الصحافة
رصد: هويدا المكي ــ هند رمضان :
أعلن وزير الطرق والنقل والجسور الدكتور أحمد بابكر نهار، أنه سيتنحى عن منصبه حال عدم اكمال طريق الانقاذ الغربي، وقال إن عدم ضخ الدفعيات المستحقة للشركات العاملة في الطريق، أسهم في تأخر وتوقف العمل في القطاعات بنسبة تتراوح بين «65 ــ70%»، بينما جاء التأخير الناجم عن الدواعي الأمنية بين «10 ــ 15%».
وتعهد الوزير في حديثه بمنبر «الصحافة» الدوري أمس الاول الذي خصص لمناقشة سير العمل بالطريق بمشاركة نواب من دارفور وشركات ومقاولين، بكشف كل الحقائق حول الطريق وتمليكها للاعلام والشعب «وما حنخليها مستورة لأنه ليس هناك ما نخفيه، وحا نخليها مكشوفة وليس مستورة».
وأكد الوزير ان الطريق الذي يبلغ طوله «984» كيلومتراً، يضم خمسة قطاعات وتعمل بها «5» شركات، وهي قطاع النهود ــ ام كدادة بطول 221 كيلومترا، ام كدادة ــ الفاشر بطول 168 كيلومترا، الفاشر ــ نيالا بطول 205 كيلومترات، نيالا ــ كاس بطول 215 كيلومتراً، وقطاع زالنجي ــ الجنينة بطول 175 كيلومتراً، موضحاً ان نسبة الانجاز في تلك القطاعات بلغت 57% .52%، 15%، 3%، و75% على التوالي، وقال ان تنفيذ الطريق لا تنقصه الارادة السياسية، مشيراً الى ان رئيس الجمهورية ونائبيه يوليان الطريق اهتماماً خاصاً، لكنه شكا مما وصفه بعدم وجود الارادة الحقيقية في توفير المال والدفعيات الخاصة للشركات، مؤكداً ان المشكلة الامنية تستحوذ على اقل من 15% من البطء الذي يلازم انفاذ الطريق، بينما تستحوذ قلة المال وشحه على نحو 75% من ذلك.
وفي الحلقة الاولى من تغطيتها جاء تركيز «الصحافة» على حديث الوزير باعتباره المتحدث الرئيس، وفي هذه الحلقة وهي الثانية والأخيرة نقف على حديث وافادات قيادات الوزارة ثم استفسارات المشاركين لننتهي بتعقيب السيد الوزير.
الخبير القانونى الطيب السمانى الشيخ قال إنه أحد افراد لجنة التحقيق التى كونت لطريق الانقاذ الغربى، وتحدث عن الجانب القانونى بالنسبة للعقود، مبيناً ان الطريق شيد بموجب اربعة عقود اولها في عام 2000م وفيه تم انجاز 41 كيلومتراً والثاني في عام 2001م تم تنفيذ 50 كيلومتراً، لكن الخلل الذى حدث كان فى العقد الثالث فى الفترة من عام 2003 ـ 2005م، واشار القانوني الطيب السماني الى ان المشكلة الحقيقية تتمثل في وزارة المالية التي منحت بعض الشركات المنفذة اعفاءً لمدة عام، غير ان تلك الاذونات والاعفاءات لم تربط بتنفيذ العمل مما ادي لبرز الخلل. واضاف السماني أن آليات الشركة ومعداتها كانت موجودة بالمواقع برغم استعار الحرب، فقد كان العمل مستمراً وملموساً لأن السداد كان مستمراً، وكشف السماني أن القوانين الدولية واللوائح المالية تؤكد قانونية تعديل العقد لكى يتماشى مع القانون لكنه استمر الى عام 2009م، وفى عام 2010م برز العقد الرابع وهو مستمر الى اليوم، ومن المفترض ان ينتهى فى عام 2013م لكن مازالت نسبة التنفيذ ضعيفة.
ممثل اتحاد المقاولين المهندس محمد عبد الرحمن قال لا يوجد أي مبرر حتى يبقي طريق الانقاذ الغربى معلقا لأكثر من عقدين من الزمان، وقال عبد الرحمن ان صناعة الطرق صناعة مكلفة للغاية ليس بالمال فقط وانما بالجهد الادارى، خاصة ان هذه الادارة هي المكون الاكبر لصناعة التشييد التى تمثل اكبر القطاعات الاقتصادية اسهاماً في الحراك الاقتصادي، كما اسهم القطاع في امتصاص الهزة الاجتماعية التي اعقبت تبني الحكومة سياسة التحرير، فبات قطاع البناء والتشييد الملجأ للآلاف.
