تحقيق: عوضية سليمان
قصدت (الإنتباهة) مدينة الفتح غرب شمال أم درمان التي يُطلق عليها سكانها (القرية والجخيص) لرصد معاناة المواطنين في ملف الأراضي، إذ عانيت أنا من الوصول إليها، شهدت توسعًا ملحوظًا وهي الفتح (1) والفتح (2)، وتحتضن أكثر من (200) مربع، وحُوِّل لها جميع السكن العشوائي في ولاية الخرطوم
قصدت (الإنتباهة) مدينة الفتح غرب شمال أم درمان التي يُطلق عليها سكانها (القرية والجخيص) لرصد معاناة المواطنين في ملف الأراضي، إذ عانيت أنا من الوصول إليها، شهدت توسعًا ملحوظًا وهي الفتح (1) والفتح (2)، وتحتضن أكثر من (200) مربع، وحُوِّل لها جميع السكن العشوائي في ولاية الخرطوم
، وجاءت تسمية الفتح من الرئيس ووعدهم بكل الخدمات، ومع ذلك تفتقر لكل الخدمات على جميع الأصعدة، ولكن أبرز قضياها التي تؤرق مواطنيها، توزيع ملف الأراضي السكنية، وهذا لغز يدور بين المحلية والموظفين ولجنة الأراضي، وهذا يأتي خصمًا على المواطنين الضعاف، وهذا ما جعل أكثر من (40) منزلاً مشيدة خطأ في مربع (67)، ولا يقف الأمر عند ذلك بل هنالك مرحّلو السلمة وسوبا اعتصموا بأطفالهم أمام مكتب الأراضي بالفتح مدة (17) يومًا في العراء ينتظرون وعود المدير التي اعتبروها كاذبة، وهذا ما جعل مدير الأراضي يقر بالخطأ وتعهَّد بالحل والتعويض، ولكن بعض المواطنين يناشدون جهة الاختصاص حسم هذا الملف، وأكد رئيس اللجنة الشعبية تهميش مكتب الأراضي لهم، لماذا لم يُحسم هذا الجدل والتلاعب منذ (9) سنوات، هل هذه حيل يرسمها موظفو المكتب والسماسرة والمهندسون عند التسليم، أم أن الإدارة غير قادرة على حل هذه المعضلة التي أصبحت هاجسًا للمواطنين والإعلام، وأين وزارة التخطيط العمراني وحكومة الوالي من هذا الجدل ولماذا لا يكون هنالك سجل والمواطن يدفع (25%) من المبلغ؟.
عليهم حال الجبال والأحجار
تجمهُر ومحاججات كلامية وعدم رضاء من مرحَّلي السلمة وسوبا أمام مكتب أراضي (الفتح)، هنالك سبع أُسر من النساء والرجال والأطفال وضعوا جميع مقتنياتهم وجعلوا ملابسهم ساترًا لهم من البرد والهواء، تأتيهم وجبة الأكل من البيوت المجاورة للمكتب، التقتهم (الإنتباهة) في الصباح الباكر، ونقلت غضبهم واستياءهم الذي شاهدت أسبابه على الطبيعة، حيث تم ترحيلهم من مقرهم العامر إلى مقر بين الجبال والأحجار، أحد المواطنين ومعه بطاقة منبر السلام العادل ــ أبرزها لـ (الإنتباهة) قال: أعطونا أراضي في مربعات بعيدة ولا توجد بها مواصلات ونحن موظفون ولدينا أعمال وأولادنا في الجامعات ومراحل متعددة كيف نسكن في أرض تفتقر لأبسط الخدمات؟ لذلك أتينا إلى المكتب مضربين.. (17) يومًَا نحن بهذه الطريقة وننتظر رد المكتب، وكل يوم نتلقى الوعود والانتظار، وتضررنا كثيرًا من الأمراض بسبب البرد، وهنالك إتلاف في الأساس وتعطَّلت مصالحنا وأعمالنا اليومية والآن ننتظر رحمة الله.
