تخلو محطات المواصلات الرئيسة بالعاصمة الخرطوم في أول ساعات المساء من الحافلات تاركة المئات بانتظار وسيلة نقل للعودة لمنازلهم بعد يوم عمل طويل، ويعزو مشغلو الحافلات الأزمة لتراجع قيمة العملة السودانية (الجنيه) وتفاقم معدل التضخم مما سبب ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات.
وتعد أزمة المواصلات أحدث مؤشر على تراجع الاقتصاد، والذي تقول مجموعة الأزمات الدولية إنه "على حافة الانهيار" بعدما فقدت البلاد أغلب عائدات إنتاج النفط عقب انفصال دولة جنوب السودان العام الماضي.
وتقول حنان جادين الموظفة بشركة بوسط الخرطوم إن "المجيء بالحافلة إلى وسط الخرطوم منذ أغسطس/آب الماضي أصبح يشبه النضال".
وأضافت حنان أن الرحلة بين منزلها ومكان عملها كانت تستغرق عادة نصف ساعة، والآن عليها "الانتظار بمحطة المواصلات ما بين ساعة ونصف الساعة إلى ساعتين حتى أجد وسيلة تقلني، وإجمالا احتاج لحوالي أربع ساعات حتى أذهب لمكان عملي وأعود منه، مع العلم أنه لدي أسرة تجب علي رعايتها".
وتؤكد أميرة أحمد (طالبة بإحدى الجامعات) تأزم وضع النقل بالعاصمة، قائلة "الأوضاع زادت سوءا خلال الأشهر القليلة الماضية، مما جعلني عاجزة عن مراجعة دروسي بعد العودة للمنزل" وأضافت "أقضي وقتا طويلا في محطة المواصلات".
بانتظار معجزة
وقالت صحيفة "سودان فيجن" الصادرة بالإنجليزية والقريبة من الحكومة بافتتاحيتها أول أمس "ينتظر مواطنو الخرطوم حدوث معجزة قدوم حافلة تعيدهم لمنازلهم" وأضافت أن العديد من المواطنين يضطر للعودة سيرا.
وحثت الصحيفة الحكومة على التحرك لاحتواء غضب الناس "قبل أن يفوت الأوان" وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إن والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر لديه ثماني خطوات لحل الأزمة دون أن تكشف عن تفاصيلها.
وقال حسن عمر، وهو موظف يستخدم المواصلات العامة، إن وضع المواصلات يزداد سوءا يوما بعد يوم.
ويعزو سائقو المركبات الأزمة لارتفاع أسعار قطع الغيار التي زادت من جراء ضعف قيمة الجنيه مقابل الدولار الأميركي، ويوضح عبد الحليم محمد وهو سائق حافلة "عندما تذهب العربة للصيانة فإنها لا تعود للخدمة لأن صاحبها لا يستطيع دفع قيمة قطع الغيار".
من جهة أخرى يقول عبد الواحد عمر سائق حافلة "العربات قديمة وتحتاج لصيانة باستمرار، ولكن أسعار قطع الغيار تزداد يوما بعد يوم، ويقول التجار إن ذلك بسبب ارتفاع قيمة الدولار، كما أن قطع الغيار الموجودة الآن في السوق ليست أصلية".
قطع الغيار
وقالت نقابة مالكي الحافلات الصغيرة والكبيرة -التي تمثل القطاع الخاص- إن عددا من ملاك الحافلات اختاروا توقيفها عن العمل بدلا من أن يدفعوا قيمة قطع الغيار التي زادت بنسبة 100% مقارنة بالعام الماضي.
وقد زادت أسعار قطع السيارات والسلع الأخرى التي يستوردها السودان منذ أن فقدت البلاد أكبر مصدر للعملات الأجنبية بانفصال الجنوب، ووفقا لتقارير حكومية فإن معدل التضخم بلغ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 46%، وتراجعت قيمة العملة المحلية لتبلغ 6.75 جنيهات للدولار مقابل أربع جنيهات قبل عام.
ويقول اقتصادي دولي -طلب عدم الكشف عنه- إن عجز الميزانية السودانية بلغ عشرة مليارات جنيه(2.2 مليار دولار) مضيفا أن السلطات تواصل طباعة النقود رغم أن التضخم بأعلى مستوياته منذ 15 عاما.