كتب: عماد الحلاوي
تمثل لنا الطوابي »المقابلة النيل« رمز صمود وعزة وبطولة ومفخرة، ورثناها من أجدادنا العظماء، أغلبنا يجهل أن بولاية الخرطوم وحدها »10« طوابي موجودة بـ »توتي الجنوبية، وتوتي الشمالية، والصبابي ــ حي الدباغة بأمدرمان ــ والموردة شمبات»إضافة إلى »4« طوابي بالسبلوقة، ويظن أن الطابية هي الوحيدة موجودة بالقرب من الإذاعة بأمدرمان، ورسخ لذلك لها الشاعر عبد الله محمد زين في قصيدته الشهيرة »أنا أم درمان«
تمثل لنا الطوابي »المقابلة النيل« رمز صمود وعزة وبطولة ومفخرة، ورثناها من أجدادنا العظماء، أغلبنا يجهل أن بولاية الخرطوم وحدها »10« طوابي موجودة بـ »توتي الجنوبية، وتوتي الشمالية، والصبابي ــ حي الدباغة بأمدرمان ــ والموردة شمبات»إضافة إلى »4« طوابي بالسبلوقة، ويظن أن الطابية هي الوحيدة موجودة بالقرب من الإذاعة بأمدرمان، ورسخ لذلك لها الشاعر عبد الله محمد زين في قصيدته الشهيرة »أنا أم درمان«
أنا الطابية المقابلة النيل
أنا العافية البشد الحيل
أنا القُبة البتضوي الليل
تهدي الناس سلام وأمان
الطابية »موقع حصين« راسخة في أذهاننا ببنائها الطيني العتيق، كان يحتمي به قناصة جيش المهدي ومدفعيته لصد أي هجوم يأتي من جهة النيل.
بالرغم من إطلاق اسم الطابية على الكثير من الأحياء بالمدن العربية مثل القاهرة وتونس وغيرها، إلا أن السودانيين لم يطلقوا هذا الاسم على أي من أحياء الخرطوم.
دفاعات آمنة
ويقول الباحث في التراث المهدي، صديق مساعد إن الطوابي لعبت دوراً مهماً في العمليات الحربية إبان الثورة المهدية لأنها تمثل ركيزة دفاع مهمة زائداً إلى أنها يمكن أن تحشد بالجنود وتشكل لهم ملاذاً آمناً لمراقبة حركة العدو أو التعامل معه من وراء الطابية بالنيران، لا سيما في المعارك التي خاضتها قوات الثورة والعدو كان خلف استحكاماته مثل معركة تحرير الأبيض الأولى وحصار وتحرير الخرطوم ومعركة تحرير أمدرمان ومحاصرة سنار أيضاً حاربت قوات الثورة في بعض المعارك وهي خلف دفاعات مثل معركة القلابات.
ويرجع مساعد الاهتمام بالطوابي والحصون في الفترة الأخيرة من عمر الدولة المهدية نسبة لأن العدو كان يسير بالبر والبحر فكان لابد من وجود طوابي على شواطئ النيل لدحره.
ويشير إلى أن الطوابي والاهتمام بإعمارها وصيانتها من القضايا التي أولاها الأمير يعقوب اهتماماً كبيراً لأن تشييدها وإعدادها كان يحتاج إلى أهل خبرة ودراية وتوفير إمكانات لأهميتها، فلقد ظلت واقفة إلى يومنا هذا رغم الأسلحة الفتاكة التي صبت نيرانها عليها، ولقد كان الاهتمام ببناء الطوابي والاستحكامات عند شلال »خانق« السبلوقة لأن التفكير في البداية كان بأنها سوف تكون نقطة المقاومة وأرض المعركة.
وبالسبلوقة أربع طوابي ثلاث بالغرب وواحدة بالشرق، ومازالت بقايا إحداهما ترى على الضفة اليسرى لنهر النيل.
ويشير الباحث صديق المساعد إلى أن أي طابية بها جناحان طول الواحد منها »15« مترًا وعرضه »2« مترًا وارتفاعه »2« ونصف متر، وبكل جناح مزقال »فتحة« مدفع واحد وباقي كل جناح فتحات فيه مزاقيل للسلاح .
وقضية الطوابي ونقاط المراقبة والمراصد كانت محل اهتمام خليفة المهدي أيضاً فكانت هناك تقارير ترفع له حول الطوابي واحتياجاتها، وصورة من التقارير ترفع إلى الأمير يعقوب.
ويقول مساعد إن معركة بناء الطوابي كانت في سباق مع عنصر الزمن لا سيما طوابي الخرطوم لأن الوقت فيما يبدو كان قصيراً أو السقف الزمني الذي حدد لإتمام البناء كان غير كافٍ، وكان جهد بناء الطوابي يقوم في معظمه بجهد الأهالي مثل أهالي البراري والرميلة والقوز والجريفات، يبدو لقربهم من مجاري النهرين.
أول طابية
ولم ينحصر بناء الطوابي على أمدرمان وحدها في المهدية ،وأول الطوابي التي بنيت كانت في منطقة فركة حيث امر بتشيدها الأمير عثمان أزرق لصد قوات الغزو الإنجليزي المصري ، وأما الأمير محمد ود بشارة فقد أمر ببناء ثلاث طوابي في الحفير كان لها الفضل في إعاقة تحرك جيش السر دار كتشنر الذي لم يتمكن من التفوق إلا بصعوبة بالغة بمساعدة المدفعية الضاربة لأسطول النهر، كان ذلك في عام 1896م .
وبنى الأمير يونس ود الدكيم لاحقاً طوابي في كل من جبرة، وصحراء بيوضة والمتمة على ضفة نهر النيل،
وكان للطوابي التي يحارب من خلفها الجنود ويصدون الأعداء لاسيما في الحصار الذي يضرب حول المدن، دور مهم لكن قد حدث تطور في ترسانة سلاح القوى الاستعمارية لا سيما في سلاح المدفعية الذي كان له الأثر الكبير في دك كثير من التحصينات التي شيّدها الأنصار بالقرب من النهر.