كيف الوصول؟
سألتُ عن الطريقة التي توصلني إلى مربع (67) بالفتح (2)، فدلوني على محطة صغيرة، انتظرتُ ولم يظهر كارو الحمار، ولكني وجدت شابًا وبجواره كارو منفصل عن الحمار، بما يعني أنه في فترة الراحة، قلت له: أود الذهاب إلى المربع المذكور، فرد بسخرية أمشي معاك مشوار، قلت له لماذا، قال الموقع بعيد، وبعد الاتفاق تحرَّكنا، وتحركت معه وقصدتُ أن أترحَّل بذلك لأحس بمعاناة المواطنين التي يعانونها من كل جانب، ليس هي الأراضي فقط، بل مشاهدات (الإنتباهة)، في هذه الرحلة الصغيرة كشفت لي المعاناة التي يصبر عليها مواطنو الفتح، عدم توفُّر المواصلات بين المربعات.. تجوال كارو المياه.. وهنالك بعض الأطفال يلهثون جريًا إلى البقالات التي تبعد عن المنازل.. مدارس من الكرنك.. عدم وفرة دورات مياه، والموجودة تحفها الأوساخ من كل جانب، إضافة إلى تردي البيئة الصحية في الأسواق وعدم الإنارة ن ولا توجد مراكز صحية بالمربعات، كانت كل هذه المشاهدات بفضل كارو الحمار ومساعدة صاحبها على التوضيح.
الكلمة السمحة جواز سفر
تنادي مريم أم بدة من سكان الفتح (2) سكنت من (2004) بعد ما تمت إزالتها من ميدان سوق ليبيا أبو زيد مربع (17) وهي من ضمن المواطنين الذين شيدوا منازلهم خطأ، في نمرة غير نمرتها.. التقتها (الإنتباهة) داخل منزلها، فقالت: تم تسليمي عن طريق المهندس وقتها شيدت راكوبة واستقررت إلى أن أصبح منزلي عامرًا بثلاث غرف ومظلات، وبعد تسع سنوات تفاجأت بأني مشيدة منزلي خطأ في نمرة جاري وهي (202) ونمرتي الحقيقية خالية وهي جواري من الناحية الشرقية، تحاججتُ مع اللجنة الشعبيَّة فكان الرد اذهبي إلى مكتب الأراضي وافحصي نمرتك، وأضافت: الشيء الذي يُعيقني هو الرقم الوطني والجنسية، فقالت ليس لي حل غير أن التقي بالشخص صاحب المنزل وأتفاهم معه في حديث طيب، لأن (الكلمة الحلوة جواز سفر)، وأعطيه نمرتي الخالية، لأن ظروفي صعبة لا تسمح لي بالتشييد مرة أخرى، وقالت: حمّلت المسؤولية مكتب الأراضي فهو الذي أعطاني خطأ، وكشفت مريم أن مدينة الفتح بها مشكلات كثيرة في الأراضي بسبب الموظفين الذين يتم تغييرهم كل مدة لذلك لم تحل مشكلات الأراضي بل زادت تعقيدًا، لكن عبر صحيفة (الإنتباهة) نناشد الجهات ذات الصلة أن تنظر إلى ملف الأراضي الذي تحتويه المشكلات من كل جانب وأصبح هاجسًا لحريم الفتح.
حكم القوي على الضعيف
(حكم القوي على الضعيف)، هذه العبارة أدلت بها الحاجَّة عائشة وهي من المرحَّلين من سوق أبوزيد، كبيرة في عمرها، كانت تجلس على الأرض وتنسج في البروش لبيعها، قالت: لا أعرف شيئًا عن الأرض ولا استلمتُ ولا حتى تعرف رقم النمرة، أولادي هم يعرفون الحاصل، هم الآن في كردفان في موسم عملهم، عرفوا أن منزلهم به مشكلة فقالوا إنهم بعد عودتهم سيواجهون المكتب، وقالت: الآن أنا خائفة أن تأتي عربة العساكر ويُزيلوا منزلي وأنا ماعندي قدرة، لكن حكم القوي على الضعيف، وأنا تعوَّدت على جيراني وهم يتفقدونني ومن الصعب أن أولف على جيران جدد، وصحتي لا تحتمل الترحال، والظروف أصبحت صعبة، ومنزلنا به كم أسرة، وأضافت: أخاف أن يشتبك أولادي مع عساكر الإزالة مثل كل مرَّة، وأضافت: لم نكن راضين عن مدينة الفتح ولكن ليس لدينا غيرها ومع ذلك يطاردنا مكتب الأراضي!!.