وقال ممثل اتحاد المقاولين السودانيين المهندس محمد عبد الرحمن ان الدول التى انتقلت من مربع الفقر الي الرفاهية والاستقرار الاجتماعي، قامت من خلال استراتيجياتها وتخطيطها على اقامة شبكات الطرق فمنحتها اهتماماً متعاظماً لما تمثله صناعة الطرق والتشييد من اعادة توزيع الدخول والنهضة، كما تساهم صناعة الطرق في اذكاء الروح الوطنية عبر استيعاب العمالة والاستثمار الوطنى. وعدد عبد الرحمن بعض الدول المشابهة لحالة السودان التى اهتمت بصناعة التشييد، منها مصر واثيوبيا وجنوب افريقيا، موضحاً ان اتحاد المقاولين السودانيين قام بدراسة اوضحت أن اغلبية الدول نهضت بالتشييد والاهتمام بالطرق، وناشد الحكومة ان تهتم بترقية وكفاءة المؤسسات التى تقوم بالعمل، وامن على توصية قيام ورشة صناعة الطرق نسبة لاهميتها، وقال إنها تحتاج الى عمل كبير، وهى ليست مهمة المقاول فقط، لذلك لا بد من وجود بيئة تؤدى الى النجاح، وذكر محمد عبد الرحمن ان المؤسسات التى تقوم بصناعة التشييد هي المخدم الاكبر بالدولة، مطالباً برفع مقدرة تلك المؤسسات، غير ان المؤسف هو ان الهيئة القومية للطرق والجسور وهي الذراع الرسمي مازالت حتى الآن محدودة التفاصيل.
ربط التمويل بالبترول
وانتقد المهندس محمد عبد الرحمن ربط التمويل بالبترول والدولار، مشيراً الى أن السبب وراء ذلك غياب الادارة الحكيمة، وقال لو كانت هنالك ادارة حكيمة لما برزت المخاطر التي ادت لتأخير العمل في طريق الانقاذ الغربي، وحمل ممثل اتحاد المقاولين الجهات التى تعمل فى هذا الطريق مسؤولية القصور، متمنياً قيام شراكة بين المقاولين والمؤسسات الحكومية المهتمة بصناعة التشييد، مبينا ان اتحاد المقاولين لديه شكاوى كثيرة عن ظلم واقع عليهم بسبب تغير الاسعار والسلع بصورة تترك غبناً وظلماً، مما يتطلب إجراء حوارات واستشارات بين الجهات المعنية، وأعلن ممثل اتحاد المقاولين عن قيام روشة لبحث قضايا صناعة الطرق بالتعاون مع الوزارة والجهات ذات الصلة.
مدير شركة صادق للطرق والجسور المهندس اسامة عبد الله، تحدث عن العقود، مبيناً ان العقود المعمول بها حالياً لتنفيذ الطرق بها مشكلات مما ادى الى خروج كثير من الشركات العاملة.
عدم اكتمال بعض التصاميم
النائب البرلمانى والامين العام للهيئة البرلمانية لنواب دارفور حامد عبد الله حماد، قال إن دراسات الطريق بدأت منذ عام 1947م، وظل اهل دارفور يدعمون إنشاء وتشييد هذا الطريق، حتى انهم شاركوا بالسكر في بادرة غير مسبوقة فى انشاء الطرق عالمياً، مما يدل على وطنية أهل دارفور، ومضى حماد الى قائلاً إنه بعد أن قدم الوزير بيانه فى المجلس وعلى إثر النقاش الذي دار تم تكوين لجنة بالمجلس الوطنى برئاسة رئيس لجنة النقل وعضوية عشرة اشخاص آخرين، وكان على اللجنة ان تطوف على كل مسارات الطريق والوقوف على حقائق الامر، ومن ثم اعداد تقرير للمجلس لاتخاذ ما يراه مناسباً، ومن ثم طافت اللجنة على كل قطاعات الطريق ووقفت على كثير من المشكلات، والتقت بالمقاولين ووزارة المالية لتستكمل كل المعلومات، وللامانة التاريخية فإنه غير العقود هنالك اشكالات على الواقع خاصة بالهيئة القومية للطرق والجسور، كما وقفت اللجنة على بعض المواقع. وكشف حامد عبد الله حماد عن عدم اكتمال بعض التصاميم والكباري حتى هذه اللحظة مثل كوبري مسوب ودمة، واضاف حامد قائلاً: عندما سألت اللجنة ممثل الهيئة عن التصاميم لم تجد اجابة حتى اليوم، وهذه قضية اساسية، واذا اردت ان تحاسب المقاول لا بد ان تكمل له تصميماته، مبينا ان اللجنة رفعت تقريرها للمجلس وتفاعلت مع ذلك كل عضوية المجلس وليس ابناء دارفور فقط، وبرز من هذا التداول توجه بأن يكون عام 2013م عام هذا الطريق، وان يخصص الجزء الاكبر من الميزانية الموضوعة لوزارة النقل هذا العام لطريق الانقاذ الغربى، مؤكداً وجود الارادة السياسية قائلا: «نحن بوصفنا نواب نمثل اهل دارفور ندرك وجود الارادة السياسية، خاصة ان الطريق كان من ضمن البرامج التى نزل بها المؤتمر الوطنى فى الانتخابات، ونحن تابعنا هذا الأمر بصورة دقيقة جداً، والملاحقات واللقاءت التى تمت كبيرة جداً، وسنظل نتابع الى حين اكتمال طريق الانقاذ الغربى بحكم مسؤوليتنا»، وبعد التقرير قام المجلس بتكوين لجنه عليا بغرض التنسيق، اذ وضح من المتابعة ان هنالك عدم تنسيق، ولا بد ان تكون هذه اللجنة بقيادة البرلمان ووزارة النقل والقوات المسلحة «للجانب الامنى» ووزارة المالية بهدف التنسيق بين جميع الجوانب، وضمان وجود التصاميم والسيولة وحقوق المقاولين وتسديدها فى الوقت المناسب.
