الرئيسية » » البيت النوبي .. عالم فريد من الجمال والأصالة (نظرة معمارية)

البيت النوبي .. عالم فريد من الجمال والأصالة (نظرة معمارية)

Written By Amged Osman on السبت، مارس 31، 2012 | 7:17 م

شبكة محيط

يستعد المهندس عماد فريد لتقديم بحث حول "العمارة التقليدية بالنوبة" ضمن المؤتمر القومي لآثار وتراث وثقافة النوبة بالقاهرة نهاية مارس الجاري . ويشير البحث إلى أن الحضارة النوبية قديمة فهي تمتد جذورها للعصور الفرعونية، وقد شهدت الحضارة النوبية تراكمات وخبرات وتبادلات مع مفردات وأساليب حياة المصريين على طول ضفاف النيل ، فيما يعبر عن تداخل الثقافات المصرية وخاصة داخل المجتمع النوبي . وأكدت ذلك الآثار الإسلامية والمسيحية بمنطقة النوبة .


أما الباحث عماد فهو الحائز جائزة حسن فتحي للعمارة المقدمة من مكتبة الإسكندرية لعام 2011 وجائزة الدولة التشجيعية فى العمارة البيئية لعام 2005 وجائزة الأمم المتحدة للتنمية لعام 2002 وصاحب مشروع قرية الجبل الأبيض بسيوة وتطوير جبل الدكرور بسيوه وشارك فى ترميم العيون الرومانية لسيوه . 

الثقافة النوبية 

تشير الدراسة إلى أن الجمال الذى كان يميز النوبة ليس فقط فى المعابد الفرعونية التى كانت منتشرة على ضفتى النهر ولكن فى القرى النوبية الجميلة المتراصة على ضفتى النهر؛ حيث كانت تعكس شخصية الإنسان النوبى المعتز بذاته . ويدل تسجيل النوبيين هجرتهم للمدن المصرية الكبرى وتجاهل ما لاقوه من مخالفات وجرائم بحقهم لهو دليل على سماحة ذلك المجتمع . وفي النوبة ازدهر الفن وبخاصة العمارة الرائعة ولكن بعد مشروع السد العالي تعرضت قرى كثيرة للزوال ، وكان الاهتمام العالمي بحماية آثار النوبة الفرعونية وغيرها وتسجيل ما يمكن تسجيله ضمن التراث الإنساني النادر ومن هنا بدأ العالم يعرف البيت النوبي .


وحملت قرى النوبة الجديدة بعد التهجير خصائص معمارية فريدة مشابهة لسمات البيت النوبي القديم. ويوضح المهندس عماد فريد أن هناك عوامل ساهمت فى تصميم البيت النوبى ومنها عامل المناخ والطبوغرافيا والاحتياجات الاقتصادية والبناء الاجتماعى . وقد تم رصد بعض البيوت النوبية فى المنطقة الجنوبية قبل غرقها تحت مياه بحيرة ناصر والتى بنيت فى العشرينات بعد بناء خزان اسوان .

وتتميز هذه المنازل بكبر حجم المنزل وتوافر العمال المهرة من البنائين والنجارين . وكانت المنازل كلها مواجهة لنهر النيل وانعكس الرخاء الاقتصادى على شكل ومساحة المنازل المبنية وقد تعرضت المنطقة الشمالية (الكنوز) لفيضان النيل أثر بناء خزان أسوان ولم يتبق من المنطقة الشاسعة التى كانت تضم المزارع وأشجار النخيل سوى شريط صخرى ضيق بين النيل والجبال .