شهادة عريف
جاء اسمه على اسم (القرية) عصام القرية، وهو أحد العارفين بالنسبة للسكان وهو أول من سكن المربع في نفس الليلة لأن الجو كان باردًا وزوجته تحمل طفلها لم يتم سن الأربعين، جلست إليه (الإنتباهة) في ظل منزل على الشارع لأنه كان في عمله (تشييد المنازل) فقال: يوم (27/12/204) الاثنين الساعة الرابعة ظهرًا نزلنا على هذا المكان، وقتها كنا محملين على عربة لوري، استلمنا قطعنا ووضعنا عليها لافتة تحمل الاسم والنمرة، وأنا متأكد من ذلك، ولا أدري من أين أتوا بالتشييد الخطأ لـ (40) منزلاً في مربع واحد، وتساءل عصام: لماذا لا توجد متابعة من مكتب الأراضي بل يفلحون في الخراب بعد سكن (9)، سنوات.. المواطنون محتجون على ذلك وهذه مسؤولية المكتب، إذا تمت الإزالة يقوم بالتشييد بنفس الخرطة، وكشف عصام عن وجود ميادين لمعالجة قطع استثمارية أن يتم تعويض المتضررين والمستحقين وهم لهم الأولوية لأنهم أزالوهم من منازلهم من سوق أبو زيد، وقال: هنالك أسرة غير قادرة على التشييد والخراب من قبل عساكر مكتب الأراضي، وقال: كل المشكلات أتت بعد أن تم ترحيل مواطني السلمة وسوبا ملكوهم أراضي المواطنين القدامى، وقال: مدينة الفتح ليست هي بالمدينة المغرية ليحتشد بها السكان، لكن وعود الرئيس كانت هي المبشِّرة والآن السكان ينتظرون ذلك.
تحدي مواطن
فى ذات السياق قال أحد المواطنين ويُدعى برعي وهو من الذين تم ترحيلهم من السلمة، قال: سلَّمني مكتب الأراضي هذه النمرة ميدانيًا، وشيدت منزلي بعزيمة وأحسست بالاستقرار وأملي في الكهرباء والماء وبعد ذلك يظهر أحد المواطنين ويقول الأرض ملكه، وإني شيدتُ منزلي خطأ، في هذه اللحظة انتابني غضب شديد، قلتُ له لن لم أعطيك المنزل وسوف أتصدى لك، نحن لانشتكي بل نتحدى كل الجهات التي تعارضني في منزلي ونحن فاض بنا الكيل، وأضاف: إدارة الأراضي لم تحسم الملف من (9) سنوات ممكن تحمينا نحن الكم بيت، وختم حديثه عايز أستقر من دوامة الترحيل من مقر لآخر.
قبائل تهدِّد الأحياء
توجَّهت صوب منزل رئيس اللجنة الشعبية وعضو قطاع الاعتصام غرب بمدينة الفتح الأستاذ عثمان الطيب، فأكد أن هنالك نزعًا من قبل مكتب الأراضي غير معلن وتحديدًا مع مرحّلي سوبا وسوق أبو زيد ومرابيع الجريف، وقال: هنالك تسليم عشوائي، وهذا مما أفقد المواطنين أراضيهم، لأن التسليم تم ميدانيًا بعربة العساكر، وهنالك أكثر من (40) منزلاً بهذا المربع تم تشييدها خطأ، وهذا مما خلق فوضى وتوزيعًا عشوائيًا أكثر، ويوجد داخل المربع الواحد (6) مرابيع، وأضاف: هنالك تحيُّز في الأراضي من القبائل وهم (القيرياب) وهم أهل بعض فلا بد من الحل، خاطبنا وزير التخطيط العمراني والوالي ووضعنا له بعض الحلول منها فك الازدواجية بين المرابيع التي يرتبط بعضها ببعض وأن تكون هنالك استثنائية لمواطنين من أجل المدارس والسوق، وقال: رفعنا عدة تقارير لكن لم يأتِ رد، وأضاف: موظفو المكتب لم يعترفوا بنا كلجان شعبية مهمشين ومستبعدين ولم يعطونا خرطًا لمتابعة حل المشكلات، وكشف أن المهندسين هم سبب كل ذلك تُدفع لهم (50) جنيهًا لمعرفة الأرض من غير مرجعية للجان.