وقال حمد إنه بعد بروز مشكلة فى الاسعار قال احد المقاولين انه يتعامل باسعار عام 2009م، ورفعوا تقريراً لوزارة النقل بأن تتم تسوية ومعالجة الموضوع، وهذه الجزئية محتاجة من وزارة النقل لمعالجة مع المقاولين. وفى ختام حديثه قال: «نريد ان يكتمل هذا الطريق باى شكل من هذه الاشكال، ونحن بصفتنا سودانيين لا بد أن نتعامل بمصداقية في ما نقول، سواء أكان ذلك من قبل وزارة او مقاول او ممول، وهذه الجزيئة يجب أن يتواصل فيها العمل»
المشكلة استراتيجية وليست مالية
محمد عيسى عليو الكاتب الصحافي المعروف واحد قيادات حزب الامة القومي، قال إن مشكلة طريق طريق الانقاذ الغربى ليست مادية ولا بسبب الافتقار الى الارادة السياسية، فالمشكلة الحقيقية فى تقديره استراتيجية وبرزت منذ الاستقلال، وقال إنه من المحتمل ان يكون هنالك سبب استراتيجي ادي الى عدم اكتمال الطريق الغربى، واضاف عليو قائلاً: «بكل وضوح لولا الوزير لما فتح هذا الموضوع بالبرلمان»، ووصف البرلمانيين بالمخدرين.
عدم إكمال الطريق يعني تهميش الغرب
عضو لجنة النقل بالبرلمان المهندس عماد الدين بشرى، تحدث بمرارة عن غياب الإرادة السياسية التى تصنع الارادة المالية، مبيناً ان التكلفة الكلية للطريق تبلغ «337» مليون دولار، وطريق نيالا الفاشر تكلفته «540» مليون دولار، موضحاً أن الدولة تصرف على مشروعات اقل اهمية، وعدم الاهتمام بالطريق يعتبر تهميشاً لأهل دارفور، ويبرز العديد من المشكلات والمفاهيم، وعاب على الهيئة تبديد الجهود.
رئيس تحرير «الصحافة» الأستاذ النور احمد النور، قال إن الطريق بات لغزاً، واسباب عدم إكماله تبدو غير واضحة، واصفاً سير العمل في الوقت الراهن بأنه بطيء وسلحفائي.
المحرر بصحيفة «الصحافة» عبد الله إسحاق انتقد الادعاءات التي تشير الى ان توقف سير العمل ببعض القطاعات كان بسبب الظروف الامنية، مطالبا الوزير بتحديد المناطق التي تواجه بعض المشكلات الامنية.
عدم إيفاء المالية بالسداد
وكيل وزارة النقل والطرق والجسور المهندس أحمد إبراهيم أحمد، قال إن طريق الانقاذ الغربى يبدأ من الابيض بطول 206 كيلومترت والعمل انجز فيه تماماً، أما قطاع النهود ـ أم كدادة فحسب النسب التى ذكرها الوزير فإن الأسلفت وصل إلى الكيلو 109، ونصف المسافة أُنجزت، اضافة الى الكبارى، والعمل متقدم رغم بروز بعض المشكلات، فقط الناحية المالية تحتاج الى وقفة.
وقال الوكيل إن عدم الالتزام بدفع الالتزامات انعكس سلباً على تأخر العمل، اذ كان من المفترض ان يكون المالك قد استلم الطريق، ولكن توقف القرض الصيني وعدم إيفاء وزارة المالية بالتسديد أثر على سير العمل، ونفى ابراهيم حدوث مشكلات ذكرت في العقود والتصاميم، قائلاً إن هنالك بعض المستجدات اثناء العمل ولكنها لا ترقى إلى أن تكون مشكلة.
المطلوب الإرادة المالية
المدير العام للإدارة القومية للطرق والجسور المهندس عمر عثمان، أكد وجود الارادة السياسية والشعبية لكن تنقصها الارادة المالية، وقال إنها اهم إرادة، لأن صناعة الطرق تحتاج الى المال، وهى من اصعب الصناعات، اذ تعتمد على التمويل المالى، والسبب الذى ادى الى توقف الشركات الصينية عن العمل هو أنها لم تستلم صرفياتها خلال الشهور الستة التى عملت فيها.