وقد اضطر الأهالى فى ظل ظروف صعبة إلى نقل منازلهم بعيدا عن النهر عدة مرات وعلى مستويات شديد الانحدار مما استلزم تصميمات جديدة لموائمه انحدارات الضفاف بمحاذاة نهر النيل وقد سمح هذا بهجرات عديدة من أبناء المنطقة إلى العمل فى العديد من المدن المصرية 


وأدى بناء سد أسوان إلى عدم توافر الأخشاب فى المنطقة الشمالية فأثر ذلك فى عمارة البيت النوبى وتم استخدام أقبية من الطين مما أحدث تغييراً شاملاً فى الشكل المعمارى لقرى الشمال وقد أحدث هذا العمل التعاون الشديد بين سكان المنطقة الشمالية والبنائين المهرة من قرية المحاميد فى مثل هذا النوع من البناء ، أما فى المناطق الجنوبية حيث توافرت سبل الزراعة فقد كانت الأخشاب متوفرة فبنيت البيوت بأسقف مسطحة وكذلك قلة الطمى فى المناطق الشمالية دفعت الأهالى لاستخدام الأحجار فى بناء الحوائط وإن حل استخدام الطمى فى عمليه البياض الخارجى وتزيين الحوائط والمداخل المختلفة 


وصف البيت النوبى 

يضيف عماد فريد بأن الأقبية تأتى على رأس قائمة النماذج التقليدية للمعمار النوبى وقد تأثر هذا النظام بالنموذج المصرى طوال العصر الفرعونى وانتشر البناء بالأسقف المستوية وإن عاد للظهور مره أخرى .


وهناك نوعان شائعان من المنازل فى النوبة المصرية منها منازل المنطقة الجنوبية وهى منازل مكعبة الشكل مشيده من الطوب وأسقف مسطحة من خشب وجريد النخيل والنوع الثانى فى المنطقة الشمالية من أقبية من الطوب وتم خلط الطمى بالقش لتخفيف وزنه ولضمان تماسكه .


وكان يتم البناء بدون سقالات ولكن بطريق بسيطة غاية فى العبقرية وبصفة عامة كانت المنازل سواء فى الضفة الغربية أو الشرقية يتم بناؤها موازية لضفاف النهر ، وكانت تتميز بالشكل المربع بداخله فناء مستطيل مفتوح يستخدم كحجرة اتصال رئيسية وتحيط بها حجرات متراصة تقترب أو تبتعد حسب أهميتها . وكانت هناك حجرة نوافذها على الشارع تستخدم لاستقبال الضيوف لتتيح الخصوصية لأهل المنزل لعمل علاقة وثيقة مع ضفة النهر


المنزل وحدة اقتصادية 

يحتوي المنزل النوبي حجرات مستقلة للتخزين والمطبخ والمعيشة فى الجانب الشرقى للمنزل وبالجانب الجنوبى لمدخل المنزل توجد صالة شبه مغطاة تطل على فناء المنزل وتقع فى مهب الرياح الشمالية والحجرات المثيلة التى تتجه مداخلها نحو الغرب عبارة عن ساحة جلوس مظللة ومفتوحة وكانت تستخدم للنوم فى المواسم الحارة وبالجهة الشمالية للمنزل كانت تقع مجموعة حجرات مستقلة تتكون من الفناء وحجره كبيره مفتوحة تسمى (الديوان أو حجرة العروس) ومخزن صغير ومطبخ ودورة مياه ويتم الوصول إليها من خلال مدخل خاص غير مرئى .


وكان دائما هناك حرص على إقامة العديد من المصاطب الخارجية أمام مداخل المنزل حيث يتم عقد لقاءات للجيران وللمسافر وبصفة عامة لقد كان هناك العديد من الأنشطة الحياتية تتم فى داخل المنزل (زراعة احتياجات المنزل) مخزن ، مكان لتربية الحيوانات ، مكان لبعض الصناعات التقليدية وكذلك بعض الصناعات التى يحتاجها المنزل وكانت أرضية الفناء من المنزل تترك فى وضعها الطبيعى سواء كانت الأرضية رملية أو تربة طبيعية .

أما الحجرات المغطاة فكانت الأرضية مكسوة بالطين ويرش فوقها الرمل الناعم ويتم كنسه كل فترة ورش طبقة رمل جديدة وللنوبة أسلوب متميز فى طلاء الجدران وفى تنفيذ النقوش البارزة فى الطين مما يعكس ثقافة حياتية مميزة تعكس إحساس رائع بالحياة والنيل والأشجار له خصوصية لامثيل لها .
شارك هذا المقال :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2011. سوداكون - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website
Proudly powered by Blogger