اعتراف المكتب
لحل هذه المعضلة توجهت (الإنتباهة) إلى مكتب مدير الأراضي (بالفتح) هاشم أحمد الريح، وقتها كان المدخل يعج بالمواطنين والكل لديه قضية ويحمل ملفه، توجهت إلى المدير فرد عليَّ اجلسي في الكرسي إلى أن يأتي دورك، قلت له ليس لديَّ قضية وعرَّفته بغرض الزيارة مصحوبة بأسئلة فرد قائلاً: نحن نعترف أن هنالك مشكلة في أراضي الفتح من إنشائها إلى الآن، والضلع الأكبر في أسبابها هو المحلية وموظفو المكتب السابقون، والآن نحن بصدد الحل، ورد قائلاًَ من الشيء الطبيعي أن تكون هنالك مشكلات في مدينة (الفتح) لأنها (200) حارة والفتح (1) و(2) تم فيها تحويل جميع السكن العشوائي في ولاية الخرطوم لتصبح مدينة سكنية وليست حيازية، لذلك في كل فترة يتم مسح الميادين الفارغة ويتم نزعها ويتم تسليمها إلى مرحّلي السكن العشوائي، ومن هنا تبدأ المشكلات والملاحقات إلى مكتب الأراضي، وفي هذه الحالة نرجع إلى الكمبيوتر فمن وُجد اسمه يصبح لديه استحقاق ويتم تعويضه في مكان آخر، وأضاف: هنالك حلول كثيرة يضعها المكتب، أما بالنسبة لسكان مربع (67) فالذين شيدوا منازلهم خطأ نجلس معهم على الأرض ويتم السكن مباشرة لحفظ الأرض من النزع، وكشف عن وجود أسماء مسجَّلة في دفاتر المحلية ولا توجد لديهم في المكتب وقال: هذا خطأ كبير، لذلك لا بد من الحلول ومعالجة أوضاع المواطنين المحوَّلين عشوائيًا ولايتم إبرام عقد إلا بعد التشييد.
مشكلة بمشكلة
مصدر مقرب من مكتب الفتح كشف لـ (الإنتباهة) أن هنالك اجتماعًا تم داخل مكتب الأراضي بالفتح، وبعد الاجتماع تمت الجولة على أراضي الفتح، وجمع الاجتماع محمد حسن أمين المجلس التشريعي ونائب الدائرة ضيف الله الطيب، وتساءل المصدر: لماذا لا يوجد سجل لمنطقة الفتح والمواطن يدفع (25%) من المبلغ والفتح بها (158) مربعًا؟ وقال: هنالك مشادّات بين المعتمد والوزير بسبب الترحيل العشوائي الذي لا توجد له أراضٍ فارغة، وقال: هنالك ازدواج ونزع في أراضي الفتح من زمن الكودة والمتعافي، والفتح تحتاج إلى(5) آلاف قطعة للمعالجة وإذا لم يحصل ذلك فسوف تكون هنالك كارثة على المكتب، وأضاف: لماذا يكون هنالك نزع من المواطنين ويتم تمليكه لمواطن آخر وتحل المشكلة بمشكلة أخرى، وقال: هنالك مناشير وزَّعها مواطنو الفتح على الشوارع والمحلات التجاريَّة يطالبون بالخدمات.. مكتب الفتح دخل في التوزيع إلى مزارع بالريف، الجنوبي وأصحاب المزارع معهم شهادات بحث.
الإنتباهة
الإنتباهة