت في الخرطوم في عام 2006م، تم بيعها بعد عام من قبل وزارة المالية التى وقعت على عقد بيع الفلل الرئاسية بمبلغ قدره «50» مليون دولار لصالح صندوق أبوظبي للتنمية، وشركة المصير الدولية، والآن تم توقيع عقد إيجار بين وزارة الخارجية الأمريكية وصندوق أبوظبي للتنمية وشركة المصير الدولية لمدة «10» سنوات مقابل «30» مليون دولار بواقع «3» ملايين دولار في العام، يذكر أن الفلل استؤجرت لصالح إسكان عامليها والعابرين من البعثات الدبلوماسية الأمريكية بدول جوار السودان. تساؤلات شتى وردود فعل متباينة حول هذه الخطوة التى أعادت إلى الأذهان قرار إغلاق شارع على عبد اللطيف، وذلك استجابة لطلب السفارة لدواعي أمنية تخص السفارة، اذاً، بما أن هذه الفلل ستكون مقراً دائماً ولمدة عشرة أعوام لكل المنسوبين من البعثات الأمريكية فسيستوجب هذا، المزيد من الحماية الأمنية لتلك المنطقة التى تمتد على شارع النيل، وبه عدد كبير من المرافق والمحال التجارية، فضلاً عن أنه يمثل أحد الطرق التى تسهل سير المواصلات المؤدية إلى مناطق بري والحاج يوسف وكل مناطق شرق النيل، فهل سيتم إغلاق هذا الشارع بغرض تأمين وحماية هذه البعثات، بغض النظر عن الأثر السلبي الذى سيخلقه، إلا أن قرار إيجار هذه الفلل وصف بالخاطئ والمتسرع، وذلك بحسب الخبير الإستراتيجى عباس إبراهيم الذى قال لـ«الإنتباهة» إن قرار البيع الأول من الأخطاء التى وقعت فيها الحكومة لأنها ستفتح المجال لخلق إشكاليات بسبب استحواذهم على منطقة كاملة ستكون تحت سيطرتهم، والتى أشبه بدولة داخل دولة. بالتالي ستأتي بأية جهات ترغب فيها سواء إسرائيلية أو غيرها، التي من شأنها أن تؤثر على أمن البلاد، وذهب إبراهيم إلى أن هذه الخطوة ستؤثر مستقبلاً، فهذه الفلل كانت ستوفر الكثير من المال الذى ستدفعه السلطات عند قدوم أي وفود أجنبية، وبدل أن يستأجر لها فى أحد الفنادق ودفع مبالغ ضخمة حتى توفر هذه المبالغ. معظم هذه البعثات الأمريكية ستكون جهات استخباراتية يصعب التعرف على طبيعة مهامها، فهو واحد من القرارات التى بها تعجل واضح لم تدرس نتائجه المستقبلية.
وكما هو معلوم فإن أي مقر يتبع للسفارة الأمريكية بالتالي سيخضع لوضع خطط أمنية شديدة، فبعكس بقية البعثات الأجنبية الدبوماسية يظل أي مقر يخص دبوماسيين أمريكيين محط تحوطات أمنية تفادياً لأية احتجاجات شعبية تطالها، وذلك للعلاقة الواضحة بين الخرطوم وواشنطن التي كان آخرها الاحتجاجات التى جرت أخيراً تنديداً بالفيلم المسئ للرسول«صلى الله عليه وسلم»، وامتدت لتصل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بمنطقة سوبا، والتي لم تستطع حشود المواطنين المندفعة أن تصل حتى لأسوارها، وذلك للتعزيزات الأمنية التى أحاطت بها لتظل سفارة واشنطن بالخرطوم من أكبر واضخم السفارات بالسودان مساحة، ومن أكثر السفارات التي تحيط بها الأجهزة الأمنية. اذاً، فالفلل الـ«40» التي أصبحت ملكاً للبعثات الأمريكية لمدة عشرة أعوام وتشغل مساحة قدرها «60» ألف متر مربع بمساحة «615» متراً مربعاً لكل فيلا، على الضفة الغربية للنيل الأزرق بدأ العمل فى تأمينها منذ الأمس ووسط إجراءات أمنية مشددة استعداداً لاستقبال البعثات.
والصور التى التقطها مصور الصحيفة«بيجاوي» كانت على غفلة من حراس الأمن تظهر مدى التحوطات الأمنية التى ستخلق دولة داخل دولة كما ذهبت آراء كثيرة.