مياه الصرف الصحي تهدد مواطني الخرطوم

 أكرم عبد الكريم

 المحرر -  9 كانون الثاني (يناير) 2012

يشكو مواطنو ولاية الخرطوم بين الفينة والاخرى من الانفجار المتواصل لشبكات المياه في الولاية، لا يمر يوم والثاني الا وتجد شوارع الولاية تغمرها المياه، فالمشكلة ان هذه المياه في الغالب هي مياه للصرف الصحي والنتيجة المباشرة انبعاث الروائح الكرهية التي تؤذي المواطنين، وفي هذه الايام تكررت هذه الظاهرة في اكثر من منطقة خاصة منطقة وسط السوق العربي الخرطوم، فالخطورة في الامر ان هذه المنطقة فيها المراكز التجارية وتعرض الاطعمة بصورة غير صحية مما يعرضها للتلوث، والامر الاخر ان المياه الراكضة تسبب الامراض لقاطني هذه المناطق، فالامر كما يقول المواطنون يحتاج الى وقفة من قبل الجهات المختصة.

وردت الى بريد صفحة هموم وقضايا رسالة من محمد عمر محمد الحاج صاحب مكتبة بالسوق العربي، وفي رسالته قال ان مشكلة انفجار شبكات المياه من المشاكل الكبيرة التي باتت تؤرق كل من يعمل او يسكن في المنطقة، فالمشكلة ليست وليدة اليوم بل هي مشكلة متكررة تحدث في كل شهر وحتى المعالجات التي تتم من قبل الجهات المختصة لا تعالج المشكلة، فالمواطنون في هذه المنطقة اصبحوا يعيشون اوضاعا ماساوية نتيجة لتكرار الازمة.

واضاف محمد عمر ان المشكلة الحقيقية والمعضلة الكبرى التي نعاني منها خاصة في هذه الايام هو انفجار مياه الصرف الصحي وانتشارها وسط الخرطوم، هذه المشكلة جاءت نتجة لانتشار ظاهرة (الحمامات) من قبل بعض الجهات من غير دراسة تحدد مسارات الصرف الصحي لهذه الحمامات، ونتيجة لذلك فان اصحاب المحلات التجارية تضرروا من هذه المشكلة لان المحلات لا تستطيع فتح ابوابها في ظل وجود الروائح الكرهية التي تنفر على حد قوله المشترين.

وقال محمد الحاج كونت لجنة من عدد من اصحاب المحلات التجارية وتراسها أصحاب صيدلية وقابلنا الجهات المختصة وطرحنا عليهم المشكلة ووعدوا بحلها حل جذري لكنها لم تحل حتى الان، كل ما قامت به هذه الجهات بعمل تنظيق لمجاري الصرف الصحي وذهبت، فعادت الازمة والمشكلة مرة اخرى الى عهدها الاول، لذلك نحن نناشد كافة الجهات المختصة في الدولة والقائمين على امر المياه ممثلة في هئية مياه ولاية الخرطوم ومحلية الخرطوم بالتدخل لحل الازمة.      

نتيجة لرسالة محمد عمر محمد الحاج قامت الصحيفة بجولة حول منطقة السوق العربي خاصة منطقة الاستاذ، وخلال جولتنا استطلعنا عدد من اصحاب المحلات حول هذه المشكلة، فقد قال د. محمد الانور جاد السيد صاحب صيدلية ان مشكلة الصرف الصحي مشكلة معقدة وكبيرة تحتاج الى وقفة ومجهودات من قبل الدولة، فالمشكلة لها اثارها الصحية على حياة المواطنين في المنطقة، واشار الانور ان مشكلة الصرف في منطقة السوق العربي بدات منذ فترة طويلة نتيجة لاهمال السلطات وعدم الاهتمام بالصرف الصحي.

واشار دكتور الانور ان منطقة وسط الخرطوم ومنطقة الاستاد خاصة من المناطق التي تحتاج الى حلول ومعالجة جذرية فالسبب يعود الى ان المنطقة تعرض بها الاطعمة نتيجة لوجود عدد كبير من الكفتريات ومحلات بيع المشروبات، هذه الاطعمة يمكن ان تتعرض للتلوث ويصاب بذلك المواطن بالامراض، واردف كونت عدد من اللجان لحل هذه الازمة الا انها فشلت كافة في التوصل مع الجهات المختصة الى حلول، لذلك نطالب كافة الجهات على اعلى مستوى في الدولة التدخل لحل هذه المشكلة.     

وتحدثت الصحيفة مع عدد من اصحاب الكفتريات واصحاب محلات بيع العصائر فقد اجمعوا على ان المشكلة باتت تسبب لهم خسائر كبيرة لان المواطنين اصبحوا لا يدخلون الى المحلات نتيجة لتوقف المياه امام محلاتهم، الامر الاخر هو انهم لايستطيعون عرض الاطعمة نتيجة لهذه المشكلة، مشيرين الى انهم قاموا بتبليغ السلطات بهذه المشكلة الا انها لاتزال قائمة، مناشدين الجهات المختصة بالتدخل الفوري لمعالجة الازمة في اسرع وقت حتى لا تزيد الخسائر وتتفشى الامراض.

تحدث الى الصحيفة عدد من الخبراء حول المشكلة اتفق جميعهم ان العشرة اعوام السابقة حدثت زيادة مضطردة في عدد السكان ولم يكن هناك تخطيط كافي لاستقبال هذا العدد الهائل، والاهم من ذلك انه لم ترصد الميزانيات الكافية لعمل شبكة الصرف الصحي أو حتى تصان الشبكات القدمية، لذلك الخرطوم تواجه ازمة من مياه الصرف الصحي اذا لم تعالج سيكون لها أثراً سالباً يؤثر على كل المواطنين في المنطقة

ويرى الخبراء ان توفير التمويل اللازم أو توفير ضمانات لمستثمرين من الخارج بالاضافة الى تطور القدرات السودانية على المستوى الاستشاري والتنفيذي لاخذ دور الريادة في معالجة هذه الازمة هو الحل الامثل لهذه المشكلة، ويشير اخرون الى ان معالجة مياه الصرف الصحي تستلزم انشاء مشروعات تستقبل المياه المعالجة ولا بد ان تنشأ بالتوازي مع الشبكة ولن يحدث اي تطور في مدينة الخرطوم بدون ايجاد حل لمشكلة الصرف الصحي وعموم المشاكل البيئية التي تهدد العاصمة خاصة.

خلال الجولة نستطيع ان نؤكد ان المشكلة حقيقية تحتاج الى حلول فورية وعاجلة، وخلال الجولة شاهدت الصحيفة المياه المتدفقة في الطرق تنبعث منها الروائح الكريهة التي تمنعك من التجول داخل السوق، والامر الاخر هو تكدس الاوساخ داخل اماكن الصرف الصحي بصورة قد تؤدي الى توالد الذباب والبعوض، فالمشكلة في حقيقية الامر تتطلب تضافر كافة الجهود من قبل الجهات المختصة لمعالجة المشكلة.