الرئيسية » » أثر القرارات الاقتصادية على قطاع التشييد فى السودان

أثر القرارات الاقتصادية على قطاع التشييد فى السودان

Written By Admin on الجمعة، يوليو 13، 2012 | 11:29 م

بقلم م. مجاهد بلال طه
Mogahid_b@hotmail.com

لم يعد هناك أحدٌ يبيع شيئا .. فكل تاجرٍ أو شركةٍ أو مؤسسة تنتظر و تترقب .. و ان كان هناك من سعر لسلعةٍ عامة أو خاصة بقطاع البناء و التشييد فعادة ما تتبعها عبارة (ده سعر الليلة) .. أى .. غداً سعر جديد .. و جديد هذه غير دقيقة .. بل الأصح هو .. غداً سعرٌ أغلى. و لكن القرارات الاقتصادية تم اعلانها قبل أكثر من شهر .. فماذا ينتظر هؤلاء .. و لماذا تزيد الاسعار يومياً؟!.

من قديم .. يعد قطاع البناء و التشييد خارج حسابات الحكومة اليومية .. فهو ليس من الموضوعات الساخنة التى تلسع أياً من أطراف الدولة الملتهبة أصلاً. فسلعة مثل السكر مثلا ذات حساسية عالية لدى الدولة لاترباطها المباشر بمعاش الناس .. أما حديد التسليح و الاسمنت البورتلاندى فهى سلع لمن استطاع اليها سبيلا. و هذا وضع جعل ذلك القطاع فى حالة عدم استقرار مستمر حتى فى أحسن حالات الاستقرار السياسى و الاقتصادى .. فمجرد تاخر باخرة فى الماضى القريب جدير بان يضاعف سعر سلعة الاسمنت البورتلاندى حتى قبل ان يتم تاكيد صحة الخبر .. و الى ذلك .. يكون استمرار عدم استقرار سوق مواد البناء و التشييد هو أولى التأثيرات السالبة .. لان عدم الاستقرار ههنا ليس كسلعة السكر يمكن للمواطن أن يتجاهلها لانه لا يملك ثمنها و يشتريها بعد حين .. عدم الاستقرار مرتبط بعقود مرتبطة بآجال و حسابات و أموال ضخمة.

و تبرز ههنا ثانى التأثيرات .. اذ بالاضافة لوصول الاسعار لارقام اقرب الى المذاح .. لا تحتمل عقود التشييد ذلك المذاح مهما كان صادقاً .. فالمقاول ليس صندوق تكافلى بل مؤسسة تعمل لتربح .. فيكون أول قرار يتخذه .. (و قد تم اتخاذه 
بالفعل) .. هو ايقاف المشروعات التى تتاثر بذلك الامر .. أى كلها.

و نصل هنا لثالث التأثيرات .. اذ توقف المشروع كما سبق ذكره ليس كتوقف المواطن عن شراء سلعة (بالرغم من أهميتها) .. فالتوقف ههنا له تكلفة باهظة جداً تتمثل فى تسريح العمال و المهندسين و رفد الشارع بمزيد من العطالة .. يتبع ذلك الامر مطالبات فى بالزيادة فى الاسعار بنسب مرهقة للخطط و الارقام التى بنيت على أساسها استراتيجيات المشروع .. و يمر ذلك عبر اجراءات مضنية لفض النزاعات تستغرق وقتا طويلاً.

و رابعة التاثيرات تكون فى مسألة الوقت .. اذ الدولة صريحة فى عدم وجود هذا الامر على أولوياتها .. فمن استطاع ان يبنى فليفعل .. على الاقل فى ظل الوضع الراهن .. و ذلك صحيح فى ظل استقرار .. و معلومة هامة فى ان توقف أى مشروع يعنى خسارة للمالك و المقاول و الاستشارى .. و يطول الامر قبل ان يتم احقاق الحق لاصحابه .. فماذا اذا توقفت جميع المشاريع .. فماذا اذا علمنا بان سوق المقاولات السودانى ذو راس مال ضعيف أصلاً تؤثر عليه نسمة صغيرة فى مشروع واحد .. فكيف بزلزال يستمر لأشهر تزيد فيه الاسعار بصورة يومية بدون مبرر او ضابط او ميزان.

حسنا .. الخلاصة خروج قطاع كبير من شركات المقاولات من هذا السوق .. و من خرج منهم سليماً ببدنه فقد فاز .. ينعكس ذلك فى شكل ركود عام فى سوق مواد البناء و التشييد .. و جدير بالعلم أن سلعة الاسمنت قد تم افتتاح خمسة مصانع لها فى السنتين الماضيتين برأس مال متوسط للواحد 250 مليون دولار ينتظر أصحابها ريعها و هى تنتج الآن باقل من ربع طاقتها لعدم وجود سوق اولاً و لمشاكل أخرى يطول شرحها .. و تلك دنيا قائمة بمشاكلها.

أنا لا أعلم النهايات .. فذلك لدى رب كريم .. و لعله يدخر لنا خيرا .. لكن المشاهد دامية .. و هذا رأى و اجتهاد .. و لربما أتناول الأمر فى دراسة بحثية محكمة ان شاء الله لتعم الفائدة.



شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger