تقع على عاتقهم مهام جسام في هيئة السكة الحديد مثل تغيير حركة القضبان وغيرها من المهام الصعبة التي تكشفت عبر رحلة لكاميرا الشروق عبر مايسمى بـ(الأتومبيل)، إنهم عمال الدريسة الذين ينتشرون على طول الخط الحديدي في السودان.
ويمتاز عمال الدريسة بالقوة البدنية ويتم تدريبهم على حمل الآليات الثقيلة، ويعملون دائماً تحت ظروف جوية بالغة الصعوبة والتعقيد.
يصفهم البعض بأنهم أبطال ملحمة تغيير الخطوط وصيانتها ورواد نهضة السودان ونمائه الحقيقي، وبهم تم مد جسور التواصل والانصهار والتلاقي مابين أهله في بوتقة واحدة، وفوق ذلك كله يرجع إليهم الفضل في إحياء جذوة النضال الوطني ضد المستعمر من أجل الاستقلال.
ويتكشف عالمهم أكثر ومهامهم وطبيعة عملهم وكيف وأين ومتى يؤدونها وتحت أي ظروف وماهي قيمتها من خلال الرحلة الشاقة على الخط الحديدي لكاميرا الشروق برفقة فريق متكامل ومتخصص وملم بتفاصيل كل ذلك من محطة عطبرة رئاسة السكة الحديد جنوبي ولاية نهر النيل.
مناطق خلوية
وعلى طول الخط الحديدي لاحظت الكاميرا عمال الدريسة المنتشرون في مناطق خلوية وأخرى داخل المحطات وخارجها، يعملون في جد وكد ومثابرة ويمارسون عملهم المعتاد في صيانة وتغيير الخط الحديدي في روح من الانضباط والمسؤولية والاحترام والانسجام عبر مجموعات للعمل يحكمها تنظيم متقن.
طبيعة العمل القاسية والمضنية بفعل المجهود الشاق والجبار أكسبت عمال الدريسة الصبر والتحمل وقوة الشكيمة وجعلتهم يتغلبون على قسوة الظروف بإرادة حديدية.
وفي فصل الخريف يعانون بشدة ويكونوا دائماً على استعداد ويكون العمل ممتداً من الصباح وحتى المساء.
وعمال الدريسة كما يرى البعض يشكلون استثناءاً بين رصيد القاعدة العمالية لما لهم من سمات مميزة ينفردون بها عن سواهم تسودهم روح الجماعة عند إنجاز عملهم عبر حركة جماعية متناغمة ومنسجمة تدوزنها (نداءات مجلجلة) تجعل بفعلها وسحرها المحال ممكناً وتبث فيهم الحماسة وتولد من أجسادهم كوامن مخفية لقوة البدن وعزيمة النفس.
تراث وحماس
وعندما يتسلل الفتور إلى الجسد يكون التراث متنفساً معتاداً لعمال الدريسة لتلتهب فيهم الحماسة مجدداً وينهضون إلى عملهم بهمة لاتعرف الكسل والخمول.
وتنقلت الكاميرا عبر (الأتومبيل) من محطة إلى أخرى ومن جماعة إلى أخرى، فشاهدت الكثير من الصور التي تموج بحركة العمل وتتردد في الأذن وهي مفردات ذات رنين وصدى مدوٍ مثل (الفلنكات)، (البلنجات)، (التغليط)، (الترصيص).
ويبدو أن عمليات التأهيل للسكة الحديد قد جعلت من نشاط عمال الدريسة نشاطاً كبيراً ومقدراً وأصبح من المعتاد رؤية (الترولّي) اليدوي يجوب الصحاري والوديان وعليه مجموعة العمال في برامج رحلاتهم على طول الخط الحديدي.
وتجئ كافة شهادات المعاصرين من أهل السكة الحديد ناطقة ودالّة على كل معاني التضحية والنضال رغم قساوة الطقس أحياناً وضيق العيش أحيان أخرى.
تقرير توثيقي من قناة الشروق: